في ظل احتمالات قيام إسرائيل بضم الضفة الغربية وغور الأردن
د/ احمد مجدلاني عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ووزير التنمية الاجتماعية في حوار خاص
– لن نلتزم بأي اتفاقيات الفتها حكومات إسرائيل المتعاقبة واقعيا وعمليا .
– على المجتمع الدولي أن يتعامل مع دولة الإحتلال بصفتها الدولة القائمة بالاحتلال بغرض مقاطعة شاملة عليها وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية .
آثار إعلان الائتلاف الحكومي الإسرائيلي المزمع تشكيله عن عزمه إتخاذ الإجراءات العملية لضم الضفة الغربية والأردن عن ردود فعل غاضبة على المستويين العربي والدولي ، ففي أول رد فعل على تلك الخطوة دعا الرئيس الفلسطيني أبو مازن القوى والفصائل إلى إجتماع للرد على الخطوة الإسرائيلية كما أعلن الأتحاد الأوروبي رفضه لتلك الخطوة ، وفي ظل تلك التطورات التي تهدد بانفجار شامل في المنطقة أدلى د/ احمد مجدلاني عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ووزير التنمية الاجتماعية بحوار خاص تناول فيه وجهة نظره إيذاء تلك التطورات وفيما يلي نص الحوار :
– في ظل احتمالات قيام إسرائيل بضم الضفة الغربية وغور الأردن الى إسرائيل كيف استعدت السلطة الفلسطينية لمواجهة هذا الاحتمال؟
نعتبر أن المرحلة الانتقالية انتهت وسيتم البدء في الإطار العملي بتجسيد سيادة دولة فلسطين على الأراضي المحتلة، حيث أن القيادة الفلسطينية بلورت مجموعة من الأفكار والإجراءات سواء في المجالات السياسية أو القانونية وغيرها، انطلاقا من اعتبار إن المرحلة الانتقالية انتهت، وبالتالي سيتم البدء في الإطار العملي بتجسيد سيادة دولة فلسطين على الأراضي الفلسطينية المحتلة الرابع من حزيران 1967.
وبالتالي سوف نعتبر أن العلاقة مع إسرائيل دولة الاحتلال ووفقا للاتفاق الانتقالي، ترتسم في اتفاقيات أهمها: سياسية وأمنية واقتصادية وقانونية. من الناحية السياسية، ألغت إسرائيل من جانب واحد معظم الاتفاقيات الموقعة مع منظمة التحرير الفلسطينية، وأعادت إحياء الإدارة المدنية واستعادت معظم الصلاحيات المدنية المنقولة للسلطة الوطنية الفلسطينية، وحددت سقف الحل السياسي باستمرار سياسة الآمر الواقع، ولم يعد أي أفق تفاوضي معها بالمعطيات والمؤشرات الملموسة، وبالتالي لن نكون نحن الطرف الوحيد الملتزم بهذه الاتفاقيات التي ألغتها حكومات إسرائيل المتعاقبة واقعيا وعمليا .
– وهل يمكن للسلطة مواجهة تبعات الغاء الاتفاقات الموقعة مع إسرائيل ومن ضمنها الغاء الاعتراف بدولة إسرائيل؟ .
أما من الناحية القانونية، فقد اعترفت م.ت.ف. بدولة إسرائيل في 9.9.1993، على افتراض أن حدود هذه الدولة هي حدود الرابع من حزيران من العام 1967.وان هدف المفاوضات هو إنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وعودة اللاجئين، وبما أن إسرائيل لم تعترف بدولة فلسطين من جهة ،وأعادت رسم حدودها بالجدار العنصري الفاصل وبمشروعها الاستيطاني، وسنت قانون القومية الذي تتنكر لحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني على أرضه، وكونها خرقت وألغت الاتفاقيات الموقعة معها بما فيها اتفاق باريس الاقتصادي الذي لم يتبق منه إلا المقاصة والضريبة، فإن الاستمرار بالاتفاقيات الموقعة والتي انتهت زمنيا بانتهاء المرحلة الانتقالية، واستمرار الاعتراف بإسرائيل بات أمرا غير ممكنا، لا من الناحية السياسية ولا من الناحية القانونية. ومن جانب آخر فإن إسرائيل لم تنفذ أيا من قرارات الشرعية الدولية وضربت يعرض الحائط بالقانون الدولي والإنساني الذي يمنع احتلال أراضي الغير بالقوة ويمنع اية تغييرات ديمغرافية على الأراضي المحتلة بما في ذلك تهجير السكان الأصليين،ويعطي الحق للشعب المحتل أن يقاوم الاحتلال.
