عقب المؤتمر الثالث للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية
د/ فوزية العشماوي أستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية بجامعة جينيف فى حوار خاص
** تطوير الخطاب الديني لن يتحقق إلا بمشاركة المرأة والمرأة فى الغرب تتمتع بحقوق أفضل منها فى العالم العربي .
** المؤتمرات التي ينظمها المجلس الأعلى للشئون الإسلامية تفتقد مشاركة الإعلام الغربي فى تلك المؤتمرات .
شهدت الأيام الماضية انعقاد الدورة الثلاثين لمؤتمر المجلس الأعلى للشئون الإسلامية والذي ركز جلساته على مفهوم بناء الدولة فى الإسلام فى ضوء الغيمة التي تتعرض لها الدول العربية والإسلامية من جانب التنظيمات الإرهابية والمتطرفة والتي اتخذت وسائل عديدة لهدم تلك الدول سواء من خلال العمليات الإرهابية أو من خلال وسائل التواصل الاجتماعي وعلى هامش جلسات هذا المؤتمر كان لنا هذا الحوار مع د/ فوزية العشماوي أستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية بجامعة جينيف .
– كيف ترى صورة الإسلام فى الغرب فى ضوء العمليات الإرهابية التي تقوم بها التنظيمات المتطرفة وعلى رأسها تنظيم داعش ؟
للأسف لقد شوهت تلك التنظيمات صورة الإسلام والمسلمين وقد انعكس هذا على تعامل المجتمعات الغربية معنا ففي الماضي كان يتم دعوتنا للمؤتمرات التي ينظمها رؤساء الكنائس والهيئات الدينية المسيحية وكنا ننظم مؤتمرات للحوار بين الأديان ولكن بعد العمليات الإرهابية التى قامت بها داعش تراجعوا عن تلك الدعوات لأنهم صدقوا البيانات التي تصدرها داعش حتى أن الإعلام الغربي أصبح لا يردد إسم داعش بل إسم الدولة الإسلامية رغم أنهم لا ينطبق عليهم مفهوم الدولة والتي تتطلب أرضا ثابتة ولها شعب يدين بأفكارها وكان يجب على الدول الإسلامية تشكيل هيئة موحدة للرد على الإفتراءات التى تروجها داعش وفى هذا الإطار كان هناك مبادرة طيبة أسسها الشيخ على راشد النعيمي رئيس جامعة الإمارات لإنشاء المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة لتوحيد كلمة المسلمين فى أوروبا والذين يبلغ عددهم 15 مليون مسلم فى مواجهة داعش .
– وهل هناك تنسيق بين المؤسسات الإسلامية فى أوروبا للرد على تلك الإفتراءات ؟
كنا نعمل مع د/ محمد البشاري وهو رئيس بلدية المسلمين فى فرنسا لعمل اتحاد للمسلمين فى أوروبا يضم أعضاء من فرنسا وألمانيا والسويد وسويسرا والنمسا وإيطاليا وعملنا بالفعل عدة أعوام حيث كان يتم تمويلنا من الأسيسكو فى المغرب وجمعية الدعوة الإسلامية فى طرابلس بليبيا إلا أن التمويل انقطع فتوقف عملنا كما يوجد لدينا تمثيل فى البرلمان الأوروبي حيث نعقد ندوات ومؤتمرات فى العواصم الأوروبية لتصحيح الصورة التى خلفتها داعش .
– وهل ترى أن الأمر يتطلب تطوير الخطاب الديني بما يتلائم مع تفكير الأوروبيين ؟
أنا دائما أردد فى كل اجتماع ومؤتمر أنه طالما أن هناك تهميش للمرأة ومشاركتها فى تطوير الخطاب الديني فسوف يظل هذا الخطاب كما هو فعلى سبيل المثال مؤتمر اليوم يحضره سبعون رجل وإمرأة واحدة وهو أنا وهذا يتناقض مع ما يدعو إليه الإسلام ويطبق فى أوروبا وعلى سبيل المثال سويسرا التي أعيش بها يحكمها 7 أشخاص يتولى كل شخص من هؤلاء السبعة رئاسة الجمهورية ويوجد من ضمن هؤلاء السبعة أربعة سيدات أي أن هناك ديموقراطية حقيقية ومساواة بين الرجال والنساء وهذا النظام أتاح لسويسرا أن تكون دولة متقدمة رغم أنه لايوجد لديها موارد كما أن أموال العالم تتمركز فى بنوكها لوجود استقرار بها وهناك سيدات فى البرلمان السويسري يذهبن وهن حاملات أولادهن وهذا يعني أن الأمومة لا تتعارض أبدا مع العمل السياسي .
