في ظل الاحتفالات بيوم الأسير الفلسطيني الأستاذ عبد الناصر فروانة الأسير المحرر والمختص بشئون الأسرى والمحررين في حوار خاص
– اعتقال والدي وأنا طفل لم أتعدى الثلاث سنوات لمدة 15 عاما دفعني للاهتمام بقضية الأسرى خاصة بعدما تذوقت مرارة السجن بجسدي .
– رغم تفشي وباء كورونا داخل السجون الإسرائيلية إلا أن إدارة السجون لم تتخذ إجراءات السلامة وتدابير الوقاية كما لم تخفض من مستوى إجراءاتها التي تنفذها يوميا بدواعي الأمن .
– معاناة وتعذيب النساء الفلسطينيات داخل سجون الاحتلال تتعدى الوصف وتصلح لأن تكون سيناريوهات سينمائية .
أحتفل الفلسطينيون في كافة أنحاء الأراضي المحتلة بيوم الأسير الفلسطيني والذي حل يوم 17 أبريل الماضي والذي يتوافق مع الإحتفال بيوم الأسير العربي يوم 22 أبريل ، ويجيئ احتفال الفلسطينيون بتلك الذكرى في ظل تصاعد الممارسات الوحشية والقمعية ضد الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية وسط صمت دولي على تلك الممارسات ، وفي محاولة لتسليط الضوء على قضية الأسرى الفلسطينيين واوضاعهم داخل السجون الإسرائيلية كان لنا هذا الحوار مع الأستاذ عبد الناصر فروانة الأسير المحرر والمختص بشئون الأسرى والمحررين ورئيس وحدة الدراسات والتوثيق في هيئة شئون الأسرى والمحررين وعضو المجلس الوطني الفلسطيني :-
1- نريد أولا تسليط الضوء على تجربتك مع الأسرى وما تعرضت له من انتهاكات في سجون الاحتلال ؟
بداية لا يسعني في هذا المقام إلا أن أتقدم لكم بجزيل الشكر والتقدير على اهتمامكم بقضية الأسرى، واستضافتكم لي للحديث عن معاناة الأسرى المتفاقمة، وتجربتي الشخصية المتواضعة، التي تتشابك مع التجربة الجماعية للحركة الوطنية الأسيرة، والتي هي أقل ألما ووجعاً من تجارب آخرين كُثر من أبناء شعبنا الفلسطيني.
ان الحديث عن التجربة الشخصية، تثير في النفس الألم والوجع، حيث تعود بي الذاكرة إلى اصل الحكاية إلى الثالث من آذار/مارس 1970، وحيثما كنت طفلا صغيرا ولم يكن عمري قد تجاوز الثلاث سنوات، حينما اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي والدي- رحمة الله عليه- ، بتهمة الانتماء لـ “الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين” ومقاومة الاحتلال، وزجت به في سجونها لأكثر من خمسة عشر عاماً متواصلة قبل أن يتحرر في إطار صفقة تبادل الأسرى الشهيرة عام 1985.
وخلال تلك السنوات الطويلة، تعرفت على السجون وحفظت مفردات الاعتقال واسماء السجون ومواقعها قبل أن أعرف طريق المدارس أو رياض الأطفال، وقبل أن أتعلم أبجديات اللغة العربية وأنطق حروفها. وكبرت وكبرت بداخلي قضية الوطن، واندفعت مبكرا إلى مقاومة الاحتلال، فتذوقت مرارة السجن بجسدي، بعدما رأيته على جسد أبي وفي عيون أمي وأخي وأخواتي، وتحولت أنا الآخر بدوري إلى أسير لأربع مرات، ولست سنوات، ذقت خلالها مرارة السجون وقساوة التعذيب وبشاعة معاملة السجان، فصقلت شخصيتي وتعلمت اثناء سنوات سجني ما لم اتعلمه خارج السجن.
2- وماذا بالنسبة لأعداد ومعاناة الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية ؟
ان سلطات الاحتلال الإسرائيلي اعتمدت الاعتقالات نهجاً منظماً وممارسة مؤسساتية ووسيلة لقمعهم وإرهابهم وبث الرعب والخوف في نفوسهم، وإلحاق الأذى والضرر بوضعهم الصحي وكبح ارادتهم ومقاومتهم.
