ألا أيّها السفر البعيد يا شرياناً ملتهباً بالحنين دروبكَ كالحةٌ
ألا أيّها السفر البعيد
يا شرياناً ملتهباً بالحنين
دروبكَ كالحةٌ
و ليلُكَ قاحلٌ
يدفنُ ضياءَ بدره الحزين
تعتلي الأكتافَ حقائبٌ مودعةٌ
يشجيكَ أنينها في لحظات تأبين
فتمحي ذكرى السعادةِ الأقحوانية
عن القلبِ و الجبين
شخيرُ البعدِ يوقظُ سباتَ رملٍ
يكتوي بوهجِ غرامٍ دفين
أيّها السفر البعيد فلتشهدْ
أنّكَ سرقتَ صفوَ أيامنا
و ميلاد السنين
احزمْ أمتعتكَ و ارحلْ
فقد آنَ الأوان
من جيوبنا… من أطباقنا
و شيخوخةِ أسوارنا
و عقودِ النرجسِ والأقحوان
ارحلْ من تجاعيدِ وجداننا
من ضفائرِ بناتنا
و تقاسيمِ قمرنا
عندما يُخضّلهُ الأرجوان
من صباحنا من نهارنا
من رمادِ الدُخان
لا تمتطِ صهوةَ الشفقِ بعنفوان
فتُولدُ من أرحامِ فجرنا
ارحلْ من غيمنا السارحِ
بكلِّ دفءٍ و حنان
كي لا تهطل علينا
و تسبغُ برمادِكَ كلَّ كيان
فالحبُّ لدينا ما ملكَ الإيمان
و لنا قلوبٌ خُلقتْ لتُصان
و مثلكَ زمنٌ بلا ائتمان
ارحلْ
هاجرتْ السواحلُ
والمدنُ غافية
لا لن نكون كعمرٍ باعَ ياقوتَ أيامه
و كقصيدةٍ طلّقتْ الحروف
و باعتْ قوافيها
و سيظلُّ انهمار الحنين
فوق سواحلِ قلوبنا
و إن كان الحنين لا يرحمُ يا أماه ولا يغادرنا
كالخمرِ … كالحشيش… كالسجائر
لم يعدْ ذاكَ الماضي يأتينا
إلاّ بحقائب الوجع
نحاولُ حفرَ ابتسامةٍ على وجوهنا
بين تجاعيد الأحزان
لكن…
رغمَ تغرّب أجزائنا
و رغم الآهات الدفينة
والأشرعة المسافرة
وخنادق الألم على صفحات
الوجوه السمراء
لم نفقد الأمل
سيبقى شيئاً يُزيل بقع التعب
عن صدورنا
و لو كان ضئيلا.
عُدْ بنا
إلى ضفافِ العمرِ
فوق قشِّ الانتظار
سنتركُ المنامَ
ونفتحُ نوافذَ الحبّ
للربيعِ و الأشجار
عُدْ بنا
لنشبهَ أنفسنا
و نفكُّ سلاسلَ الحصار
سنتركُ الظلامَ للقمر
و نستعيدُ من بحرنا الأسرار
عُدْ بنا
من أساطير الزمن
لننقشَ حروفنا على الجدار
و نشقَّ شوارعاً لمدننا
و بسماتٍ لوجوهنا
و نحتفلُ بعودةِ الموجِ
إلى البحار
إرسال التعليق