مع اندلاع فتنة سب السيدة/ عائشة أم المؤمنين بلبنان العلامة د/ السيد محمد علي الحسيني الأمين العام للمجلس العربي الإسلامي بلبنان في حوار خاص
– من يسب السيدة عائشة ليس بمؤمن والقوى السياسية التي حكمت لبنان منذ عقود سعت لقمع الثورة عبر تسعير الخطاب الطائفي .
– الرئيس ميشال عون ليس محايدا لأنه حليف حزب الله .
مع استمرار ثورة الشعب اللبناني ضد الفساد والقوى السياسية الحاكمة التي أوصلت لبنان إلى الانهيار الاقتصادي تفجرت أزمة أخرى بعد الشعارات المسيئة للسيدة عائشة أم المؤمنين التي أطلقتها عناصر محسوبة على حزب الله اللبناني وهو ما زاد الوضع اشتعالا ، وفي ظل تلك الأوضاع التي تنذر بأوخم العواقب أدلى العلامة د/ السيد محمد علي الحسيني الأمين العام للمجلس العربي الإسلامي بلبنان بحوار خاص تناول فيه وجهة نظره في تلك القضية والأوضاع على الساحة اللبنانية وفيما يلي نص الحوار :-
– ما هي رؤيتك للتصريحات والشعارات المسيئة للسيدة عائشة أم المؤمنين التي أطلقتها عناصر محسوبة على حزب الله ؟
التعرض لأم المؤمنين السيدة عائشة يتعارض مع كل مقدسات ومسلمات المسلمين قاطبة ونؤكد إنها بنص قرآني أم المؤمنين ومن يسبها قطعا وجزما ليس بمؤمن .
– ما مغزى اندلاع الفتنة المذهبية فى هذا التوقيت بالذات ومن يقف ورائها ؟
كشفت ثورة 17 تشرين في لبنان الفضيحة الكبرى للقوى السياسية التي حكمت البلد منذ عقود التي اوصلت الاقتصاد والمالية العامة الى الانهيار ، وقد ظهر ايضا كيف تآمرت هذه القوى لاجهاض الثورة سواء بالقمع والقوة او عبر تسعير الخطاب الطائفي والمذهبي لاعادة احياء التفرقة والتباعد بين اللبنانيين ، او عبر تشكيل حكومة تكنوقراط مستقلة مزعومة ، وهي في الحقيقة حكومة سياسية بلون واحد تابع لحزب الله ، مطعمة ببعض الشخصيات المستقلة.
ظن حزب الله من لف لفه ان الثورة انتهت ، والحقيقة ان الناس التزمت بيوتها في الاشهر الثلاثة الاخيرة بسبب الكورونا ، ولما انحسر خطر الوباء ، عادوا بقوة الى الشارع ، مع شعارات جديدة اضيفت الى الحرب على الفساد والافقار ، واهمها المطالبة بنزع سلاح حزب الله المسؤول عن خراب لبنان .
هذا ما جعل احزاب السلطة وفي مقدمها حزب الله الى محاولة اشعال الفتنة المذهبية مجددا .
– هناك انتقادات موجهة لرئيس الجمهورية ميشال عون بالتداخل في مواجهة تلك الاحداث فما هي وجهة نظرك ؟
الرئيس ميشال عون ليس محايدا لانه حليف حزب الله ، كما انه ارتضى ان تتشكل حكومة سياسية من لون واحد ، ورضي بابعاد مجموعة من القوى السياسية الفاعلة . ولعل السبب ان الرئيس سعد الحريري الذي استقالت حكومته مع بداية الثورة ، اشترط لعودته وتشكيل حكومة جديدة ان تكون مستقلة من التكنوقراط .
– طالبت بتصريحات لك بنزع سلاح حزب الله فكيف يمكن تحقيق هذا الهدف فى ظل ترسانة الاسلحة التى يمتلكها الحزب؟
لا تستطيع اي ترسانة عسكرية ان تخمد صوت الشعب ، هذا درس التاريخ . ثمة مطالبة شعبية وسياسية لبنانية شبه جامعة بضرورة تسليم حزب الله سلاحه للدولة ، ليكون قرار الحرب والسلم بيدها دون غيرها .كما ان هناك مطالبة عربية ودولية بنزع السلاح ، وقد تسبب تعنت حزب الله وتورطه في ساحات عربية عديدة الى عزل لبنان عن محيطه وعن العالم .
هذا السلاح كان عبئا على لبنان واللبنانيين ولكنه في السنوات الاخيرة صار كارثة حقيقية ولم يعد بامكان حزب الله التلطي خلف شعار مقاومة الاحتلال الاسرائيلي لان اللبنانيين اكتشفوا حقيقة دور هذا السلاح في خدمة المشروع الايراني في تغلغله واختراقه للمنطقة العربية .
– وما تقيمكم لموقف الجيش اللبناني ؟ وما هو الدور الذي يمكن ان يقوم به لمعالجة الازمة؟
الجيش اللبناني يعمل ما بوسعه للحفاظ على الامن الخارجي والداخلي ، علما ان الامن الداخلي ليس من مسؤولية الجيوش عادة ، ولكن الوضع الاستثنائي في لبنان جعل الجيش يتدخل بطلب من السلطة السياسية .وهنا تكمن المشكلة ، لان هذه السلطة هي عبارة عن ائتلاف قوى سياسية – طائفية ، غالبا ما تختلف على الاولويات الوطنية ، وينعكس هذا الانقسام السياسي الدائم ينعكس على اداء الجيش ميدانيا .