فسُجل نحو مليون حالة اعتقال منذ العام 1967، وهي النسبة الأكبر في العالم، وأن تلك الاعتقالات امتدت وشملت كافة فئات وشرائح المجتمع الفلسطيني من جميع المستويات والطبقات والفئات، ذكوراً وإناثاً، أطفالاً ورجالاً، صغاراً وشيوخاً. حتى أضحت الاعتقالات جزءًا لا يتجزأ من فلسفة الاحتلال وسلوكه اليومي في التعامل مع المواطنين الفلسطينيين. وباتت جزءًا أساسيًا من منهجية الاحتلال للسيطرة على الشعب الفلسطيني، حتى غدت الاعتقالات الوسيلة الأكثر قمعًا وقهرًا وخرابًا بالفرد والأسرة والمجتمع الفلسطيني. ومع ذلك لم تنجح في دفع الشعب الفلسطيني للتخلي عن حقوقه ووقف مسيرته الكفاحيه ضد المحتل من أجل انتزاع حريته.
وما زال نحو (4500) اسير موزعين على نحو 23 سجنا ومعتقلا ومركز توقيف، بينهم (140) طفلا و(41) اسيرة، و(440) معتقلا إداريا، دون تهمة أو محاكمة، و(10) نواب سابقين، ومئات من الأكاديميين والكفاءات العلمية والرياضيين والقيادات السياسية والمجتمعة. وعشرات كبار السن وأكبرهم سناً الأسير “فؤاد الشوبكي” الذي يبلغ من العمر (81 عاما).
وتشير المعطيات الإحصائية الى وجود قرابة (550) أسير يعانون من أمراض مختلفة، منهم عشرات ظروفهم صعبة للغاية، حيث يعانون من أمراض مزمنة وخطيرة، كالسرطان والقلب والفشل الكلوي والشلل، وهؤلاء بحاجة الى رعاية طبية مناسبة وتدخل علاجي عاجل لإنقاذ حياتهم. كما وتشير إلى أن نحو ((543 أسيراً يقضون أحكاماً بالسجن المؤبد “مدى الحياة” مرة واحدة أو عدة مرات، وأعلاهم حكما الأسير عبد الله البرغوثي، والذي صدر بحقه حكما بالسجن المؤبد (67) مرة.
ولعل المؤلم أكثر وجود (62) أسيراً مضى على اعتقالهم أكثر من عشرين سنة على التوالي. بينهم (33) أسيرا مضى على اعتقالهم أكثر من 25سنة، ومنهم (13) أسيرا وقد هَرِموا بعد أن أمضوا ثلاثين سنة وأكثر في سجون الاحتلال وما زالوا وراء القضبان. هذا بالإضافة إلى عشرات آخرين ممن تحرروا في صفقة وفاء الأحرار (شاليط) وقد أعاد الاحتلال اعتقالهم، ولعل أبرزهم “نائل البرغوثي” الذي أمضى ما مجموعه (41) سنة على فترتين. أرقام صادمة تُثير فينا كثير من الألم والوجع.
ان جميع هؤلاء المعتقلين تعرضوا لشكل أو أكثر من اشكال التعذيب الجسدي أو النفسي، والى الكثير من الانتهاكات والجرائم، تتمثل في: أماكن الاعتقال وسوء ظروف الاحتجاز والتهوية وسياسة الاعتقال الإداري والعذيب والعزل الانفرادي والتنكيل والقمع المنظم والإهمال الطبي والأحكام العالية وفرض الغرامات المالية الباهظة والحرمان من التعليم وزيارات الأهل ووضع عراقيل أمام زيارات المحامين وسوء الطعام ..الخ. مما يفاقم من معاناتهم ويضاعف من آلامهم ويسبب لهم كثير من الأمراض وهذا ما أدى الى استشهاد نحو(226) أسيراً داخل سجون الاحتلال منذ العام 1967، بسبب الاهمال الطبي والتعذيب المميت والقتل العمد. هذا بالإضافة الى مئات آخرين –لم يتم احصاءهم- توفوا بعد خروجهم من السجن متأثرين بأمراض ورثوها عن السجون. وآخرين كُثر كان السجن قد تسبب لهم بإعاقات مستدامة، جسدية وعقلية أو حسية (بصرية وسمعية).
