في ظل الحرب الإعلامية التي يتعرض لها وطننا العربي
د/ مادلين قصاب مدير الشبكة الإعلامية بالسويد والباحثة في جامعة لوند في مركز دراسات الشرق الأوسط وسفيرة الإنسانية والإبداع والسلام في حوار خاص
– لا يمكن الحديث عن الحرب النفسية التي تشن على العالم العربي من أطراف خارجية لأنه مشرذم من الداخل .
– لابد من وضع تعريف دقيق للإرهاب والإرهابيين قبل تطبيق أية قوانين حتى لا تستخدم في الزج بالأبرياء داخل السجون .
تعد د/ مادلين قصاب مديرة الشبكة الإعلامية بالسويد والباحثة بجامعة لوند بمركز دراسات الشرق الأوسط واحدة من ابرز العاملين في مجال الإعلام في الوطن العربي نظرا لخبرتها العلمية المتمثلة على الدكتوراه في مجال الإعلام والاتصال وكذلك عملها كباحثة في جامعة لوند بمركز دراسات الشرق الأوسط فضلا عن خبرتها العملية والتي اكتسبها من عملها كمديرة الشبكة الإعلامية بالسويد ، وفي ظل الحرب النفسية التي تشنها جهات معادية بهدف تفكيك العالم العربي وإثارة الفوضى به كان لنا هذا الحوار والذي تناول كيفية مواجهة تلك الحرب فضلا عن موضوعات أخرى تخص المرأة ومجال الفن والسينما بحكم حصولها على دراسات في تلك المجالات وفيما يلي نص الحوار :
1- نريد أولا أن نلقي الضوء على أطروحتك التي تستعرضينها في رسالة الدكتوراه خاصة الجزء المتعلق بالدلالات اللفظية و غير اللفظية و التي تندرج دراستها في حقل السيميائية، نظرا لغموض هذه المصطلح بالنسبة للكثير من الناس؟
الإطار العام لأطروحتي يتعلق بدراسة تغطية الميديا للحروب السياسية و العسكرية حيث تكون البروباغندا أبرز الأدوات المستخدمة بغية ضمان الانتصار. لطالما ارتبط تحقيق النصر العسكري بالهيمنة على وعي و مشاعر الشعوب. هذه الهيمنة لا تتم إلا باستخدام عناصر لفظية، كأن يدفع الدعائي الناس إلى مواصلة القتال عن طريق تحفيزهم باستخدام شعار: النصر أو الشهادة. في هذا العبارة نرى أن الشهادة تعني النصر أيضا فالشهيد يخسر حياته الدنيوية لكنه يكسب الحياة الآخرة وفقا للإيمان السائد. أو أن يسعى الدعائي إلى الهيمنة على مشاعر و أفكار المتلقي باستخدام عناصر غير لفظية كالصور و نبرة الصوت. في دراستي أحلل أدوات البروباغندا من خلال دراسة تغطية قناتي الجزيرة و المنار للأزمة السورية. اعتمدت التحليل الكمي للكشف عن الأطر الإعلامية العامة التي تبنتها القناتان. و اعتمدت التحليل السيميائي للكشف عن الترابط بين الدوال اللفظية و غير اللفظية تلك التي تشكل صورا ذهنية لدى المتلقي عما يجري في الداخل السوري. مثلا، قد يرى المشاهد على شاشة الجزيرة صورة مظلمة، أي أنه لا يرى أي محتوى واضح، ثم يسمع هتافات توحي أن هناك عددا كبيرا من المتظاهرين المعارضين للحكومة السورية، و يسمع بذات الوقت السرد الخبري الذي يؤكد وجود مظاهرات حاشدة. في هذه الحالة قد يصدق المتلقي ما يسمعه و يعطي الصورة الفارغة من المحتوى المرئي الواضح دلالات تنسجم مع ميوله السياسية و مع تجاربه و خبراته.