فان إنهاء الإحتلال الإسرائيلي عن كامل أراضي دولة فلسطين المحتلة، وتجسيد سيادة دولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران عام 1967والقدس الشرقية عاصمة لها، وضمان حق العودة للاجئين وفقا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194و.إعادة صياغة العلاقة مع الإحتلال كان ومازال مهمة رئيسية مطروحة على القيادة الفلسطينية ومسؤولية المجتمع الدولي تنفيذ قراراته.
كذلك الانفكاك عن الاحتلال أي الإنتقال التدريجي لإنهاء التزامات وتبعات وقيود المرحلة الانتقالية، وتغيير طابع ووظيفة ومضمون السلطة الوطنية الفلسطينية والانتقال من السلطة إلى الدولة هو برنامج عملنا للمرحلة المقبلة.
– وهل ترى ان إسرائيل حصلت على الضوء الأخضر من الولايات المتحدة لتنفيذ خطتها؟.
بداية الإدارة الأميركية لا تعطي أية شرعية ولا تنشئ حقا للاحتلال، وما تعلنه هو انقلاب على الشرعية الدولية ، وهي التي أعلنت عن ما تسمى صفقة القرن ، والضم الوارد بالائتلاف الحكومي بين الليكود، وازرق ابيض ,وحزب العمل هو التطبيق العملي على الأرض لتلك الصفقة ، فالمسالة ليست ضوء اخضر بقدر ما هي شراكة أمريكية إسرائيلية .
– هل يمكن ان تؤدي الضغوط الاوربية على إسرائيل الى تراجعها عن تلك الخطوة؟
الاتحاد الأوروبي عبر عن موقفه بشكل واضح مساء الجمعة، حيث أن موقف الاتحاد الأوروبي من وضع الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1967 لم يتغير، تماشيا مع القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، بما في ذلك القراران 242 (1967)، و338 (1973( كما أشار في البيان الرسمي لذلك ،وشدد على أن أي ضم يشكل انتهاكا خطيرا للقانون الدولي، وانه سيواصل الاتحاد الأوروبي مراقبة الوضع عن كثب وآثاره الأوسع نطاقا، وسيتصرف وفقا لذلك.
نحن على تواصل دائم مع الاتحاد الأوروبي ، القيادة بعثت رسائل للاتحاد الأوربي ، روسيا ، الصين ، حذرت من خطورة الضم الذي يعني فعليا قتل حل الدولتين ، وتقويض أسس عملية السلام ، وخصوصا أن الجميع يتحدث عن حل الدولتين وأنه الخيار الدولي، وهنا نتساءل بعد هذه الخطوات التي تفرض على الأرض أين ستقام الدولة الفلسطينية؟ وعن أي حل دولتين سيتم الحديث، لذلك على المجتمع الدولي أن يتعامل مع دولة الاحتلال بصفتها الدولة القائمة بالاحتلال،، بفرض مقاطعة شاملة على دولة الاحتلال، وبتنفيذ قرارات الشرعية الدولية .