ولم تقتصر الاعتقالات أو الانتهاكات بحق الأحياء فقط، وانما تواصل سلطات الاحتلال احتجاز جثامين أكثر من (250) شهيدا، في مقابر الأرقام أو ثلاجات الموتى، من بينهم (7) جثامين لأسرى فلسطينيين استشهدوا داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي، وما زالت جثامينهم محتجزة. وهذه تعتبر من أكبر الجرائم القانونية والانسانية والأخلاقية.
3- وكيف تتعامل سلطات الاحتلال مع الأسرى من الأطفال ؟
لقد شكلّت عمليات اعتقال الأطفال الفلسطينيين، سياسة إسرائيلية ثابتة منذ بدايات الاحتلال الإسرائيلي، واستمرت دون توقف حتى يومنا هذا، ويُقدر عدد من اعتقلتهم سلطات الاحتلال منذ العام 1967 ما يزيد عن (50.000) طفل فلسطيني، ذكورا واناثا، دون احترام للقواعد النموذجية الدنيا في معاملة الأطفال المحتجزين، ودون أن تلبي أدنى احتياجاتهم الأساسية والإنسانية. وذلك بهدف تشويه واقعهم وتدمير مستقبلهم والتأثير على توجهاتهم المستقبلية بصورة سلبية وخلق جيل مهزوز ومهزوم، إذ لم تخلُ السجون الإسرائيلية يوما من تمثيلهم.
ويُحتجز هؤلاء الأطفال في ظروف صعبة وشروط حياتية قاسية، ويتعرضون إلى صنوف مختلفة من التعذيب الجسدي والنفسي، ويتلقون معاملة لا إنسانية وأحياناً يُعاملوا بقسوة وعنف، وتُنتزع الاعترافات منهم تحت وطأة التعذيب والتهديد، ويُحرموا من أبسط حقوقهم الأساسية، كالحق في التعليم والعلاج والغذاء وزيارات الأهل والمحاكمة العادلة وغيرها.
وخلال السنوات الأخيرة تمادت سلطات الاحتلال الإسرائيلي في امعانها وجرائمها بحق الأطفال الفلسطينيين، وخاصة أطفال القدس، حيث ناقش الكنيست الإسرائيلي (البرلمان) وأقر عدة قوانين تستهدف واقع ومستقبل الأطفال الفلسطينيين، وبما يسهل اجراءات اعتقالهم ومحاكمتهم وتغليظ العقوبات بحقهم.
ان انتشار جائحة “كورونا” لم يشفع للأطفال الفلسطينيين، إذ واصلت سلطات الاحتلال اعتقالاتها لهم، وسجل العام المنصرم2020 اعتقال نحو 543)) طفلا، فيما اعتقلت منذ مطلع العام الجاري قرابة (250) طفل. ومازالت سلطات الاحتلال تحتجز في سجونها نحو (140) طفلا فلسطينيا، يتواجدون في سجون عوفر ومجدو والدامون.
لقد دفع الأطفال الفلسطينيين ثمناً باهظاً، على مدار سني الاحتلال، ومن يقرأ شهادات الأطفال الذين مرّوا بتجربة الاعتقال يُصاب بالذهول والصدمة، ويكتشف أن غرف التحقيق والتعذيب ومراكز الاحتجاز، ليست سوى مسلخ للطفولة الفلسطينية وافتراس لكل ما هو جميل ورائع فيها، وأن حقوق الطفل ليس لها مكان على أجندة الاحتلال حينما يتعلق الأمر بمعاملة الأطفال الفلسطينيين.
4- تحدثت الأنباء عن تفشي وباء كورونا داخل السجون الإسرائيلية ، فما حقيقة ذلك وكيف تعاملت سلطات الاحتلال مع انتشار هذا الوباء ؟
نعم. تحل مناسبة “يوم الأسير” هذا العام في ظل تفشي وباء “كورونا” داخل سجون الاحتلال، ولم يعد هناك فرقاً ما بين “كورونا” والسجان الإسرائيلي، فكلاهما يؤذي الجسد ويعذب الروح ويقتل النفس،. وان اجتمع الاثنان تفاقمت معاناة الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين.