أدوات البروباغندا عديدة و متغيرة و متجددة بتجدد و تقدم وسائل الإعلام و بالتأكيد مرتبطة بتغيّر مستوى الوعي البشري. سابقا كانت ممارسة البروباغندا أسهل حيث كان من السهل احتكار الدعائي لوسائل الإعلام و بالتالي لمضمون الرسائل المنشورة فيها. أما الآن، غيّر الإنترنت، لا سيما وسائل التواصل الاجتماعي، الكثير من عناصر و وسائل الدعاية. كما أنه بسبب غزارة تدفق المعلومات و تضاربها يتوجب على الدعائي بذل جهد أكبر بكثير من السابق بغية التأثير على رأي المتلقي و بالتالي ردة فعله حيال الأحداث.
2 – يتعرض العالم العربي لحرب نفسية من جانب جهات معادية في الخارج و من بعض الجهات الإرهابية، فكيف يمكن مواجهة هذه الحرب بصورة علمية؟
في سؤالك قدمت العالم العربي و كأنه كتلة متماسكة و موحدة تعاني من اعتداءات خارجية أو إرهابية (داخلية). لكن في الحقيقة أن العالم العربي ليس موحدا و لا يمكن أن ننكر هذا الأمر بل و أكثر إنه العدو الأول لنفسه. قبل أن نتحدث عن حرب نفسية موجهة من دول أجنبية، دعنا نسلط الضوء على فقدان التآلف الإنساني بين شعوبنا العربية، فبينما يقتني البعض مراحيضا مصنوعة من الذهب يموت بعض الأشقاء العرب جوعا و بردا. بل و أخطر من ذلك، تجار الحرب و السلاح العرب باعوا أرواحنا و اغتنوا. كما أن التعاضد العلني أو الخفي بين السلطات و تجار الدين حول الكثير من مجتمعاتنا إلى بؤر موبوءة فكريا و وجدانيا. و الإنسان العربي ـ بشكل عام ـ لا يبذل جهدا حقيقيا للبحث عن أخطائه أو إن عرفها أنكرها أو تستر عليها أو ألقى اللوم على غيره. و هذا الأمر لا يمكن أن يساعد في بناء أمة سليمة نفسيا و عقليا.
باختصار لا يمكن أن يواجه العالم العربي، كما تقول، حربا نفسية تشن عليه من أطراف خارجية لأنه في الأصل مشرذم. لا أريد أن أكون محبِطة، لكن بداية العلاج هو تشخيص المرض. لا تصدق أن الغرب قادر على جعل السني يكره الشيعي و العكس صحيح لو لم تكن شعوبنا مهيئة لذلك. بالإضافة إلى أن الدول الخاضعة على كثير من المستويات للقوى الغربية لا يمكنها إدارة شؤونها خارج إرادة هذه القوى المتحكمة بمضمون الرسائل في وسائل الإعلام العربي.
بالنسبة للتصدي للجهات الإرهابية، إذا كنت تقصد المجموعات التي تقدم نفسها في إطار ديني، لابد من إعادة قراءة موروثنا الديني بشكل عميق و بتجرد عن سياسات الترهيب و الترغيب. بمعنى آخر، عندما يخوف رجل الدين الإنسان العادي من الشك حول حديث ديني و يؤكد له أن مصيره النار و الإنسان العادي لا يبذل أدنى جهد فكري للتحقق من صحة كلام رجل الدين فإن مجتمعاتنا ستبقى رهن إشارة تاجر الدين هذا. لا يمكن أن يكون الهدف الإلهي من وجودنا في الأرض هو الانصياع الأعمى، على العكس الكثير من النصوص الدينية تحض على التفكر و التأمل و التعقل و الإدراك. و هذا لا يمكن أن يتم بدون بذل الجهد لفهم معاني و دلالات الكون. لهذا يجب ألا تنفصل محاولة إدراكنا للمفاهيم الروحية أو الدينية عن سعينا في المجالات العلمية لأن كلاهما يكمل الآخر. و كل شخص ـ أيا كانت درجته الدينية ـ يطالبنا بالطاعة العمياء اعلم أنه سلاح حقيقي ضد ترقينا الفكري و الروحي.
