مع تفاقم أزمة النازحين السوريين في المخيمات السيدة/ هدى سرجاوي مديرة تجمع المرأة السورية في حوار خاص

مع تفاقم أزمة النازحين السوريين في المخيمات السيدة/ هدى سرجاوي مديرة تجمع المرأة السورية في حوار خاص

 

– معاناة النازحين في اامخيمات ليست وليدة اليوم بل منذ سنوات خاصة مع مقدم فصل الشتاء .
– نعتمد على الإمكانيات الذاتية في تقديم الخدمات وإغاثة النازحين في ظل ضعف الدور الذي تقوم به الأمم المتحدة .

شهدت الفترة الماضية تفاقم أزمة النازحين السوريين في المخيمات ففي الشمال السوري يعيش أكثر من مليوني مدني بالمخيمات كارثة إنسانية في ظل الظروف القاسية التي يعيشها هؤلاء النازحين خاصة مع مقدم فصل الشتاء وافتقادهم لأبسط قواعد الرعاية الإنسانية دون أن يتحرك أحد لأغاثتهم وهو ما دفع مجموعة من النشطاء ومؤسسات المجتمع المدني العاملة في الشمال السوري لإطلاق حملة تحت عنوان “أنقذوا النازحين الأسد هجرهم” وترافقت معاناة النازحين السوريين في مخيم شمال سوريا مع إحراق مخيمات اللاجئين السوريين في لبنان وسط صمت رهيب من العالم العربي والمجتمع الدولي ، وفي ظل تلك المعاناة الإنسانية التي يعانيها هؤلاء النازحين أدلت السيدة/ هدى سرجاوي مديرة تجمع المرأة السورية بحوار خاص والتي كان لها دور كبير في تسليط الضوء على تلك المأساة تناولت فيه أبعاد معاناة هؤلاء النازحين في تلك المخيمات :-

1- ما هو تقييمك لواقع مأساة المهجرين بمخيمات شمال سوريا خاصة في منطقة إدلب والتي تتعرض للحصار والضرب منذ فترة طويلة ؟
تزداد معاناة النازحين في المخيمات في الشمال السوري يوما بعد يوم وقد تفاقمت المعاناة خلال الأيام الأخيرة بعد الإنخفاض الكبير في درجات الحرارة في المنطقة وقلة مواد التدفئة والأبسة حيث تسبب البرد القارس وصعوبة الحصول على مواد التدفئة إلى موت العديد من الأطفال كما سببت الأمطار الغزيزة في غرق بعض الخيم ، وهذه المعاناة ليست وليدة اليوم فمنذ سنوات والمعاناة مستمرة وتتفاقم يوماً بعد يوم وفي كل بداية فصل شتاء تنطلق المناشدات لإنقاذ أهالي المخيمات، واتخاذ التدابير اللازمة للحد من أثر العواصف والأمطار من خلال ترميم الخيم المهترئة و وفرش طرقات المخيم ، والجدير بالذكر أنه خلال الأعوام الثلاثة الماضية استقبلت المنطقة الشمالية نحو مليوني نازح من ريفَي إدلب الجنوبي والشرقي، وحماه وحلب بعد اجتياح النظام وحلفائه على مدنهم وقراهم وأنا إحدى النساء اللواتي هجرن بسبب اجتياح النظام لمدينتي معرة النعمان العام الماضي ، وكانت بعض المنظمات تقدم مساعدات خجولة للنازحين بين الحين والآخر، إلا أن انشغال تلك المنظمات بمواجهة فيروس كورونا جعل المساعدات في حدودها الدنيا، وأخيرا أطلقت منظمات وجهات إنسانية مبادرات لتوزيع مواد التدفئة على النازحين لتخفيف معاناتهم وتوفير جزء من احتياجاتهم في فصل الشتاء.

2- ومن المسئول عن تلك المأساة النظام أم قوات المعارضة والميليشيات التي توجد في تلك المنطقة ؟
المسؤول الأول والأساسي عن هذه المأساة هو النظام السوري الذي واجه المطالبات المحقة من الشعب في الإصلاح والتغيير وتداول السلطة بأشد أنواع العنف واستخدم الأسلحة المحرمة دوليا ومنها السلاح الكيماوي لوأد الحراك الشعبي واستعان على ذلك في دول وميليشيات أجنبية ومارس العديد من الإنتهاكات لحقوق الإنسان.

3- باعتبارك مديرة تجمع المرأة السورية ، ما هو الدور الذي تقومين به في التخفيف من تلك المأساة ؟
في الواقع إمكانياتنا في التجمع محدودة لكننا نساهم قدر المستطاع ، فأغلب الأعضاء في التجمع المرأة هن مهجرات أجبرن على ترك منازلهن والنزوح ويعانين أيضا ظروف صعبة لكننا نساهم قدر المستطاع مثلا من خلال التوعية في العديد من المجالات ومنها فيروس كورونا وقمنا بالتعاون مع بعض المنظمات بتوزيع بعض المعقمات على النازحين
أيضا نستمر في بناء قدرات وتأهيل النساء بالتعاون مع منظمات تعمل في هذا الإطار ونقوم في نقل معاناة السوريين وإيصال صوتهم إلى دول إقليمية ودولية كالإتحاد الأوربي من خلال المؤتمرات والجلسات التي تعقد في هذا الشأن والمطالبة بالتدخل والضغط على النظام وحلفاؤه لوقف الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان والعمل على إيصال المساعدات الإنسانية للداخل والدفع لتحقيق تقدم في الحل السياسي على أساس بيان جنيف والقرارات الدولية وأو همها القرار 2254 .