إن الأوضاع منذ انتشار “كورونا”، لم تتغير، فالاعتقالات مستمرة، وسُجل منذ انتشار الجائحة في المنطقة في آذار/ مارس من العام الماضي اعتقال قرابة (5000) فلسطيني/ة، كما وبقيت ظروف الاحتجاز في سجون الاحتلال على حالها، وقواعد المعاملة وظروف التحقيق وأدوات التعذيب دون تغيير، ولم تتخذ ادارة السجون اجراءات السلامة وتدابير الحماية، ولم توفر أدوات الوقاية، كما ولم تُخفض من مستوى اجراءاتها التي تُنفذها يومياً بدواعي (الأمن)، دون مراعاة لخطورة الاحتكاك والمخالطة واحتمالية انتشار العدوى، حتى تفشى الوباء بين صفوف الأسرى وأصاب (368) أسيراً، حتى كتابة هذه السطور، وفقا للرواية الإسرائيلية التي لا نثق بها، لذا يُعتقد أن تكون أرقام المصابين أكبر من ذلك.
ان سلطات الاحتلال لم تكتفِ بعدم تقديم ما هو ضروري وإنساني، وإنما سعت إلى الى توظيف فايروس “كورونا” لمعاقبة الاسرى وذويهم ومفاقمة معاناتهم، وكأن التعذيب النفسي والجسدي والإهمال الطبي وتجويع المحجوزين لم يعد كافياً لإشباع نهمها الانتقامي وتنفيس حقدها، فصادرت الحق في زيارة الأهل ووضعت عراقيل أمام زيارات المحامين وفرضت اجراءات استثنائية بذريعة “كورونا”، والتي يُخشى ان تتحول الى قاعدة يحتاج تغييرها وإعادة الاوضاع الى ما كانت عليه قبل زمن “كورونا” إلى كثير من التضحيات والخطوات النضالية.
لكنها حاولت في الآونة الأخيرة خداع الرأي العام والتحايل على مطالبات المؤسسات الحقوقية، فاتخذت بعض الخطوات الشكلية، وقدمت اللقاح لغالبية الأسرى، في ظل عياب الإشراف الدولي ورفضها الرقابة الطبية الدولية المحايدة، مما يجعلنا نشكك في نواياها ويُخشى استخدام الأسرى حقول لتجارب اللقاحات.!
5- وما هي حقيقة تعرض النساء الفلسطينيات للتعذيب والاغتصاب داخل سجون الاحتلال ؟
يُقدر عدد من اعتقلهن الاحتلال منذ العام 1967 بنحو سبعة عشر ألف مواطنة، شملت أمهات وزوجات، ونساء كبيرات طاعنات في السن، وحوامل ومريضات ومعاقات، وفتيات قاصرات وطالبات في مراحل تعليمية مختلفة، وكفاءات أكاديمية وقيادات مجتمعية ونائبات منتخبات في المجلس التشريعي. وما زالت تحتجز في سجونها نحو (41) اسيرة، بينهن النائب “خالدة جرار”، والعديد من المريضات أبرزهن الأسيرة اسراء الجعابيص.
ولا تختلف الأشكال والأساليب، التي يتبعها الاحتلال عند اعتقاله للمرأة أو الفتاة، عن تلك التي يتبعها عند اعتقال الرجال، كما وتتعرض المعتقلات بالفعل إلى صنوف مختلفة من التعذيب القاسي، الجسدي أو النفسي والمعاملة المهينة، دون مراعاة لجنسها وخصوصيتها، وبعضهن تعرضن بالفعل للتحرش اللفظي أو الجنسي والتعري والتهديد بالاغتصاب، وقلائل منهن من تجرأن وتحدثن بمرارة عما تعرضن لهن من تعذيب وما مورس بحقهن من جرائم ومن بينها الاغتصاب.
إن معاناة وعذابات النساء الفلسطينيات داخل سجون الاحتلال، تتعدى الوصف، وتصلح لأن تكون سيناريوهات سينمائية. وقد يخيل للبعض أن وصفنا مبالغ فيه، وربما كان سبب ذلكـ اقتصار دلائل الإثبات لدينا على الروايات والشهادات، التي تقدمها الضحايا، في ظل إصرار دولة الاحتلال على أن تُبقي أبواب سجونها مغلقة أمام وسائل الاعلام والمنظمات الدولية وممثلي مؤسسات حقوق الإنسان.