– ولكن هناك اتهام من الغرب للإسلام بمنع المرأة من العمل بصورة عامة والمناصب بصفة خاصة فما ردك على ذلك ؟
الإسلام كفل حق العمل للمرأة عند الحاجة بشرط أن يتناسب مع طبيعتها ومدى احتياجها لهذا العمل وأن لا يؤثر ذلك على رسالتها فى رعاية زوجها وأولادها وبالنسبة للمناصب فلقد تقلدت السيدة الشفاء بنت عبدالله منصب أول وزير فى الإسلام حيث تميزت بالحكمة ورجاجة العقل حتى أن رسولنا الكريم جعلها تعلم السيدة حفصه وبعد ذلك اختارها الخليفة عمر بن الخطاب لولاية الحسبه أي ما يشبه وزارة التجارة اليوم فضلا عن ذلك فإن الإسلام كرم المرأة وأعطاها حقوق لا تتمتع بها المرأة فى الغرب مثل احتفاظ المرأة باسمها واسم أبيها وعائلتها بعد الزواج وكذلك حقها فى الميراث على حسب درجة قرابتها من المتوفي .
– وهل ترين أن هناك قصور من جانب المؤسسات الدينية والإعلام تجاه الحملة التي تشن ضد الإسلام ؟
لابد أن نواجه الحملة التي تشن ضدنها بنفس الاسلوب من خلال عمل أفلام وثائقية ومؤتمرات لتوضيح صورة الإسلام كما أن المؤتمرات التى تنظم لا يدعى إليها الإعلام الغربي وكان يجب علينا أن نخصص نسبة من وسائل الإعلام الغربي لتغطية تلك المؤتمرات حتى يعرف الغرب كيف نفكر .
– وهل يتطلب الأمر عقد مؤتمر لتوحيد الفتوى فى الدول الإسلامية خاصة بالنسبة للقضايا الهامة ؟
للأسف كان هناك فى الماضي مجلس الإفتاء الأوروبي برئاسة الشيخ يوسف القرضاوي وكانت قطر تموله ولكن الدول العربية الأن تقاطع قطر مما أدى الى توقفه وكان يجب أن يحل محله مجلس أخر وأن يكون لنا مجلس فى كل بلد أوروبي لأن ظروف كل بلد تختلف عن الأخر وعلى سبيل المثال فلقد كان للإمام الشافعي فقه فى العراق ولكن عندما جاء الى مصر كان له فقه أخر نتيجة لاختلاف ظروف البلدين فلماذا لا نقتدي به لأن الفقه الذي كان معمول به منذ قرون ربما لا يتناسب مع الواقع الحالي ؟
– تواجه الدول العربية والأسلامية من جانب الجماعات المتطرفة عبر وسائل التواصل الاجتماعي حربا فيما يسمى حروب الجيل الرابع فكيف يمكن مواجهة هذا النوع من الحروب ؟
نحن أيضا يمكن أن نستخدم تلك الوسائل لترسيخ مفهوم الدولة وتقويتها .
– وما هى رؤيتك فى كيفية تفعيل الحوار الاسلامي المسيحي ؟
عدم نجاح مؤتمرات الحوار الاسلامي المسيحي راجع فى المقام الأول الى أن المسلمين يذهبون الى تلك المؤتمرات للتأثير على عقيدة الأخر وهذا خطأ فلابد من أن نركز فى تلك المؤتمرات على القيم المشتركة التي تجمع بيننا وليس فيما يفرقنا .
– فى النهاية ماهو تقييمكم للمؤتمرات التي تعقدها المؤسسات الدينية فى مصر ؟
المؤتمرات التى تعقد هنا هى عبارة عن حوار بين مسلم ومسلم وأتذكر أن المؤتمر العاشر والحادي عشر والثاني عشر كانوا فى حضور البابا شنوده ثم البابا تواضروس فلابد أن يكون هناك تواجد للأخر فى تلك المؤتمرات كما يجب تفعيل القرارات التي تتخذ حتى لا تظل حبر على ورق .
حاورها / مصطفى عماره
إرسال التعليق