4- هل تتلقون مساعدات من جهات معينة للقيام بهذا الدور ؟
لا نتلقى أي مساعدات لقاء مانقوم به إنما نعمل على التشبيك بين المنظمات والنساء اللواتي يتلقين الخدمة.

5- ما هي رؤيتك للدور الذي تقوم به الأمم المتحدة في مواجهة تلك المأساة ؟
في الحقيقة أرى (وأنا أيضا عضو اللجنة الدستورية عن وفد المجتمع المدني) أن الدور الذي تقوم به الأمم المتحدة ضعيف ولا يرقى لوقف اكبر مأساة إنسانية في الوقت الحالي وربما الإطار القانوني الناظم لعمل الأمم المتحدة وذراعها التنفيذي مجلس الأمن وحق الفيتو الذي تمتلكه الدول الخمسة الكبرى واستخدامه مرات عديدة في الشأن السوري لمنع اي قرار ضد النظام السوري أو وضعه تحت الفصل السابع هو السبب لعدم فعالية دور الأمم المتحدة في السياق السوري ، وأيضا لا يتم الضغط على النظام بالشكل الكافي لوقف الانتهاكات والقصف والإجتياح العسكري المتكرر والذي يتزامن غالبا مع فصل الشتاء ليفاقم المأساة الإنسانية ، وهناك تقصير في المساعدات الإنسانية وشحها مع الوقت بالرغم من ازدياد الحاجة إليها .

6- ما هي توقعاتك لمستقبل اللاجئين السوريين في الداخل والخارج خاصة بعد تعرض هؤلاء اللاجئين لأعمال إجرامية والتي كان آخرها حرق مخيمات اللاجئين السوريين في لبنان ؟
وضع اللاجئين مستقبل مجهول .. فبعد أن نجوا من الموت على طريق لجوئهم براً وبحراً بدأت تواجههم التعقيدات البيروقراطية من أجل استصدار أوراق ثبوتية أو إقامات شرعية في البلاد التي لجأوا إليها وتحسين ظروفهم المعيشية الرهينة بظروف سياسية واقتصادية أكبر من منهم وتفوق طاقتهم على التحمل أحياناً ، فواجه اللاجئون العام الماضي مجموعة من التهديدات والتعقيدات والقوانين الجديدة التي تصدر من هنا وهناك من أجل تقييد حركتهم ونشاطهم وسط مناخ عام متشنج سياسياً واقتصادياً من وجودهم أصلاً في الدول التي لجأوا إليها في ظلّ تخبط دولي وفشل في إدارة قضية اللاجئين على كافة المستويات واشتباكها بشكل رئيسي مع صعود اليمين المتطرف في المشهد السياسي العام . وبالنسبة للبنان فإنه يتصدر قائمة البلدان الأسواً بالنسبة للاجئين، حيث أن سياسات الدولة اللبنانية تجاه اللاجئين السوريين اتصفت، وفي مراحل مبكرة منذ بداية الثورة السورية بالرفض والتضييق عليهم وذلك بدءاً من الشروط المعقدة التي فرضت على السوريين الراغبين أو المضطرين لدخول الأراضي اللبنانية وصولاً إلى الأوضاع المعيشية الكارثية في مخيمات اللجوء وصعوبة حصول هؤلاء اللاجئين على أوراق قانونية تثبت لجوئهم أو هويتهم . وقد شحنت هذه السياسات بعض اطراف الشارع اللبناني وقام بممارسات عنصرية بحق السوريين أو من خلال حوادث عنيفة دفعتهم بعضهم إلى العودة إلى الأراضي السورية هرباً من العنصرية والظروف بالغة القسوة التي يتعرضون لها، ذلك فضلاً عن ثبوت مئات حالات الترحيل القسري، التي تحدث عنها جهات صحفية وحقوقية عدة.

7- تتعرض المرأة السورية في ظل الظروف الحالية لانتهاكات عديدة كالقتل والاغتصاب ، فما هو دوركم للنهوض بالمرأة السورية في مواجهة تلك الإنتهاكات ؟
كما ذكرت مسبقا نعمل على النهوض بالمرأة من خلال إمكانيات ذاتية تعمل على التوعية وحملات مناصرة أهمها عن التعليم وعمالة الأطفال وجلسات تأهيل وتدريب للنساء وتشجيعهن على المشاركة في الشأن العام ومراكز صنع القرار .

8- في النهاية ما هي مطالبكم من العالم العربي بصفة عامة وجامعة الدول العربية لمواجهة المأساة التي يواجهها الشعب السوري بصفة عامة والمرأة السورية بصفة خاصة ؟
مطالبنا من جامعة الدول العربية والعالم العربي هي الوقوف الحقيقي إلى جانب الشعب السوري بما يرقي لأكبر مأساة في الوقت الحالي والتوقف عن دعم النظام بالنسبة للدول التي لاتزال تدعمه وممارسة الضغوط اللازمة لوقف الإنتهاكات المستمرة التي يقوم بها ، والإفراج عن معتقلي ومعتقلات الرأي و المضي في العملية السياسية على أساس القرارات الدولية ودعم الشعب السوري بكافة السبل الممكنة حتى تحقيق الإنتقال السياسي .

الكاتب الصحفي د/ مصطفى عمارة

إرسال التعليق