هناك محور عربي جديد لا يأخذ برأي رام الله”
رئيس “الشاباك” السابق: خطة ترامب سلعة إسرائيلية كما أوسلو
الأحد 05 يوليو 2020
جيفارا الحسيني – عكا للشؤون الاسرائيلية
وصف رئيس الشاباك السابق، كرمي غيلون، في حوار مطول مع صحيفة “هآرتس” العبرية، بكلمات قاسية جداً عملية التدمير التي ينفذها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو للدولة. وفي مركز هذا الانتقاد اللاذع، سأله “رفيت هيخت”: كيف يتمثل هذا التدمير في المجال السياسي؟ أجاب: “هنا سأفاجئك. الحقيقة هي أن بيبي نتنياهو شخص جبان ولا يتخذ قرارات حاسمة في جميع الأوضاع، سواء ضد حماس وإيران، وقدرة تحمله في غزة مثلاً. لقد تلقى صواريخ، والجميع يضغط عليه لتجريد غزة من السلاح، ولكنه لا يسمح بذلك، ليس لأنه أقل منهم شعبوية، بل لأنه يخاف من اتخاذ قرارات صعبة”.
-حسب هذه المقاربة، هل سيقوم بالضم؟
برأيي، لا. هذا سينتهي بربط معين لـ”معاليه أدوميم” بالقدس.
غيلون ترأس القسم اليهودي في الشاباك وتسبب باعتقال أعضاء التنظيم السري اليهودي الذين هاجموا فلسطينيين وخططوا لتفجير قبة الصخرة. وكان يترأس في السنوات الأخيرة شركة “سايت جك” الحديثة في مجال السايبر، التي تم بيعها في أيار الماضي لشركة “ماستر كارد” الدولية. وقد كرس حياته لبحث حركة “غوش إيمونيم” واليمين المسيحاني. وفي الفترة الأخيرة، نشر رواية بوليسية بعنوان “مسيح متوحش”، ألفها هو ويوسف شبيط. هذا الكتاب يصف سيناريو متخيلاً لتنظيم سري يهودي يزرع الإرهاب والدمار في إسرائيل.
اليمين المتدين والأيديولوجي تسبب له بضربة شديدة. وإن قتل رابين جرح نازف لا يحاول غيلون حتى الإظهار بأنه قد تغلب عليه. “اعتقدت أن أحداً من “غوش إيمونيم” لن يقوم باغتيال يهودي. وقد كنت مخطئاً”، يعترف. “ربما لم يكن ليغئال عمير بطاقة عضو في “غوش إيمونيم”. ولكن “غوش إيمونيم” هي مفهوم.. هذا هو المكان الأيديولوجي”. ومثل معظم من تخرجوا من جهاز الأمن، تحول غيلون إلى معارض كبير للاحتلال والضم. وحسب قوله، هو كان هكذا دائماً، مع معظم قيادة الشاباك. ومع ذلك، يضحكه عندما يسمونه وأصدقاءه باليساريين. “أنا أكبر رابيني يمكن أن يكون”. “رابين كان صقرياً أكثر من جميع الصقور ولم يكن جباناً. وقد فعل أشياء لم يكن بيبي ليتجرأ طوال حياته على المصادقة عليها”.
– بعد مرور 53 سنة، أليس من المبالغ فيه الافتراض بأن النضال ضد الاحتلال لم ينجح؟ هل كانت هناك أمور يمكن القيام بها بصورة مختلفة؟
“سأقول لك ما الذي كان يجب فعله… كان يجب إنهاء الاحتلال. فالاحتلال أم الخطايا”.
عليّ تذكيرك بأن الشاباك هو الذراع التي تتولى العمل الأكثر سواداً للاحتلال. الشاباك يستخدم ضد الفلسطينيين أساليب الضغط الأكثر قسوة. استغلال وضع المرضى.
“بصورة قاطعة، كل شيء تكتيك. الشاباك حارب الإرهاب، ويستخدم ضده كل الوسائل. ربما أكون لطيفاً في نظرك. ولكنني أيضاً أنا الذي وضعت الهاتف المحمول الذي فجر “المهندس” يحيى عياش. ولكن جميع رؤساء الشاباك منذ ذلك الحين عارضوا الاحتلال. لقد حاربوا الإرهاب وعارضوا الاحتلال”.
أوباما تلقى صفعة
مبادرات الضم يسميها غيلون “أمر غير معقول”: تضارب مصالح مطلق لجميع الأطراف. “الوضع الراهن جيد لإسرائيل لأنها تحصل على كل ما تريده بدون مقابل”، قال. “لقد كنت شريكاً كاملاً بصفتي ضابط استخبارات في اتفاقات أوسلو. ولم يتحدث أي شخص بمفاهيم سلام خارج الغرف. السلام هو شيء ما قاموا ببيعه للجمهور. نوع من الأفيون. داخل الغرف تحدثوا عن مصالح، بالضبط هذه هي طريقة عمل طاقم ترامب. إسرائيل خرجت من اتفاقات أوسلو مع الاتفاق الأمني الذي خدمها جداً ضد الإرهاب ومع اتفاقات اقتصادية”.
في المقابل، يفصل غيلون المصالح الفلسطينية في إطار الاتفاقات، سواء الاقتصادية، أو “الخدمات الإسرائيلية ضد التهديد السياسي لأبو مازن، الذي هو حماس”.