– كيف ترى تاثير استجابة بنوك عاملة في الأراضي الفلسطينية التهديدات الاسرائيلية وتجميدها حسابات اسري فلسطينين على قيام السلطة التزامها بهذا الملف؟
القضية بالأساس هي قضية سياسية بامتياز وهي قضية ضغط وابتزاز من سلطات الاحتلال الإسرائيلية وهدفها تجريم وإدانة نضال شعبنا عبر شهدائه وأسراه ،ولم يستحب أي بنك فلسطيني لهذه لضغوط الاحتلال ويغلق أي حساب من حسابات عائلات الأسرى والشهداء، وهذه البنوك تمييز ما بين حق المواطن بفتح حساب بالبنك ومابين حق البنك برفض قبول حوالة على البنك إذا كانت مخالفة للقوانين الفلسطينية المرعية وتعليمات سلطة النقد الفلسطينية.
عموما هذا الموضوع هو قضية صراعية وسنحافظ على حقوق اسر شهدائنا وأسرانا، وبنفس الوقت سنحمي بنوكنا الوطنية والبنوك الوافدة العاملة بفلسطين طبقا للقوانين الفلسطينية.
– وكيف ترى تاثير تشكيل حكومة إسرائيلية جديدة من تحالف نتينياهو وجينس واستبعاد عناصر متطرفة على سياسة الحكومة الإسرائيلية الجديدة؟
برنامج التحالف الحكومي الجديد بين الليكود وحزب ازرق ابيض وحزب العمل ، بني على أساس تطبيق المشروع الأمريكي المسمى صفقة القرن وفي الجوهر منه ضم أغوار الأردن وشمال البحر الميت والمستوطنات ، ويأتي هذا الائتلاف والاتفاق على برنامجه في سياق أزمة سياسية عميقة ضربت الحياة السياسية والمجتمعية في إسرائيل لمدة أكثر من عام .
وقد سبق ومهد لهذه الخطوات مجموعة من القرارات والإجراءات منها قرار الكنيست الإسرائيلي لقانون القومية ، وقانون اقتطاع أموال المقاصة بدلا من الأموال التي تصرف لعائلات الشهداء والأسرى، والانتهاكات الإسرائيلية المتكررة للاتفاقيات، والممارسات الاستعمارية الاستيطانية على الأراضي الفلسطينية،علاوة على قرار الرئيس الأمريكي ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها وإغلاق القنصلية وجه ضربة قاضية للعملية السياسي التي كانت قائمة بالرعاية الأمريكية .
ويتوافق هذا القرار مع الإجراءات والقرارات الإسرائيلية بإفشال المحاولات السابقة للوصول إلى اتفاق لإنهاء الاحتلال على أساس حل الدولتين، والتنصل من كل الاتفاقيات الموقعة مع منظمة التحرير الفلسطينية، وتكثيف وتسريع وتيرة الاستيطان الاستعماري والاستمرار في إغلاق وحصار قطاع غزة والعمل مع الولايات المتحدة الأمريكية وأطراف إقليمية ودولية لفصل قطاع غزة عن الضفة الغربية، وسن القوانين الرامية لضم الأراضي الفلسطينية وتهجير سكان الخان الأحمر من اجل القضاء على حل الدولتين ومنع قيام الدولة الفلسطينية مستقبلا .
إن التمادي الإسرائيلي لا يؤشر على ضوء اخضر من الولايات المتحدة الأمريكية، من اجل مواصلة التنفيذ العملي والواعي والملموس لصفقة القرن، بل بات واضحا أن الولايات المتحدة الأمريكية انتقلت من موقع الراعي المنحاز وغير النزيه للعملية السياسية إلى موقع الشريك للاحتلال.
– وكيف ترى تأثير ازمة وباء كورونا على الملف الفلسطيني؟
120 ألف أسرة تكشفت اقتصاديا إلى ما دون خط الفقر جراء أزمة كورونا، وهذه الإحصائيات دقيقة وهي من وزارة التنمية الاجتماعية التي أكون وزيرها بسبب جائحة فيروس كورونا وارتداداتها الاقتصادية الكبيرة والتي كان لها كلفة اجتماعية باهظة.
