{.. بيروتُ يا نَصًّا أَزْرَقَ جَاءَ معَ وَجَعِ الزَّوَارِقِ قبلَ أَحْزانِ البَحْرِ ..}
{.. بيروتُ يا نَصًّا أَزْرَقَ جَاءَ معَ وَجَعِ الزَّوَارِقِ قبلَ أَحْزانِ البَحْرِ ..}
بقلم الشاعر محمد صالح غنايم
كيفَ هِيَ حَالُكِ يَا بيروتُ
حينَ غَمَرَتْكِ سُحُبُ الدُّخَانِ الكَثِيفِ
وحينَ غَشَتْكِ تَنَهُّدَاتُ الفَجْرِ الحَزِينِ
يا مُكَسَّرَة الرُّموشِ
يا مَقْصُوصَةَ الضَّفَائرِ ..
يا اِنْهِمَارَ أَمْطَارِ الثُّرَيَّاتِ سُحَامًا
على أَرْصِفَةِ المَوَانِئِ ..
يا اِنْسِكَابَ فيروزِ البُحُورِ رَمَادًا
على رَمْلِ الشَّوَاطِئِ ..
يا اِنْضِفَارِ جَدَائِلِ السَّماءِ سوادًا
على أَكْتَافِ المرافِئِ ؟ ..
كيفَ هُوَ وجهُكِ المَلَائِكِيُّ
اِبْنُ الأَلْفِ حِكَايَةٍ وعِشْرِينَ وجعًا
بعدَ أنْ شَطَبَتْهُ بعدَ الشَّحْذِ السَّكَاكِينُ وخِطَابَاتُ المنابرِ ؟..
كيفَ هُوَ صدرُكِ الفَسِيحُ
موطنُ الظِّبَاءِ والأَرَانِبِ .. مَلْعَبُ الأطفالِ والسَّنَاجِبِ
ومَسْرَى النَّيَازِكِ والسَّحَائِبِ
بعدَ أنْ طَعَنَتْهُ بحقدِ الشَّامِتينَ
حدودُ السُّيُوفِ ونِصَالُ الخَنَاجِرِ ؟..
وكيفَ هِيَ مَوَاسِمُكِ السَّمُوحةُ
الَّذِي مَا عَادَتْ تَهَبُنَا أَشْهَى الغِلَالِ
ولا عادَتْ تَحْمِلُ ذهبَ السَّنَابِلِ إلى البَيَادرِ ؟ ..
كيفَ هُوَ صَوْتُكِ المُشَظَّى كبلورِ المَرَايَا
والمَعْقُودُ بنَوَاصِي الهَدِيلِ كُلَّمَا تأوّهَ ونَاحَ
يا انْفِرَاطَ عقدِ الدَّمعِ على نُهُورِ قلبِي السًّبعةِ
يا نَحِيلَةَ المِعْصَمَيْنِ .. يا ظَلْمَاءَ الثَّغْرِ !؟
كيفَ هوُ لَيْلَكُكِ الفَوَّاحُ ويَاسَمِينُك اللَّمَّاحُ
يَا شَجرةَ لَوْزٍ هَرْهَرَتْ نُوَّارَها قبلَ الحُرُوبِ
على بَلَاطِ البَيْتِ القَدِيمِ قَوَارِيرَ عِطْرٍ ؟! ..
كيفَ هِيَ فَوَانِيسُكِ الَّتي خَبَتْ
وفَرَادِيسُكِ الَّتِي أَقْفَرَتْ
يا قمرًا حَزِينًا يَبْزُغُ مِنْ وَجَعِ القَصِيدةِ
خَفَقَاتِ ضَوْءٍ على سِكَّةِ سَفَرٍ !؟
كيفَ هيَ تَرَاتِيلُ كَنَائسِكِ الَّتي خَرِسَتْ
و تكبيراتُ مآذنِكِ الَّتي صَمَتَتْ
يا نَصًّا أزرقَ جاءَ مع المَرَاكِبِ
قبلَ الدَّلَافِينِ وحَشَائِشِ البَحْرِ !؟
كيفَ هيَ أَشْجَارُكِ الَّتي ذَبُلَتْ قَبْلَ أَيْلُولَ
وَأَقْمَارُكِ الَّتِي أَعْتَمَتْ قَبْلَ السَّحَرِ
يا غيمةً مِنْ كلامٍ مَشْغُولٍ بالعَقِيقِ
لامَسَ فَيْءُ ظِلِّهَا الأَرْضَ المَشَاعَ
فصَارَتْ مَقَاصِيرَ قَصَائدَ وَنَوَافِيرَ شِعْرٍ ؟!
باللهِ عليْكِ قُولِي لِي يَا مَوْجَةً سَابِحَةً
أَهْدَتْ عَشْتَارُ خُلُودَ زُرْقَتِها أَنَاشِيدَ للنَّهْرِ :
كَيْفَ اخْتَصَرَ سَوَادُ عينيْكِ السَّكُوتُ
كُلَّ أَحْزَانِ الأَقْطَارِ والمَمَالِكِ والعَوَاصِمِ ؟ ..
وكيفَ دوَّنَ نَشِيجُكِ دَلَالَاتٍ أُخْرَى للمُرَادِفَاتِ
في الفَهَارِسِ والصَّحَائِفِ والمَعَاجِمِ ؟..
فصَارَ الشُّرُوقُ أَنَّةَ دَوْحَةٍ
وَالنَّهَارُ عُمْقَ طَعْنَةٍ
والغُرُوبُ آهَةَ حَجَرٍ ..
وصَارَ الحَقْلُ وَجَعَ سُنْبُلَةٍ
وَالمِحْراثُ غَصَّةَ سِكَّةٍ
والمِدَادُ تَنْهِيدَةَ دَفْتَرٍ …
إرسال التعليق