الإرهابيون الناشطون عسكريا يعتمدون مبدأ الحتمية و كل من يشكك أو يجادل فهو كافر يحل قتله. صحيح أنهم متطرفون و لا يرون حرجا في ممارسة أبشع أنواع القتل و لكن كم منا يفكر أن الآخر كافر فقط لأنه لا ينتمي لنفس المذهب الديني؟! الإرهاب مستويات و الكثير منا يشارك فيه و لن نتخلص منه إن لم نوقظ العقل و ننسف مبدأ الحتمية و القسرية في علاقتنا مع الله. فنحن نرهب ذواتنا بالدرجة الأولى قبل ترهيب الآخرين من خلال الكثير من الصور الذهنية التي نحتفظ بها عن الإله. هل تعتقد أن الشعب الذي يؤمن أن الله يعلق المرأة من أثدائها عقابا لها يحق له انتقاد داعش مثلا؟!
كما لا بد من إيقاظ طاقة المحبة في داخلنا. فالحب و الرحمة سبيلنا لبناء الإنسانية و هذا ليس تنظيرا، لا يمكن أبدا أن نرتقي بدون محبة. وعندما نوحد بين الطاقة الفكرية أي العلم و الطاقة الوجدانية و الروحية سننتصر لا محال على كل خلل.
3 ـ هل تؤيدين أن الأمر يتطلب إتخاذ إجراءات قضائية أو أمنية لمواجهة تلك الجماعات؟
لا يجوز السماح للقاتل بممارسة جرائمه و زعزعة الأمن لكن بنفس الوقت لا بد أن تكون القوانين واضحة، تعطي تعريفا دقيقا للإرهاب و الإرهابيين و لا تؤدي إلى زج الأبرياء في السجون و إلى قتلهم بتهمة ممارسة الإرهاب فقط لإرضاء الحكام. كما قلت لك في إجابتي السابقة الإرهاب مستويات لذا يجب أن تكون القوانين واضحة و دقيقة.
4 ـ ما هو تقييمك لوضع المرأة في العالم العربي؟ هل ترين أن المرأة العربية بصفة عامة حصلت على الكثير من حقوقها؟
إذا كنا نتحدث عن التعليم و العمل في الكثير من التخصصات و عن النشاطات الأدبية و الفنية و الرياضية فإن وضع المرأة يتفاوت حسب وضع الدول و قوانينها و عاداتها. لا يمكن الحديث عن وضع واحد للمرأة العربية. فالمرأة فرد يتأثر ببيئته الأولى أي الأسرة و من ثم بمجتمعه و قوانين و عادات هذا المجتمع. لهذا نلاحظ تفوق بعض النساء في الكثير من المجالات بمجتمعات معينة لكن بالمقابل نرى أيضا حالات يرثى لها بمجتمعات أخرى. و في بعض الدول قد يدعم القانون تعليم و عمل المرأة لكن العادات و التقاليد تقف حائلا أمام تحقيق هذا الهدف. من خلال قراءتي للواقع و للكثير من الأبحاث العلمية حول حال المرأة العربية يمكنني القول أن هذه المرأة ما زالت منتجا جنسيا يُتاجر به على مستويات عدة، كما أنها مازالت تُعتبر أقل شأن من الذكر و أعتقد أنها المساهم الأساسي في ترسيخ هذه الصورة عن نفسها. سألتني إن كانت المرأة حصلت على الكثير من حقوقها دعني أجبك بسؤال هل تعرف النساء في العديد من المجتمعات العربية حقوقهن على المستوى الإنساني و القانوني؟! إذا كانت المرأة نفسها لا تسعى لمعرفة حقوقها كيف للذكر المتحكم بالقوانين أن يفعل؟! أضف على ذلك أن المرأة في بعض الأحيان عدوة المرأة سواء بدافع الحسد أو الغيرة. نحن بحاجة إلى الأنثى الواعية، الأنثى الحنونة، الأنثى الأم، الأنثى التي ترى التعلم فرضا لتطوير الذات و المجتمع و ترى العمل رسالة مقدسة للنهضة بالإنسانية و ليس عرشا لإشباع الرغبة في السيطرة و استصغار الآخر. عندما تكون نساؤنا كذلك سنتخطى الكثير من التحديات الاقتصادية، السياسية، الفكرية و العقائدية لأن المرأة روح المجتمع و ليست نصفه. و المرأة في جوهرها قوية فقط عليها أن تعي و تدرك هذه الحقيقة و من ثم تطلق العنان لطاقتها الإبداعية.
