جريمة غزة والصمت العربي
لم تكن الجرائم التي ارتكبتها اسرائيل في عدوانها الأخير محض مصادفة بل هي انعكاس طبيعي لحالة الصمت العربي والذي وصل لحد التواطئ مع الكيان الصهيوني بالزيارات المتكررة لوفود عربية خليجية الى هذا الكيان وإزاء هذا الصمت العربي فإن جريمة إسرائيل سوف تتكرر إن لم يفيق العالم العربي من غفوته للتصدي للمؤامرات التي تحاك ضده والتي تهدد كيانه ذاته ولم يقتصر التواطئ العربي على فلسطين فقط بل أن هذا التواطئ يندرج فى إطار مسلسل مواقف سابقة بدأت بحرب الخليج عندما استعان العرب بقوات أجنبية لضرب العراق وكانت النهاية أن احتلت أمريكا العراق وسلمتها بعد ذلك لإيران التي أصبحت شوكة فى الجسد العربي ووسيلة تستخدمها الولايات المتحدة لإبتزاز العرب ونهب ثرواتهم ورغم كل ذلك فلم يتعلم العرب الدرس جيدا وأصدرت الجامعة العربية قرارا هو الأول من نوعه بالاستعانة بطائرات حلف الأطلنطي لضرب ليبيا وكان نتيجة ذلك أن غرقت ليبيا فى دوامة الفوضى وسيطرت عليها جماعات إرهابية تحركها قوى إقليمية ودولية لتهديد الأمن القومي العربي وإشاعة الفوضى فيه ورغم خلافنا مع النظام السوري الذي ارتمى فى أحضان إيران إلا أن دول خليجية دعمت جماعات إرهابية فى سوريا وهو ما أعطى ذريعة لدول إقليمية ودولية بالتدخل العسكري فى سوريا والتي أصبحت ساحة لصراع تلك القوى لاقتسام النفوذ وكانت الطامة الكبرى عندما أقدم الإرهابي ترامب على نقل السفارة الأمريكية للقدس ولأن القدس لها وضعية خاصة في قلب المسلمين فكان أولى بالحكومات العربية على أقل تقدير أن تسحب سفرائها من الولايات المتحدة أو تجميد التعامل الاقتصادي معها ولكن مر القرار مرور الكرام وكأن القدس لا تعني العرب والمسلمين بل بالعكس منحت الدول الخليجية مليارات الدولارات للولايات المتحدة لضرب إيران رغم أن كل الأحداث تؤكد أننا أمام اتفاقية سايكس ديكو الجديدة بين الولايات المتحدة وإسرائيل وإيران لاقتسام العالم العربي وأنه ليس مستبعدا أن تضحي الولايات المتحدة بالأنظمة العربية الحليفة معها من أجل مصالحها ولاشك أن الثورات المندلعة فى أنحاء متفرقة من الوطن العربي ما هي إلا انعكاس طبيعي جراء حالة الاحتقان التي تعيشها الشعوب العربية من فساد حكامها وعمالتهم وإذا لم تراجع الأنظمة العربية نفسها وتعيد ترتيب أوراقها فسوف يعيش العالم العربي حالة أسوأ من الفوضى يمكن أن يستغلها أعداء العرب والمسلمين لإشاعة الفوضي بصورة أكبر وتقسيم المقسم وعندئذ لن ينفع الندم ولن تجدي الدموع
إرسال التعليق