صفقة القرن والتخاذل العربي
صفقة القرن والتخاذل العربي
لم يكن إعلان الرئيس الأمريكي ترامب عن صفقة القرن في هذا التوقيت محض مفاجأة فلقد أقدم الرئيس الأمريكي على هذا الإعلان بعد أن تأكد من تخاذل الأنظمة العربية بل تواطئها حتى تضمن حماية السيد الأمريكي لعروش تلك الأنظمة وحكامها ولقد عبرت تلك الأنظمة بالمواقف عن هذا التواطؤ والتخاذل فلم يصدر أي رد فعل حقيقي بعد إعلان الرئيس الأمريكي نقل السفارة الأمريكية إلى القدس وكأننا ننتظر على أقل تقدير أن تبادر الأنظمة العربية بسحب سفرائها من الولايات المتحدة على أقل تقدير احتجاجا على هذا القرار ولكن ذلك لم يحدث بل ما حدث عكس ذلك تماما فلقد عُقدت ورشة البحرين والتي كرست تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني ثم قامت وفود خليجية بزيارات لهذا الكيان وأبرمت كل من الأردن ومصر صفقات لاستيراد الغاز الإسرائيلي اعتقاداً بأن إرضاء اسرائيل سوف يدفع الإدارة الأمريكية إلى تقديم الدعم للأنظمة العربية لحماية عروشها ، إلا أن تلك الأنظمة أخطأت في حساباتها لأن تاريخ الإدارات الأمريكية المتعاقبة يؤكد أن الولايات المتحدة لا تنظر إلا إلى مصالحها ومصالح الكيان الصهيوني وإنها على إستعداد للتضحية بأي نظام في المنطقة يحقق تلك الغاية والأمثلة هنا عديدة فلقد تخلت أمريكا عن شاه إيران حليفها الأول في المنطقة عقب قيام الثورة الإيرانية من أجل استمرار العلاقة مع نظام الخوميني بل اتخذت من هذا النظام وسيلة ضغط على الأنظمة العربية وخاصة الخليجية من أجل ابتزاز تلك الانظمة ونهب ثرواتها ، فبعد استيلاء امريكا على العراق سلمتها إلى ايران وسمحت لها بالتمدد في المنطقة بصورة مباشرة أو عبر عملائها حتى اصبحنا أمام سايكس بيكو جديدة أطرافها الولايات المتحدة وإسرائيل وإيران لتقسيم المنطقة ومن المؤكد أن المخابرات الأمريكية كان لها دور في إغتيال السادات رغم أن الفاعل جماعات إسلامية بعد أن أنتهى دوره بعقد إتفاقية كامب ديفيد فكان لابد من وجود رئيس مصري آخر يقود المنطقة إلى كامب ديفيد جديدة وكما فعلت هذا مع السادات فعلته مع مبارك والذي تخلت عنه بعد قيام ثورة يناير وتحدثت التقارير عن تواطؤ الولايات المتحدة مع الجماعات الإرهابية كداعش وغيرها لتفتيت البلدان العربية كما حدث في سوريا والعراق ويحدث الأن في ليبيا ولكننا للأسف فإن الأنظمة العربية لم تتعلم من دروس التاريخ وتدرك أن الرهان الحقيقي على أمنها لا يمكن أن يتحقق إلا بالرهان على شعوبها والأن وبعد أن اصبحت صفقة القرن حقيقة واقعة وتأكد أن الأنظمة العربية المتخاذلة والمتواطئة لن تفعل شيئ فإن هناك واجب على الشعوب أن تتخذ موقفا إيجابيا بمقاطعة كافة السلع والمصالح الامريكية ختى تدرك أمريكا إنها سوف تدفع الثمن غاليا إيذاء انحيازها الأعمى لإسرائيل إلا ان الواجب الأكبر يقع على الفلسطينيين بتوحيد الصف وإنهاء الانقسام الذي دفعت القضية الفلسطينية ثمنه غاليا وبدون ذلك سوف يكون مصير الأراضي الفلسطينية هو نفس مصير أراضي عام 1948 وعندئذ لن ينفع الندم ولن تجدي الدموع .
مصطفى عمارة
إرسال التعليق