ويواصل: “الفلسطينيون خسروا؛ لأن الموضوع الفلسطيني لم يعد قضية العالم، فالعالم الغربي ينشغل الآن بأمرين هما الهجرة وكورونا… من تعنيه القضية الفلسطينية. في المقابل، حدثت العملية نفسها في الدول العربية المعتدلة التي أخذت في الزيادة… من هو الحليف الأفضل ضد إيران من إسرائيل؟ صحيح أنه لن توقع أي دولة عربية على اتفاق مع إسرائيل بدون المرور برام الله، ولكن فعلياً ثمة محور جديد يتطور هنا وكله مصالح. هذا ما فهمه ترامب بصورة ممتازة، في حين تلقى أوباما صفعة مع الربيع العربي، هذا الغبي لم يفهم. ترامب على الأقل قرأ الواقع. وحتى لو لم أتفق مع مضمون خطته، بالتأكيد لا أوافق على الضم أو الترحيل”.
– تنشغل جداً باليمين المسيحاني، ولكنك كرجل أمن، لا تستطيع تجاهل الخطر الأمني الذي يكتنف إقامة دولة فلسطينية في الضفة، وتحديداً في ضوء تجرية قطاع غزة.
“علينا التعلم من أخطائنا في غزة، وأن لا نقوم بتكرارها في الضفة الغربية. فالضفة تتعايش معنا منذ الانتفاضة الثانية. عمليات هنا وهناك دائماً كانت موجودة. ولكن هناك وضع قائم يخدم الطرفين. السلطة لن تطلق الصواريخ على إسرائيل لأنه ليس لها مصلحة في ذلك. بالضبط مثلما لا تقوم بذلك الآن”.
– إذا كان الوضع الراهن ناجحاً جداً، فلماذا نقيم دولة فلسطينية؟
“هذا لأنه يوجد ضرر قائم حالياً جراء الاحتلال. لكن هذا الضرر سيستمر وسيكون أكثر سوءاً”.
-ألم يعد الضم وإعطاء الجنسية للفلسطينيين حلاً قابلاً للتنفيذ في الوضع الراهن؟
“يمكن لهذا أن يحدث، لكن عندها ستطرح أسئلة ديمغرافية، وهذا لا يفيد إسرائيل. لماذا يجب علينا تحويل اليهود إلى أقلية في دولة كل مواطنيها؟ هناك من يؤيدون ذلك، لكنهم أقلية ضئيلة. أعتقد أن الأغلبية الساحقة تريد دولة يهودية وديمقراطية”.
-يهودية وديمقراطية، هل هذا ممكن معاً؟
“حسب رأيي، لا. بصورة أساسية لا يمكن أن يتعايشا معاً. مع الوقت، كان يجب على إسرائيل أن تكون دولة ديمقراطية. ولكن العملية التي بدأت في 1948 بوثيقة الاستقلال توقفت في منتصف الطريق، ولم يكن أحد يتوقع بأن يميناً أيديولوجياً متديناً سيصعد إلى الحكم”.
-ما الذي تفضله، دولة يهودية أم دولة ديمقراطية؟
“أفضل دولة ديمقراطية. وأريد هنا حرية دينية مطلقة، وأعتقد أنه يجب مواصلة تسميتها دولة يهودية وديمقراطية؟ نعم. لأن لهذه الدولة قدراً آخر، وهو يهود الشتات”.
– ما الذي يعنيه تعبير الأفضلية الديمقراطية؟
“المعنى هو أنني لا أمنع المواطنة عمن يريد أن يكون مواطناً هنا. ولكني أشجع اليهود على القدوم ليكونوا مواطنين هنا. هذا يعني أنهم سيحصلون على سلة استيعاب مختلفة. فثمة صراع هنا اعتقد الآباء المؤسسون أنه سيسوّى مع مرور الزمن. فلو بقيت إسرائيل في الحدود التي أقيمت فيها، لشكلنا دولة ديمقراطية دون الحاجة إلى القول بأنها يهودية، يعيش فيها العرب. الاحتلال قام بتغيير الديمغرافيا. لقد تحملنا المسؤولية عن أناس لا يريدوننا. واستخدمنا أدوات وأساليب أفسدتنا”.
-هل العرب يريدوننا؟
“الآن نعم. لأنهم يتمتعون من مزايا الديمقراطية ويعبرون عن أنفسهم. ربما هم أقلية مضطهدة، لكنها غير ملاحقة. “القائمة المشتركة” ليست تنظيماً سرياً، بل تتنافس بالوسائل الشرعية والقانونية، بما في ذلك “بلد”، التي لا أعرف كيف صادقت عليها المحكمة العليا. ولكن ليست لي أي مشكلة مع أيمن عودة”.
-هل سينتهي الاحتلال في وقت ما؟
“لا أرى الآن كوكبة كهذه، إلا إذا كان لدينا رئيس حكومة مثل أرئيل شارون. جميعهم يتحدثون عن الانفصال عن غزة. ولكن الأمر الأهم الذي قام به أرئيل شارون هو الإخلاء في شمال الضفة. بالنسبة للمستوطنين، فإن الاستيطان في غزة كان شيئاً زائداً. فهي ليست من أرض الآباء”.
إرسال التعليق