سوريا وفلسطين والحنين إلى الماضي
أبدى أحد أصدقائي المقربين ملاحظة عن السر الكامن وراء اهتمامي بشكل خاص بأخبار سوريا وفلسطين وتركيز معظم حواراتي مع شخصيات سورية وفلسطينية في شتى المجالات ورغم انتمائي العروبي منذ طفولتي والذي ساهم فيه إلى حد كبير المد العروبي الذي شهدته مصر منذ عهد الزعيم الراحل عبد الناصر إلا إنني لا يمكن أن أنكر أن سوريا وفلسطين لهما مكانة خاصة في قلبي ، فمنذ طفولتي المبكرة كنت شغوفا إلى حد كبير بالتاريخ والذي نبغت فيه وكنت أحلم أن ألعب دورا في تاريخ أمتي مثل الأبطال الذين عج بهم التاريخ العربي والإسلامي وشهدت تلك الفترة التاريخية انطلاقة حركة فتح برئاسة الشهيد الراحل أبو عمار ولم أكن أخلد إلى النوم إلا بعد متابعة العمليات البطولية للثوار الفلسطينيين عبر صوت فتح الذي أنطلق من القاهرة ورويدا رويدا أصبحت القضية الفلسطينية تشغل كل حياتي ولم يكن التحاقي بمجال الصحافة مصادفة بل حاء من منطلق رغبتي في الدفاع عن قضية فلسطين عبر الصحافة ولم يقتصر هذا الدفاع على الصحافة فقط بل كنت دائم الدفاع عن قضية فلسطين سواء في المؤتمرات أو المناقشات العامة ومحاولة تصحيح الصورة الخاطئة التي بثتها الدعاية الإسرائيلية بأن الفلسطينيين باعوا أرضهم وكان دفاعي دائما ينطلق من أن قضية فلسطين ليست قضية الفلسطينيين بل قبل أن تكون قضية الفلسطينيين هي قضية عربية وإسلامية تحتم على كل مسلم وعربي الدفاع عنها كما أنها تمس بصورة مباشرة الأمن القومي المصري والعربي لأن المشروع الإسرائيلي في المنطقة يهدد المنطقة كلها وليس الفلسطينيين فقط كما كنت دائما أرفض محاولة الربط بين الخسائر التي تكبدتها مصر في حروبها مع إسرائيل بالقضية الفلسطينية لأن مصر من الناحية العملية لم تدخل سوى حرب واحدة ضد إسرائيل وهي حرب عام 1948 أما حرب 1956 فكانت متعلقة بتأميم قناة السويس وحرب 1967 متعلقة بالحشود على سوريا وحرب 1973 من أجل تحرير أرضنا ، فلماذا نحمل الفلسطينيين تلك المسئولية خاصة أن الأطماع الإسرائيلية في المنطقة ليست مرتبطة بقضية فلسطين لأن إسرائيل مشروع استعماري ووكيل الإستعمار العالمي في المنطقة كما أنه لا يمكن تحميل الشعب الفلسطيني مسئولية الخلافات الحالية بين حماس وفتح لأن تلك الخلافات يرفضها الفلسطينيين أنفسهم قبل أن نرفضها ، وإذا كانت فلسطين ولا تزال تشكل جزء كبير من اهتماماتي فإن سوريا كانت ولا تزال تحتل مكانة خاصة في قلبي منذ أن تفتحت عيناي على حلم الوحدة بين مصر وسوريا عام 1958 والذي جسد الروابط التاريخية بين مصر وسوريا عبر التاريخ حيث شاركت الدولتان في التصدي لكل الغزوات التي شهدتها المنطقة ، ومن فرط اعتزازي بتلك التجربة فأنني لا أزال حتى الآن أحتفظ بالشرائط المسجلة للاغنيات الاي صرح بها كبار المطربين للتعبير عن ابتهاجهم بتلك المناسبة كما إنني لا أزال أحتفظ بخطاب عبد الناصر الذي ألقاه في عيد الوحدة ، أما خطاب الإنفصال فحتى الان لا أقوى على سماعه لأن الدموع تنهمر مني حزنا على الإنفصال والذي كان يعني انفصال جزء من روحي ولم يكن غريبا أن ينعكس حبي لفلسطين وسوريا على علاقاتي الشخصية مع الشعبين ، ولا أخفي سرا أنني كنت ولا زلت أحلم بالزواج من إنسانة فلسطينية او سورية ليس لجمالهم ولكن رغبة مني في زيادة روابطي معهما والذي يجسد حبي لهما وتجددت تلك الرغبة بعد إنفصالي عن زوجتي وقد يتحقق هذا الحلم أو لا يتحقق ولكن في كل الأحوال سوف يظل دائما حبي لفلسطين وسوريا في قلبي ذكرى لا تنسى من الماضي وحب لا يموت لأنه حب صنعه القدر ودعمته ذكريات الماضي والحاضر .
مصطفى عمارة
إرسال التعليق