على الصعيد الخارجي لا يوجد قرار سياسي بان يتولى الجيش وحده وحصريا حماية الحدود اللبنانية ، فلا يسمحون له بالتمركز جديا على الحدود الجنوبية مع اسرائيل ،ولا يسمحون بضبط الحدود اللبنانية السورية ، والمعرقل واحد وهو حزب الله لانه يتحكم بلبنان داخليا وخارجيا .
الجيش اللبناني قادر على تأدية دوره بالكامل شرط ان تمنحه السلطة السياسية الغطاء السياسي اولا وكل احتياجاته ثانيا .
– فى اطار دعوتك للتقريب بين المذاهب ما هي الية تحقيق هذا الهدف ؟
يجب ان تقوم هيئة عربية اسلامية تضم علماء دين ومفكرين ومثقفين تحدد الاسس الصحيحة للتقريب بين المذاهب من حيث الاهداف والوسائل والاساليب، وقد قلنا شخصيا في مداخلات ومحاضرات سابقة ان الهدف الاهم هو ايجاد اليات وسبل اللقاء بين ابناء المذاهب المختلفة ، على المستوى النخبوي وعلى المستوى الشعبي ، من اجل تخفيف الاحتقان بداية من خلال التعارف والتواصل الايجابي ، ومن ثم اقامة الحوار المباشر والبناء والصريح والشفاف بين المذاهب الاسلامية في مؤتمرات ومنتديات، وتأمين وسائل الاعلام والتواصل لنقل الافكار التقريبية .
الهدف هو تحقيق الوحدة الاسلامية ولكن قبل ذلك يجب حصر الاختلافات بين المذاهب الاسلامية في اطارها الحقيقي ، فسنجد ان ما يجمع بين هذه المذاهب اكبر مما يفرق. ونحن نؤكد ان السياسة غالبا هي التي تؤجج الخلافات البسيطة .
— وهل ترى ان الامر يتطلب احياء مبادرة الازهر التى اطلقها الشيخ شلتون لتحقيق هذا الهدف ؟
تتلخص مبادرة الازهر والشيخ شلتوت بإن الإسلام لا يوجب علي أحد من أتباعه اتباع مذهب معين ، ولكل مسلم الحق في أن يقلد بادئ ذي بدء أي مذهب من المذاهب المنقولة نقلاً صحيحاً والمدونة أحكامها في کتبها الخاصة، ولمن قلد مذهباً من هذه المذاهب أن ينتقل الي غيره أي مذهب کان ولا حرج عليه في شيء من ذلك.
برأينا ، وان كنا لانخالف الكلام السابق ، فانه عند الحديث عن التقريب بين المذاهب الاسلامية يجب ان نضع نصب اعيننا كل الانقاسامات والتناقضات والتباينات القائمة في دولنا العربية والاسلامية . ولا تعني دعوتنا وجهدنا للتقريب وتحقيق الوحدة الاسلامية ان يصير السني شيعيا ، وان يصير الشيعي سنيا ، فهذا صعب للغاية ، ان لم نقل ان ترجمته مستحيلة على ارض الواقع .
لا بد من القبول بوجود مذاهب مختلفة ، والاهم الاقتناع ان التقريب بينها ممكن جدا ، ونحن قادرون عليه.
– وكييف ترى عودة تنظيم داعش فى هذا التوقيت لممارسة نشاطه فى العراق وسوريا ؟
تنظيم داعش الارهابي هو صناعة مخابراتية ولا يعبر عن اهداف وتطلعات فئة من الناس ، وبالتالي هو في اصله مستخدم من قبل دول واجهزة مخابرات في هذا البلد او ذاك .
الانطلاقة الكبيرة لداعش في العراق قبل سنوات كانت طهران تقف خلفها فسمحت له باجتياح العراق وبعدها سوريا ، من اجل تبرير اقامة ميليشيات مذهبية مقابله لتسعير الاقتتال الذهبي ، ولبسط النفوذ الايراني على العراق وسوريا . ونجح المسعى الايراني لفترة من الوقت ولكن التحالف الدولي ضد الارهاب نجح في اسقاط دويلة داعش في البلدين وانحسر وجوده الى خلايا متفرقة .
والان وبسبب انحسار النفوذ الايراني في سوريا والعراق عاد الحرس الثوري الإيراني الارهابي لتشغيل شريكه الارهابي داعش لتقويض الاستقرار في هذين البلدين عل ذلك يتيح له العودة الى احياء هذا النفوذ .
– وهل يتطلب الامر تطوير الخطاب الديني وتنقية كتب التراث ؟ وما هو مفهومك لهذا التطوير ؟
لا شك ان ما يسود بين المذاهب الإسلامية من خلافات دفع بعض المفكرين ورجال الدين إلى الدعوة إلى إطلاق حوار ديني بين المذاهب المختلفة لتكريس المشتركات الإسلامية والنأي عما يصنع الاختلاف، وهنا تحضر اشكالية كل ما شاب النصوص التفسيرية والفقهية من تعصب ورفض للآخر. لذلك ينبغي العمل على تنقية كتب التراث الاسلامي من اجل فهم افضل ، ولابراز ما فيها من افكار تقريبية ، ونبذ كل اشكال التعصب والاقصاء والالغاء ضد الاخر.
اذا عدنا الى الاصل وتمعنا مجددا في القرآن الكريم وفي الحديث الصحيح والسنة النبوية الشريفة سنجد ان الكثيرمن الاختلافات الشائعة اليوم لا اساس لها ، وهذا ما ينبغي التركيز عليه في خطابنا الديني .
حاوره من لبنان/ مصطفى عمارة
إرسال التعليق