اتفاق السلام بين النجاح والفشل
منذ ان وافق الرئيس الراحل انور السادات على عقد اتفاق السلام الشهير ( اتفاقية جنيف ) .. بين مصر واسرائيل, والتي قاطعتها الدول العربية انذاك بسبب رفض الفلسطينين لهذه الاتفاقية التي رأت فيها كثيرا من الاجحاف والتنازلات الغير مبررة في الحقوق الفلسطينية .. وبدعم من الدول العربية تمسك الراحل ياسر عرفات بموقفه الوطني والثوري الذي مكنه من جمع كافة المكونات والحركات الثورية تحت اطار منظمة التحرير .. التي اخذت على عاتقها تبني القضية وحقوق الشعب الفلسطيني كونها الممثل الشرعي والوحيد له .. وبعد ان صنع الثوار الفلسطينين قراراتهم المصيرية في التصدي للاحتلال الصهيوني وما تلاها من مواجهات ولاسيما حرب لبنان مما ادى الى اضعاف الجبهة الفلسطينية التي تقطعت بها السبل, وادت الى هجرة الثورة الى العديد من الدول العربية المساندة للقضية الفلسطينية .. ليأتي بعدها الحدث الاكبر في تاريخ الامة العربية .. هزيمة العراق في حينها مع الكويت والتي كانت تمثل الشعرة التي قسمت ظهر القضية
ومن هنا بدأت الدول العربية بمقاطعة منظمة التحرير التي ساندت الموقف العراقي في حربه ضد دول الخليج والتي بدورها اوقفت كل اشكال الدعم للمنظمة مما جعل هيتها الثورية تتلاشى .. الى ان اجبر الرئيس الراحل ياسر عرفات قبول المبادرة الامريكية التي افرزت اتفاقية اوسلو على مبدأ حل الدولتين والتي كانت مبنية على انشاء سلطة حكم ذاتي ذو طابع مدني .. وعليه تخلت منظمة التحرير عن اهم محور في مواجهة الاحتلال وهو المقاومة , ورغم ذلك لم يخلع عرفات بذلته العسكرية حتى عند دخوله الاراضي الفلسطينية بعد توقيع الاتفاق الشهير والذي جرد الثورة الفلسطينية من سمتها الثورية بعد ان تخلت عن السلاح مقابل السلام وانشاء دولة مدنية ذات طابع انساني
ومن هنا بدأ ابو عمار رحلته المدنية التي لم تدم طويلا .. رغم اعلانه عن تخليه عن الافكار الثورية وتمسكه بالسلام الا انه دعم وبشكل غير مباشر محور المقاومة والتي كانت حماس تتبناه انذاك رغم معارضتها لاتفاق اسلو .. ورغم الخلافات السياسية مع قادتها وقيادات اسلو وما تسببت به حركة المقاومة الاسلامية وحليفها الجهاد الاسلامي من اختراقات امنية في ظل السلطة الوطنية الفلسطينية والتي اخفقت في وضع حجر الاساس لدولة مدنية حسب الاتفاقيات الدولية التي طالما راهنت عليها المنظمة تحت قيادة ياسر عرفات رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية .. الذي اثبت بواقع الحال انه لم ولن يتخلى عن الحلم الكبير .
ومن هذه النقطة وبعد محاولاته الجادة في احتواء المقاومة ولجمها حفاظا على المكتسبات التي حققتها مخرجات اسلو .. الا انه اخفق في اخفاء هويته الثورية مما جعله هدف لدولة الاحتلال كونه خرج عن نص الاتفاق وبعد ما قدمت الاخيرة بالدليل القاطع تورطه في تمويل المقاومة بدأت بفرض حصارها عليه وكان ذلك بمثابة الشرارة التي فجرت الاوضاع الامنية .. الامر الذي ادى الى عسكرة الشعب الفلسطيني واطلاق يد المقاومة .
وبعد وفاة قائد الثورة الفلسطينية .. بدأت حقبة جديدة ابطالها لهم وجهات نظر مختلفة وكان الخيار في ذالك الوقت للشعب الفلسطيني .. وكانت هذه اول الخطوات لتصحيح المسار السياسي ومارس الفلسطينيون اولى المشاهد الديمقراطية .. لتخرج للعالم بحلة جديدة , والتي رفضها معظم دول العالم مما اثار حفظة القيادات المنتخبة ورفض فريق اسلو اي تغيير في في المعادلة وفرضت القوة العالمية حصارا على السلطة .. كانت نتيجته الصدام بين الفلسطينين انفسهم لينقسموا الى فريقين فريق اسلو وفريق محور الشر كما اطلقت عليه امريكا في ذالك الوقت .. وتمكنت حماس من فرض نفسها على الساحة بقوة السلاح بعد ما انسحب جيش الاحتلال من قطاع غزة الذي اتخذت منه حماس مقرا لقيادتها وفرض هيمنتها على سكانه بقوة السلاح مما ادى الى خلخلة النظام الاجتماعي وغياب معالم الحياة المدنية ليتحول القطاع الى بؤرة توتر غير صالحة للحياة بمقياس الدول المتحضرة .. وكانت هذه ذريعة الاحتلال الاسرائيلي بالتخلى عن واجباته وتعهداته في اتفاق السلام ( اسلو ) كما انه كان السبب في اضعاف السلطة الفلسطينية التي واجهت العديد من الصعوبات الاقتصادية والسياسية .. وعدم قدرتها على استعادة مدنية الشعب الفلسطيني .
وها نحن اليوم نشهد تطورا ملحوظ في اعادة تشكيل البنية الاجتماعية والجغرافية والسياسية على المستوى العالمي .. وكذلك التحالفات الاقليمية التي فرضت على بعض الدول اعادة النظر في مصالحها بعيدا عن القضية الفلسطينية.
وللحديث بقية
تحياتي لكم
علاء الدين عبيد
إرسال التعليق