5 ـ ما تقييمك للدور الذي تلعبه منظمات المجتمع المدني و خاصة الجمعيات الحقوقية المختصة بشؤون المرأة في حصول هذه المرأة على حقوقها؟
لا يمكنني التعميم، فهناك حالات أنقذت فيها هذه المنظمات و الجمعيات العديد من النساء لكن في المقابل شتتت هذه الجهات الكثير من العائلات بسبب عدم إدارة المشاكل بحكمة. أن تُمنح المرأة حقوقها لا يعني خلق عداوة مع الرجل.
6 ـ ما هي وجهة نظرك في الانتقادات التي توجهها مؤسسات و جماعات دينية إلى دور تلك الجمعيات باعتبار أنها تنفذ مخططا لتفكيك الأسرة العربية و إعطاء دور للمرأة لا يتناسب مع طبيعتها و دورها في رعاية أسرتها؟
يؤلمني قلبي و الله من حديث و أفكار الكثير من هذه الجهات و ليس كلها. يعتقدون أن أسرنا العربية متماسكة فقط عندما تكون الزوجة داخل المنزل، مطيعة لولي أمرها، لا تجادله كي لا تدخل النار لأن غضب الله من غضب الزوج! عن أي تماسك يتحدثون؟ المرأة في هذه المجتمعات بين قوسين “المتماسكة” خارج نطاق التغطية الوجدانية، العاطفية، الفكرية، العلمية و الأدبية. لا يمكن أن تكون الأسر متماسكة إلا في رحاب الوعي و الاحترام و أهم شيء المحبة. هل تعتقد أن المرأة التي تعيش ضمن شروط سليمة تحتاج لجمعيات حماية؟ لكن في ذات الوقت هذا لا يعني أن الجمعيات الخاصة بحقوق المرأة على حق بكل تصرفاتها، على العكس كما ذكرت في إجابتي السابقة فإن هذه الجهات فاقمت المشاكل في حالات عديدة.
7 ـ في ظل دراستك لفن الكتابة للسينما و التلفزيون، هناك من يوجه انتقادات للسينما العربية بأنها أصبحت سينما تجارية تعتمد على أفلام الجنس و الجريمة. فما هي وجهة نظرك؟
و هل كانت السينما في الماضي خالية في المضمون الجنسي أو صور العنف و الجريمة؟ لكن الآن بسبب كثرة دور الإنتاج و شدة التنافس و تغيّر طرق تفكير المجتمعات تغيرت بعض عناصر و طرق عرض هذا المضمون. و بسبب الكم الهائل من المشاكل التي يعاني منها الفرد العربي على المستوى السياسي، الاقتصادي، الاجتماعي و النفسي ينجر الكاتب و المخرج و الممثل إلى تصوير هذه الوقائع في السينما و كي يحققوا مشاهدة عالية عليهم صب المشاهد في قوالب مثيرة. لكن لو كانت بلداننا تنعم بالرخاء الاقتصادي و السلامة الاجتماعية و تنعم بندرة أو انعدام الجرائم لما رأيت مضمون الإنتاج الفني مليء بالصراخ و العنف. دقق و ستشاهد أن الصوت العالي و الرتم السريع أصبح تفصيلا يميز محتوى هذا الإنتاج. السينما تعكس الواقع و لكنها تؤثر به أيضا و هذا أمر خطير لأن المتلقي يتأثر بسلوكيات الممثلين. لذا على العاملين في هذا القطاع التركيز على الأطر التي ترتقي بسلوكيات الفرد كالتحدث بهدوء و التفاعل مع الأحداث بروية و تعقل.