6- وما هو موقف المنظمات الحقوقية ومنظمات حقوق الإنسان من تلك الانتهاكات ؟
هناك موقف حقوقي وقانوني واضح من قبل المنظمات الحقوقية ومنظمات حقوق الإنسان، الفلسطينية والعربية، ازاء ممارسات الاحتلال بحق الأسرى والأسيرات، باعتبارها انتهاكات جسيمة ويرتقي بعضها لمصاف جرائم، وفقا للاتفاقيات والمواثيق الدولية، وأن جميع تلك المنظمات تدين الاحتلال، ولكن التفاوت يكمن في دور تلك المؤسسات ومتابعتها وقوة فعلها وتأثيرها.
7- هل قمتم بتوثيق تلك الجرائم ورفعها إلى المنظمات الدولية والحقوقية للمطالبة بحماية الأسرى وحسن معاملتهم؟ وما هو موقف تلك المنظمات من تلك الانتهاكات ؟
نعم. نقوم المؤسسات المعنية بمتابعة الانتهاكات والجرائم عبر طواقم متعددة، ونعمل على توثيقها، ورفعها الى المنظمات الدولية، ولقد تواصلنا مرارا مع تلك المنظمات الدولية، ونلتقي باستمرار مع مسؤوليها أو ممثلين عنها، وأنا شخصيا زرت مؤسسات دولية كثيرة في العالم والتقيت مسؤولين فيها، وفي كل مرة نطالبهم بضرورة توفير الحماية للأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال والتدخل لإلزام دولة الاحتلال على احترام الاتفاقيات والمواثيق الدولية في تعاملها معهم، كما وطالبنا مرارا ومنذ سنوات طويلة بضرورة إرسال وفد طبي دولي محايد الى السجون للاطلاع على طبيعة الأوضاع الصحية الصعبة وتقديم الرعاية الطبية اللازمة للمرضى لإنقاذ حياتهم ووقف مسلسل سقوط الشهداء منهم داخل السجون، وما زلنا ننتظر.! مما يثير الكثير من التساؤلات وعلامات الاستفهام حول دور تلك المنظمات واستقلاليتها وحيادية مواقفها. وهنا لا نضع كافة المنظمات الدولية في سلة واحدة، فهناك تفاوت واختلاف في الآداء والمواقف، فيما نرى عجزا جماعيا في التأثير وإجراء التغيير المأمول أمام عنجهية الاحتلال.
ان مبادئ حقوق الانسان وجوهرها، تُداس وتُنهك من قبل الاحتلال أمام مرأى ومسمع من العالم أجمع، دون أن تُحرك تلك المؤسسات ساكناً، حيث مازالت تلك المبادئ مجرد حبراً على ورق بالنسبة للشعب الفلسطيني، وما زالت حقوق الإنسان الفلسطيني، تنهك على مدار اللحظة وبشكل لم يسبق له مثيل من قبل دولة الاحتلال الإسرائيلي.
ومن هنا ندعو المجتمع الدولي بمؤسساته المختلفة إلى تحمل مسئولياتهم الأخلاقية والإنسانية، والعمل على حماية القانون الدولي وصون الاتفاقيات الدولية التي تُضرب بعرض الحائط من قبل دولة الاحتلال الإسرائيلي التي تعتبر نفسها فوق القانون، بما يكفل للإنسان الفلسطيني حقوقه الأساسية وكرامته وحقه في الحياة بحرية ، وأن يكفوا عن ممارسات التمييز والتسييس وازدواجية المعايير والكيل بمكيالين والانتقائية وثنائية المفاهيم …الخ .
8- بعد قرار محكمة العدل الدولية بإدراج الجرائم التي نقوم بها إسرائيل في الأراضي المحتلة ، هل يمكن محاكمة المتورطين ي تلك الجرائم ضد الأسرى ؟ وهل تنوون توثيقها ورفعها إلى المحكمة ؟
نعم ممكن محاكمتهم، وهذه مسؤولية الجميع، بل ومن الضروري التحرك الجاد والاقتراب أكثر من المحكمة الجنائية الدولية لمحاكمة الاسرائيليين المتورطين في ارتكاب الجرائم بحق الأسرى والأسيرات، ونحن من جانبنا ومعنا كافة المختصين نعمل على توثيقها، ومعنيون برفعها إلى المحكمة الجنائية الدولية. ولاشك بأن هناك توافقاً فلسطينياً على أن يكون “ملف الأسرى والمعتقلين” على رأس أجندة القيادة الفلسطينية، وعلى رأس الملفات التي ستحال الى المحكمة الجنائية الدولية، كما أن هناك اجماعاً على خطورة ما يتعرضون له داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي.