إن جهود وزارة التنمية الاجتماعية في ظل حالة الطوارئ، وعلى رأسها دفعة التحويلات النقدية للأسر الفقيرة ” واستهدفت 115 ألف أسرة، منها 80 ألف أسرة في قطاع غزة بزيادة 10 ألاف أسرة عن الدفعة الماضية بكلفة 106 ملايين شيكل، و35 ألف أسرة في الضفة بكلفة 30 مليون شيكل، وقدمت الوزارة 400 ألف شيكل مساعدات نقدية مباشرة طارئة للأسر التي يتطلب وضعها التدخل العاجل والفوري، فيما تم تقديم مليون دولار لتجمعات الفلسطينيين في الشتات، وخاصة في لبنان وسورية.
هذه الإحصائيات دليل أن الوضع بفلسطين تأثر بهذا الوباء اقتصاديا واجتماعيا، وبالتالي لارتباط الاقتصاد بالسياسية يؤثر سياسيا ، حيث ما زالت دولة الاحتلال تحتجز أموال الضرائب الفلسطينية ، وبالتالي فأن الحكومة والقيادة الآن تعطي الملف الاقتصادي أهمية خاصة وأولوية لمعالجة تداعياته ،ومن اجل تعزيز صمود المواطن الذي أصبح يواجه وباء كورونا ووباء الاحتلال.
ودولة الاحتلال تستغل انشغال العالم بمواجهة وباء كورونا لتواصل تنفيذ مخططاتها المتمثلة بالبناء في المناطق داخل الضفة والقدس، وتعمل على توسيع المستوطنات بهدف فرض وقائع جديدة يصعب تغييرها بالمستقبل.ومنذ شباط/فبراير الماضي، تعمل لجنة أميركية إسرائيلية مشتركة على رسم خرائط الضم الإسرائيلي بالضفة الغربية، توطئة للاعتراف الأميركي بهذا الضم، بموجب خطة الاملاءات الأميركية الإسرائيلية لتصفية القضية الفلسطينية والمعروفة إعلاميًا بـ”صفقة القرن”.ومنذ الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية عام 1967، أقامت سلطات الاحتلال 257 مستوطنة و121 بؤرة استيطانية يقيم فيها حوالي 700 ألف مستوطن، وتسعى بشكل يومي ودائم لمصادرة الأراضي الفلسطينية وتوسعها على حسابها.
– وماهي اخر تطورات ملف المصالحة ؟ وما هو تفيركم بقيام حماس باعتقال مسئول في السلطة في غزة في هذا التوقيت؟.
حتى الآن لا جديد بهذا الملف ، في كل فرصة تحاول القيادة أن تقترب بهذا الملف ، وأن تفتح جسور لإعادة اللحمة ، تصدم بقرارات حماس سواء بإجراءاتها على الأرض من عمليات اعتقال ، إلى منع الحكومة الشرعية من العمل أو في أي أحسن الأحوال تحويل وزارات الحكومة الشرعية تعمل لديها كصراف ألي .
القيادة الفلسطينية دوما حريصة على المشاركة والعمل الوحدوي لمواجهة اخطر وأصعب المواقف التي تمر بها القضية الفلسطينية ، وجهت رسالة لقيادة حركة حماس للمشاركة باجتماع قيادي برئاسة الأخ الرئيس أبو مازن ، وكافة الفصائل الفلسطينية ، لمواجهة قرار الضم العنصري ، ووضع خطة للتحرك الفلسطيني وتحمل الجميع لمسؤولياته الوطنية في هذه المرحلة الحرجة والحساسة التي تتطلب تكاتف الجميع في مواجهة الخطر الأكبر الذي يداهمنا ، حركة حماس والجهاد ردتا على هذه الدعوة بالاعتذار عن المشاركة وكأنهم مدعوين لحفلة شاي وليس لتحمل مسؤولياتهم الوطنية ، وهذا دليل واضح للقاصي والداني أن قيادة حركة حماس ليس لديها القرار بإنهاء الانقسام، ولا أفق بالمصالحة في الوقت القريب .
حاوره/ مصطفى عمارة
إرسال التعليق