أنتَ استخدمت مصطلح “السينما التجارية” و هذا له دلالات خطيرة. إن كانت السينما تحقق أرباحا كبيرة من خلال التركيز على المضمون الجنسي و العنف هذا مؤشر على انحطاط الذوق العام لأنه في هذه الحالة المشكلة الأكبر تكمن في ذائقة المتلقي. أي أن صناع المواد الفنية يجنون الأرباح من خلال إرضاء رغبات الجمهور. أظن أن الكبت الذي عاشته شعوبنا بسبب هيمنة المتسلطين دينيا و سياسيا أوصلت الناس إلى هذه المرحلة لا سيما في ظل ندرة إن لم يكن غياب تحمل المسؤولية على مستوى فردي حيث أن معظم الأفراد يلقون اللوم على الظروف و على الآخرين.
8 ـ و كيف يمكن معالجة هذا الخلل؟
إنها مسؤولية الجميع حكومات و شعوب و أفراد لأن مضمون الأفلام السينمائية و المسلسلات التلفزيونية يتغير بتغير الوضع على أرض الواقع. فعندما يرتقي مستوى الفرد المتلقي لن تحقق المضامين السطحية و السخيفة أرباحا على العكس ستكون سببا في الانهيار الاقتصادي لمؤسسات الإنتاج. و حتى يرتقي مستوى الفرد يجب أن تعمل الحكومات على تهيئة الظروف المناسبة، و لا يمكن أن تقدر الحكومات على خلق المناخ الجيد للارتقاء إلا في ظل توفر المسؤولية الفردية. أي أن كل فرد يجب أن يتحمل مسؤوليته في مسيرة النهضة. باختصار العمل السينمائي مرهون بشروط و متغيرات عديدة و ليس أمرا بسيطا.
9 ـ ما هو الدور الذي تقومين به من خلال عملك كمديرة للشبكة العربية في السويد؟
الشبكة العربية لها مكاتب و فروع في العديد من البلدان العربية و غير العربية. إنها تركز على أطر الإبداع الفني و الثقافي أكثر من التركيز على أطر الحرب و هذا أمر مهم. تعتبر الشبكة منبرا للعديد من المبدعين في مجالات عديدة. لا يقتصر عملي بها على التغطية الإعلامية للأحداث و إنما أسعى بالتنسيق الكامل مع رئيس الشبكة الدكتور محمد الحاج ديب إلى توثيق العلاقات مع منظمات و هيئات راعية لحقوق الإنسان و للطاقات الخلاقة المبدعة. كما نعمل على توفير الدعم للشباب و ذوي الاحتياجات قدر استطاعتنا. لا أستطيع القول أننا نستطيع تلبية كل النداءات لأن طاقاتنا ـ خاصة المالية ـ مازالت محدودة جدا لكني أعمل جاهدة على إيجاد طرق يستفيد منها الشباب خاصة في البلدان التي تشهد حروبا.
10 ـ ما هي العقبات التي تواجهيها في أداء مهتمك؟
دعني أركز على عائقين أساسيين: الأول و هو الأهم بالنسبة لي هو عدم قدرتي على مساعدة كل الذين يحتاجون لدعم مالي و الذين أنهكتهم ظروف الحرب.
أما الثاني فهو التعامل مع هيئات و أفراد لا يهتمون إلا بالشهرة و الربح و تكديس التكريمات و الشهادات. لكنني حاسمة جدا في هذا الخصوص و مستعدة دائما لقطع العلاقات مع أي جهة لا تكترث بمساعدة الآخرين و بالتطوير الإنساني و الإبداعي.
