صباحَ الخيرِ سوريَّةْ

صباحَ الخيرِ سوريَّةْ

( مالم يقله نزار قباني ، عن أحداث سوريا )

صباحَ الخير سوريَّة
صباحَ الياسمين الغضِّ
فوق المشربياتِ الدمشقيَّة

صباحَ سنونواتِ الدارِ
والناعورِ والبَيْدَر
صباحٌ أخضرٌ
أخضر

رأيتكِ أمسِ في الشاشاتِ
لم أعرف ملامحَ وجهكِ المخطوفِ
لا زيتونَ
لا زعتر

يمرُّ الموتُ في الطرقاتِ
من فُوْهَاتِه الحمراءِ يغتالُ العصافيرا
يطاردُ فرحةَ الأطفالِ تفجيراً وتدميرا
فيصبحُ كرمُك المَعروشُ
قنبلةً
وغصنُ اللَّوز جِنزيرَا

وتغدو سُنبلاتُ الحنطةِ الخضراء
ألغاماً
ويغدو نَبعكِ العَسليُّ
مَسجُورا

وراياتُ الأُلى
كانت تجوبُ الأَرضَ باسم الله
عادت وهي محنيَّةْ
صباحَ الخير سوريَّةْ

أراقبُ نشرةَ الأخبارِ
بينَ القصفِ والتفجيرِ
موتٌ أحمرٌ
أحمر

أكفكفُ دمعتي
كي لا يراها طفلي الأَصغَر
أُداري عن بَنيَّ الحزنَ
لكن خانني المَنظر

فأُخفي في شِماغي
جبهةً بالذُّل محنيَّةْ
صباحَ الخيرِ سوريَّةْ

أنا العربيُّ جفَّ دمي
ووجهُ عروبتي انخطَفَا

أنا وجهٌ بلا معنى
وياءٌ خانتِ الأَلفا

بأيدينا خذلنا يوسفَ
اغتلناهُ
جِئنا بالدَّمِ المكذوبِ
خُنَّا اللهَ والشَّرَفَا

وما زلنا نُفَلسفُ ذُلنَا
ونُداهنُ الأَعداءَ
نَعبدُ هذه التُّحَفَا

إذا قلنا صباحَ الخيرِ
لن يغدو رصاصُ الموتِ نِسرينَا
ولن يغدو حميمُ الطائراتِ
المدفعياتُ
اللظى المشبوبُ
لن يغدو رَيَاحِينَا

بأَيدينا نُخرِّبُ ما بنيناهُ
بأَيدينَا

مَللنَا من تعاستِنَا
ومن أَشعارِنا المشبوهةِ المعنى
بلا معنى
قصائِدِنا التي أضحَت سكَاكِينَا

أنا العربيُّ
خنتُ عروبتي
هل تذكرينَ ملامحي الأولى
فوجهي منكرٌ
منكر

*

كفرتُ بهذه الأوهامِ يا آزر
كفرتُ بهذه الأزلامِ
والأصنامِ
لا تنهى ولا تأْمُر

سَأَحملُ في يديَّ الفأسَ
أَكسِرُ هذه الأصنامَ
لن أَخشى إذا ما حرَّقوا جسدي
سأخرجُ مثل فينيق
وأصبحُ بعدَها
أَكبر

وأحملُ رايةَ العدلِ السَّماويِّةْ
صباحَ الخيرِ سوريِّةْ
صباحَ الياسمينِ الغضِّ
فوقَ المَشربياتِ الدِّمشقيَّةْ

* ألقيت هذا النص في مهرجان الشعر العربي .
الشاعر محمد أبو شرارة

إرسال التعليق