عِقدُ العَقيق

عِقدُ العَقيق

أبكيكِ .. والدمعُ نارٌ تلسعُ الحدقا
وحبسُ دمعي ،.. لقلبي طالما حرقا

فالحزنُ .. يكوي أعماقي .. وأكتمهُ
ليتَ الدموعَ .. كنهرٍ تعبرُ الحدقا

أو ليتَ أنكِ … يا أماهُ … تنتظري
حتى يعودَ ..إلى الأوطانِ من أبقا

أو ليتني متُ .. والأكفانُ تجمعنا
ما همَّنا .. أيُّنا بالموتِ .. قد سبقا

هل أخبروكِ .. عن الأشواقِ أكنزها
ليومِ اللقاءِ … كالقسيسِ إذ عشقا

هل أخبروكِ وسيفُ الخوفِ يطعنني
لو ذِكرُ فرقتنا .. .. بالبالِ قد مرقا

ما مرَّ .. في بالي .. يوماً ولا خطرَ
أنَّ الفِراقَ فقط ، من أجلنا خُلقا

قَبًّلتُ أمي … وكانَ الدمعُ يخبرني
يومَ الوداعِ .. بأنَّ الأوبَ قد سُحقا

يا راحلاً … وأنا في غربتي عَطِشٌ
والشوقُ والموتُ بالعطشانِ ما شفقا

فالنومُ خاصمَ أجفاني … وغادرها
والقلبُ ليتهُ .. بعد الفقدِ ما خفقا

كم كانِ دهري بعهدِ الوصلِ يخدعني
واليومَ أخلَفَ لي عهداً وما صدقا

قد كانَ في القلبِ جرحٌ لا يطبُّبهُ
إلا …. صباحُ لقاءٍ … لاحَ وانفلقا

ما بالهُ الموتُ قد حثَّ الخُطى رملاً
يسابقُ الصبحَ في سُؤْلي وقد سبقا

للهِ أشكوهُ ، … موتاً هادمَ الحُلم
لا بالهوى رَئفَ ، .. لا بالجوى رَفَقا

البعدُ .. جدراني بالموت ِ هدَّمها
أمّا السفينةُ … ذاكَ القبرُ قد خرقا

عِقدُ العقيقِ بقلبي … حَبُّهُ .. فرطَ
مَن فَقدِكِ القلبُ عارٍ خاصفٌ طفقا

غادرتني ، .. وأنا قد عقَّني سفري
ولستُ أدري أبراً كنتُ … أم عققا

أمّاهُ .. من يُرجِعُ المعنى إلى لغتي
ومَن يعيدُ لروحي .. ريحكَ العَبِقا

مَن ذاكَ يمحو مِن الأذهانِ صورتكِ
إن كانَ طيفُكِ في فكري قد التصقا

من تلكَ تسبي مِن الآذانِ همسَتك
والهمسُ صارَ لشعري الحبرَ والورقا

من يا ترى ، عابقاً كالعطرِ في رئتي
وكنتِ أنتِ .. لها الأنفاسَ والرمقا

أماهُ .. عودي فبعدي عنكِ شتتني
والجسمُ مُزِّقَ .. أحزاباً تلوا فِرَقا

فالعقلُ يدركُ .. أنَّ الموتَ .. خاتمةٌ
وأنّهُ .. .. للتلاقي .. أغلقَ الطرقا

والقلبُ إيمانهُ بالوصلِ .. ما انقطعَ
يرجو رجوعكِ فجراً أو متى غَسقا

والروحُ تأبى بغيرِ الوصلِ .. أمنيةً
ردّي لها شطرها … يا توأماً طبقا

أماهُ أمسيتِ ضيفَ الواحدِ الأحدِ
لديهِ … لا تَخشي بَخساً ولا رَهقا

اللهَ .. أسألهُ .. في كلِ أدعيتي
لروحكِ الحُسنى ، والجسمُ قد عُتِقا

رجوتُ ربي .. يجيرُ الأمَ من سقرٍ
كم أُنِهكَ الجسمُ من حمل وكم رُهِقا

يا قبرَ أمي …. سقاكَ اللهُ .. بالبَردِ
مع كلِ ديمةِ صيفٍ تحملُ الودقا

مع السحابِ المندى .. كيفما عَبرَ
وكلَّما … أرعدَ اليعبوبُ أو بَرقا

هذا فؤادي .. بشعري ناطقٌ بعدما
صارَ اللسانُ به .. خَرْسٌ وما نطقا

أماهُ معذرةً … إن قصَّرَ … القلمُ
حبرُ الدواةِ أمامَ الموتِ قد صُعقا

أبكيكِ ما طلُعت شمسٌ وما غَربت
أرثيكِ .. ما نبضَ الشريانُ أو خفقا

إياد الخطيب

إرسال التعليق