الحضارة الصينية في رواية “هي وكورونا”
تميزت رواية “هي وكورونا” للأديبة الفلسطينية إيمان الناطور بشكل مختلف عن روايات هذا العصر بشدة مديحها ووصفها لجمال الحضارة الصينية وامتدادها التاريخي .. وقد ذكرت تاريخ الصين بتركيز عالي بداية من الحكيم الصيني بوذا والحكمة التي كان عليها و الإشادة بفلسفته في الحياة ، ثم امتدادا إلى المعالم السياحية الجميلة في الصين من معابد واثار وحدائق ومعالم تاريخية وسياحية ذات تاريخ عريق مسهبة في وصف جمالها دون أن تتجاهل قدسيتها و جمال الروح الذي يلفها وقد وصفت الرواية الامتداد التاريخي الجميل لهذه الآثار وخاصة مدينة “ووهان” التي خصصت لها الفصل الأول كاملا من روايتها ، والذي أسمته “ووهان” وقد خصصته للحديث عن المدينة حيث وصفتها بمدينة الحب والقلوب الجميلة وخاصة شاطئ بحر ووهان .. وقد تكرر تذكرها لهذه المدينة حتى وهي في لحظات موتها حيث تذكرت الروح الجميلة لأهل “ووهان” وابتساماتهم وقوة تماسكهم، مما ساعدها على هزيمة الموت ، وكيف أن مدينة “ووهان” منحتها الشفاء من ألم روحها وأعادت قلبها طفلا صغيرا خاليا من الهم والحزن .
و قد ركزت الرواية على مدينة ووهان بشكل خاص حيث اعتبرتها مركزا للجمال واتخذتها صورة للمدينة المثالية التي تشفي الروح الإنسانية من أمراضها والتي ساعدتها في مقاومة الموت والعودة الى الحياة من جديد ..فقد كانت مدينة “ووهان” ليست مصدر المرض بل مصدر الشفاء في رواية “هي وكورونا” ، بل وقد استنكرت الكاتبة كليا عبر روايتها أن تكون “ووهان” هي مصدرا لأي مرض أو شيء سلبي ، فقد وصفتها بمدينة الطاقة الإيجابية و الروح الجميلة الباعثة للشفاء .
وهنا سرد سريع لمعالم الحضارة الصينية كما جاءت في الرواية :
– أولا : “ووهان”
بدأت الكاتبة روايتها بالفصل الأول الذي أسمته “ووهان” وخصصته كاملا للحديث عن المدينة الصينية العريقة واصفة إياها بمدينة السحر والجمال .
وتحدثت بتركيز عن شاطئ ووهان فكتبت : “يبيعون ثمار البحر المصفوفة أمامهم بشكل مرتب ، و طيور التي تدور في السماء بمنظر أخاذ فتارة تنزل وتارة ترتفع بسلام .. شعرت للحظات بأن روحي تشفى وأستعيد قلبي القديم البسيط الذي لا هم ولا حزن فيه ..”
ف “ووهان” في الرواية هي مدينة الشفاء ..
– ثانيا : “برج الرافعة الصفراء”
وقد بدأت الكاتبة به كمعلم رئيسي للجمال في الصين وقد وصفته بدقة عالية وتحدثت عن مدى قدسيته منوهة للديانة الطاوية وهي ثاني أكثر عقيدة تأثيرا في الصين بعد الكونفوشيوسية ، فذكرت تاريخه العريق وبناءه ومساحته ، دون أن تستثني تأثيره الروحاني المهيب والذي قالت عنه بالحرف الواحد :” أتأمل البرج بحضوره المهيب ، شعرت بروح الحكمة الصينية التي تهيمن على كل من يتأمله عن قرب ، بالنسبة لي كان من المذهل وجود مبنى على سطح الكوكب بهذا الجمال والهيبة .. كان منظره يثير الرهبة في نفسي …” .
– ثالثا : “معبد جويوان”
وقد تحدثت عن تاريخ بناء المعبد البوذي و موقعه تحديدا لتذكر طريق “جويوي” في حي “هانيانغ” وقد كتبت :”يأتي الناس إليه من كل مكان للصلاة من أجل النعم .”
رابعاً : الحكيم “بوذا”
وقد ذكرته الكاتبة متحدثة عن نشأته ومعتقداته وفلسفته التي اتبعها البحث عن الحقيقة فكتبت :”لقد وهب حياته للبحث عن الحقيقة” … وكتبت أيضا إحدى المقولات الشهيرة لبوذا :”إن مهمتنا في هذا الوجود هي البحث عن الحقيقة” .
واعتمدت على هذه الجزئية بالذات لبناء أحداث الرواية وتسلسلها ، فقد كانت البطلة تبحث عن الحقيقة الوجودية في كل حدث من أحداث الرواية وقد كتبت : “تدور حوله الأساطير التي تقول بأن روح بوذا خالدة خلود الدهر” ..
