سوريا التي أحببتها

سوريا التي أحببتها

منذ ريعان الطفولة بدأت لدي بصورة مبكرة توجهاتي الإسلامية والعروبية كنت أقرأ كتب التاريخ وأحلم بأن أكون واحدا ممن يلعبوا دورا مؤثرا في تاريخ أمتهم وساهم في تنمية تلك التوجهات هو ذلك المناخ القومي والعروبي الذي عاشته مصر والمنطقة العربية إبان حكم الزعيم الراحل جمال عبدالناصر والذي ترجمه في وقوفه بجانب قضايانا القومية في فلسطين والجزائر واليمن والعراق وغيرها وترجم تلك التوجهات بخوضه تجربة الوحدة بين مصر وسوريا والتي تعد أول تجربة وحدة عربية في التاريخ المعاصر ورغم إنني كنت طفلا عندما وقعت تلك التجربة إلا إنني شعرت ببهجة المصريين وفرحتهم الغامرة من تلك التجربة وهو الأمر الذي حدث بصورة مماثلة في سوريا بما يعكس الروابط التاريخية التي ربطت بيننا وخلال سنوات الوحدة تزوج أبن خالتي من سيدة سورية من حمص والتي كانت نموذجا رائعا للمرأة السورية حتى إنني حلمت وبأن يربطني الله بزوجة سورية تترجم حبي لهذا البلد وشعبه وكما كانت الفرحة الغامرة بالوحدة كان الألم والجرح بعد حدوث الإنفصال والذي لا يزال يشكل جرحا في قلبي لا يندمل ، ولا أبالغ إن قلت إنني تفاعلت مع خطاب عبد الناصر والذي حصلت على شريط له في ذكرى الوحدة ورغم أن هذا الشريط كان يحمل على الوجه الآخر خطابه في يوم الإنفصال إلا إنني لم اسمع لهذا الخطاب حتى الأن لأنني كلما سمعته انهمرت الدموع من عيناي حزنا على هذا الإنفصال كما قرأت بعقلي ومشاعري كتاب هيكل سنوات الغليان والذي تناول في احد فصوله تجربة الوحدة بين مصر وسوريا والأحداث التي أدت إليها وكان دائما يحذ في قلبي أن أرى الخلافات بين البلدين تتصاعد منذ كامب ديفيد وحتى الآن لأنني أؤمن أن أي عمل عربي مشترك لا يمكن أن ينجح إلا بوحدة مصر وسوريا فلقد واجهت الدولتان كل جحافل الغزو التي توالت على المنطقة ورغم إدراكي أن حزب البعث الحاكم في سوريا كان له دور كبير في الإنفصال الذي حدث وهو الذي رفع شعارات الحرية والاشتراكية والوحدة وعمل على عكس الشعارات التي رفعها إلا إنني في نفس الوقت أجزم أن ما يحدث الآن في سوريا مؤامرة استعمارية لتفتيتها وابعادها عن مصر في أي مواجهة تحدث ضد إسرائيل وهي مواجهة حتمية آجلا أو عاجلا ورغم الظروف الصعبة التي تواجهها سوريا والتي تهدد وحدتها إلا إنني واثق أن الشعب السوري أدرك بالتجربة العملية من خلال إقامته في مصر ان مصر كانت وسوف تظل السند الحقيقي له ، أما على الصعيد الشخصي فإن حلم الارتباط بسيدة سورية لا يزال يراودني خاصة بعد إنفصالي عن زوجتي حتى تزيد روابطي بهذا البلد برابطة نسب وسوف تظل سوريا وشعبها دائما في قلبي حب لا يموت حتى الرمق الأخير من حياتي .

مصطفى عمارة

إرسال التعليق