لهذا رأينا بأن انضمام دولة فلسطين الى المحكمة الجنائية الدولية في الأول من نيسان/ابريل عام2015، بالحدث التاريخي، ومدخلاً مهماً لنصرة الضحايا الفلسطينيين ورفع الحصانة عن المحتل وتشكيل سياسة رادعة، واستحضار “العدالة الدولية الغائبة”.
لذا فمن الأهمية مواصلة الضغط على “المحكمة الجنائية” لفتح تحقيقات بجرائم إسرائيلية ارتكبت بحق الفلسطينيين عامة والأسرى خاصة، وضرورة اللجوء إلى استخدام كل الأدوات القانونية والآليات الدولية الأخرى لتفعيل مبدأ الملاحقة والمحاسبة .
وكلنا على قناعة بان غياب مضمون العدالة الدولية في محاسبة “اسرائيل” على جرائمها بحق الأسرى الفلسطينيين، هو ما جعلها تتصرف على أنها دولة فوق القانون وكأنها محمية من الملاحقة والمحاسبة، وهو ما يدفعها إلى ترسيخ ثقافة “الإفلات من العقاب”، لدى كل الإسرائيليين، وهذا يشجعهم على التمادي في ارتكاب المزيد من الانتهاكات الجسيمة والجرائم المنظمة بحق الفلسطينيين عامة والأسرى والمعتقلين خاصة.
9- تحدثت الأنباء عن صفقة محتملة بين حماس وإسرائيل لتبادل الأسرى ، فهل تتوقع أن تسعى حماس للإفراج عن كافة المعتقلين أم أن هناك فئة منتقاه سوف تسعى للإفراج عنها ؟
لقد أولت الفصائل الفلسطينية أهمية فائقة لتحرير الأسرى، منذ بدايات الثورة الفلسطينية المعاصرة، وبذلت جهودا كبيرة في هذا الصدد، وسجلت انتصارات عديدة عبر ما يُعرف بصفقات تبادل الأسرى، مما أثر إيجابا على الأسرى وعوائلهم، وانعكس ذلك على معنوياتهم وتعزيز صمودهم بعد إتمام كل صفقة تبادل، فيما نرى بأن ما تمتلكه حركة “حماس” اليوم من أوراق قوة في غزة يمكنّها من اتمام صفقة تبادل جديدة، تشمل فئة منتقاه من الأسرى للإفراج عنهم، وهنا لا بد من دعوة “حماس” للاستفادة من التجارب السابقة والعمل على تجاوز ثغرات وأخطاء الصفقة السابقة وتوسيع دائرة التشاور وتعزيز الشراكة الوطنية في اختيار الأسماء وإعداد قوائم الفئة المنتقاة.
مع التأكيد على أن من حق الشعب الفلسطيني اللجوء الى كافة الخيارات للإفراج عن أسراه في ظل تعنت دولة الاحتلال وتعاملها الشاذ مع الأسرى والمعتقلين في سجونها.
10- في النهاية ما هي مطالبكم من الدول العربية والجامعة العربية فيما يتعلق بتلك القضية ؟
قضية الأسرى هي ركن أساسي من أركان القضية الفلسطينية العادلة، والتي تعتبر قضية الأمتين العربية والاسلامية، لذا فإننا نتطلع دائما الى مواقف عربية واسلامية متقدمة وأدوار داعمة وجهود مساندة على كافة الصعد والمستويات، بما يكفل تكامل الأدوار ويدعم عدالة القضية ويعزز من مكانة الأسرى القانونية ومشروعية نضالهم، ودائما ثقتنا عالية بالشعوب الحية والمخلصين من أبناء أمتنا العربية والاسلامية.
حاوره
مصطفى عمارة
إرسال التعليق