خامساً : “الإله جوبيتر”
ذكرت الكاتبة حوار بوذا وهو يخاطب إلهه جوبيتر فكتبت : ” إنه ذلك الحوار الشهير الذي أتذكره منذ سنوات طويلة ولا زال يحرك علامات الاستفهام في عقلي حتى الآن .. (لقد أساء الناس فهم حقيقتك …. وكل ما أتمناه ان نعثر على الحقيقة لنصبح آلهة الحياة وآلهة الوجود..) ” ..
سادساً : “نهر تشانغ جيانغ – اليانغستي”
تحدثت الكاتبة عن جمال النهر البديع وما يحيط به من جبال وأودية وتحدثت عن روافده خاصة رافد “هو” وجبال تنغولا ..
فكتبت : كنت أنظر منبهرة بمنظر الجبال الشاهقة والأودية السحيقة وماء النهر اللامع بنور الشمس ”
سابعاً : “جبال الهيمالايا”
تحدثت عن الجبال ورهبتها وشموخها وعن هضبة التبت كجزء منها فكتبت :”تلوح لي هضبة التبت من بعيد كجزء من سلسلة الهيمالايا المهيبة الشامخة” ..
ثامناً : “جسر ووهان الكبير”
وأطلقت عليه الكاتبة في روايتها ب “الجسر الأول لليانغستي” ووصفته بقولها :
“تأملت جسر ووهان الكبير الذي يتكون من طابقين بتصميم هندسي بديع” ..
تاسعاً : “بحيرة ووهان الشرقية”
فتحدثت عن جمالها ومساحتها بدقة ، كما ذكرت أعداد السائحين الوافدين إليها سنويا فكتبت : “لم أستطيع متابعة كلام الدليل وأنا أنغمس في سحر المكان وروح الجمال المسيطرة عليه ” .
عاشراً : “أشجار الكرز الأحمر ”
فكتبت : “سحرني لون الكرز الأحمر”
وكتبت أيضا : “جمال أشجار الكرز الأحمر يأخذ عقلي مع الود المطل من عيون سكان المدينة المنتشرين هنا وهناك مما ذكرني بطاقة الحب والخير التي كان يبعثها الحكيم بوذا ” .
الحادي عشر : “سكان مدينة ووهان”
وقد ذكرت الكاتبة اعجابها بسكان المدينة في عدة مواضع حيث ذكرت انهم يتميزون بالود والابتسامات الصادقة العفوية والروح الجميلة ، كما كتبت أيضا أنها تفاجأت بخطأ المقولة عن آلية سكان الصين في التعامل فكتبت :”أشعر بروح البساطة التي تهيمن على المكان وعلى غالبية السكان هنا “..
“كنت واقعة تحت تأثير سحر مدينة ووهان الذي يسيطر على روحي بقوة غريبة فالسكان هنا ليسوا بهذه الآلية والرتابة كما يقلل بل يسود الحب والمودة وسحر الروح الطيبة في معاملاتهم ”
وفي موضع آخر :”وقد انتقل لي جو الود والحب المسيطرة على أجزاء المدينة ”
وفي موضع آخر : “ابتسامات أهل ووهان المفعمة بروح الود والتي كلما قابلتها شعرت بأني أتحرر من قيود روحي لأفيض بأجمل الأشياء الموجودة في داخلي ”
وفي موضع آخر : “رحلتي هذه غير
وفي موضع آخر : “رحلتي هذه غيرت فكرتي عن الصين كبلد يغلب عليه الطابع العملي على الطابع الإنساني في معاملات الناس ، أعترف بأنني كنت مخطئة ، فالناس هنا ليسوا مجرد آلات ، فهذه الروح الودودة وهذا الحب العامر الذي ألمسه بقلبي في البسمات الصادقة والوجوه البشوشة لسكان مدينة ووهان أبهرتني فعلا ، تلك الابتسامات الحقيقية التي تنم عن قلوب صافية لا حقد ولا بغضاء فيها ، هذا الحب الكبير لمدينتهم ، روح المرح والأمل التي استطاعوا أن يغمروا بها أجواء المدينة غيرت فكرتي القديمة تماما .”
وفي موضع آخر :”سكان ووهان يتضامنون بقوة الحب والأمل في مواجهة كورونا ..يهتفون عبر نوافذ بيوتهم لتشجيع بعضهم البعض على مواجهة الوباء ، إنها طريقة أهل ووهان الاحتفال بعيد رأس السنة القمرية ، ينشرون الفرحة بين بعضهم بعبارات الأكل عبر هتافهم المستمر :”ووهان جيايو” ..ويعني “حافظي على قوتك يا ووهان” أو “واصلي مسيرتك يا ووهان”
إرسال التعليق