11 ـ باعتبارك مواطنة سورية كيف تقيمين الأوضاع الحالية في سوريا؟ و كيف تناولت الأوضاع من خلال الشبكة العربية في السويد؟
الأوضاع بالنسبة للمواطن السوري صعبة على أصعدة كثيرة و هذا نتيجة طبيعية لسنوات طويلة من الحرب و التداخلات و التعقيدات و من صراع دول عديدة على الأرض السورية. الإعلام و خاصة العربي لعب دورا كبيرا في تأجيج الصراع الداخلي في سوريا و ما زال ينشر رسائل التحريض. جميعنا يريد إنهاء الفساد و التسلط و الظلم لكن لا يمكن أن يكون الحل باقتتالنا فيما بيننا. المعارضة السورية استغرقت سنوات و لم تكن قادرة على اختيار زعمائها لأن المناصب كانت الهدف الأساسي للكثير منهم و لم تكن حاجات الشعب هي الدافع الحقيقي وراء نشاطاتهم السياسية أو العسكرية. بالمقابل، استفاد الكثير ممن ينسبون أنفسهم للحكومة السورية أو يعتبرون أنفسهم مواليين لها من فوضى الحرب و اغتنوا و عاثوا فسادا بشكل لا يطاق. صبر الإنسان السوري المتواجد في سوريا يجب أن يؤرخ و أن تكتب عنه القصائد و تلحن و أنا و الله لا أبالغ. الإعلام صوّر أن السوريين يكرهون بعضهم البعض و الأمر ليس كذلك. صحيح أن هناك مرضى على المستوى النفسي و العقائدي يتصرفون بوحشية و بهمجية من كل الأطراف و لا أستثني طرفا إلا أن الشعب السوري صابر و متحاب. الإعلام بشكل عام يركز على الأطر المحبطة و الأطر التي تزيد الوجع وجعا. الشبكة العربية تركز على أطر السلم و الإبداع و لهذا سنركز على تغطية الجوانب و الأطر المهملة إعلاميا حيث أن معظم قنوات التواصل تركز على أطر الحرب و الخراب. يجب أن ندرك أن الإعلام ليس ناقلا للواقع فقط و إنما هو مؤثر فيه و خالق له في كثير من الأحيان.
12 ـ في النهاية إذا انتقلنا إلى هواياتك الخاصة في الشعر و الموسيقى و الغناء، هل تفكرين في تحويل تلك الهوايات إلى الاحتراف خاصة أنك أثبتِ موهبتك في تلك المجالات؟
الشعر و الموسيقى و الغناء ليسوا هوايات فقط و إنما لغات أفهم من خلالها سحر الكون و جماله و أسراره العميقة التي لا يمكن أن تُفهم إلا من خلال نشوة الروح و سعادتها. لاحظ أن العديد ممن كان لهم تجارب روحية وصلوا بالإحساس منذ زمن طويل جدا إلى معرفة يؤكد صحتها العلم في الوقت الراهن. هؤلاء الأفراد كانوا فنانين بشكل أو بآخر. هذا يؤكد أهمية الفن و دوره في تحقيق استنارة فكرية و نفسية.
أما فيم يخص احترافي للفن أي جعله مصدر رزق لم أفكر في ذلك بعد لكن كل شيء وارد و هذا لا يُنقص من قيمة الفن على الإطلاق. أنا أحترف البحث العلمي و أعمل بهذا المجال ليس بدافع كسب المال فقط و إنما لوجود رغبة كبيرة في إجراء دراسات علمية في مجالات مختلفة و اكتساب معرفة و خبرات عديدة.
حاورها/ مصطفى عمارة
د. مادلين قصاب في سطور:
مديرة الشبكة الإعلامية العربية في السويد.
باحثة في جامعة لوند السويد في مركز دراسات الشرق الأوسط
دكتوراه في الإعلام و الاتصال
عضو في هيئة أبحاث الميديا و الوساطة في جامعة لييج البلجيكية
عضو في الجمعية العالمية للسيميائية البصرية
عضو في الشبكة السويدية العراقية للدراسات
سفيرة الإبداع و الإنسانية و السلام.
يمكنكم التواصل مع د. مادلين قصاب عبر البريد الإلكتروني:
إرسال التعليق