أزمة سد النهضة والكرامة المصرية

أزمة سد النهضة والكرامة المصرية

كتب-محمدنصار

في الوقت التي تواصل أثيوبيا تعنتها ومحاولة إذلال مصر في قضية سد النهضة باصرارها على الملئ الثاني للسد في شهر يوليو القادم دون إنتظار الوصول إلى إتفاق ملزم يحفظ حقوق مصر المائية شهد الموقف المصري في الأيام الأخيرة تراجعا غير مبرر ، فبعد إعلان الرئيس السيسي أن 15 أبريل هو الموعد النهائي للتوصل إلى إتفاق حول سد النهضة مهددا أثيوبيا بأن مصر سوف تسلك كافة الخيارات للحفاظ على حقوقها المائية باعتبارها قضية حياة او موت جاءت تصريحات الرئيس الأخيرة مخيبة للآمال من خلال التصريحات التي أدلى بها من خلال استبعاد الخيار العسكري لحل الأزمة والتذكير بما عانت منه أمتنا العربية من حروب عام 67 وحرب العراق وكان من الطبيعي وأمام هذا التراجع أن تصعد أثيوبيا من موقفها وتعلن رفضها منح مصر حصتها التاريخية من المياه طبقا لمعاهدة 1959 ورغم كل هذا فلا زال الموقف المصري متمسك بخيارات دبلوماسية لا جدوى منها تعطي أثيوبيا مزيدا من الوقت لتنفيذ مخططاتها بالملئ الثاني للسد وحرمان مصر من حصتها من المياه ولعل الموقف المصري المتخاذل من تلك القضية رغم خطورتها هو استمرار للمواقف المصرية المتخاذلة تجاه القضايا المصيرية التي تمس الأمن القومي المصري والعربي ، وإذا كانت إسرائيل فشلت في تحقيق نصر عسكري على مصر واخضاع إرادتها فإنها للأسف نجحت في الغزو الثقافي والفكري لمصر والأمة العربية من خلال التخلي عن القيم الدينية والأخلاقية للإنسان المصري والعربي والتي مكنته من تحقيق الانتصارات عبر التاريخ وبعد أن كان هذا المواطن يتفاعل مع قضايا المنطقة وتخرج المظاهرات من الجماعات لنصرة شعوب فلسطين والعراق أصبح هذا الإنسان لا يبالي بتلك القضايا وانكفأ هذا الإنسان على قضايا الذات وكيفية تحقيق رغباته وملذاته مع تراجع قيمه الدينية والأخلاقية وانتقلت تلك النظرة الذاتية إلى المجتمع فأصبح الإنسان لا يبالي بما يعانيه الآخرين وكأن الأمر لا يعنيه ثم انتقلت تلك النظرة إلى الأسرة ذاتها فأصبح كل فرد في الأسرة يفكر في ذاته مما أدى إلى تفكك الأسر وانهيارها وهكذا حققت إسرائيل هدفها الأساسي من الغزو الثقافي والفكري في خلق مجتمعات مفككة وبعيدة كل البعد عن قيمها الدينية والأخلاقية ، وإذا كانت قضية المياه تمثل بالنسبة لنا قضية حياة او موت فإن الأخطر بالنسبة لنا قضية الإنسان لأن موت المبادئ والقيم لدى الإنسان هو موت لحاضرنا ومستقبلنا ولعل تحارب التاريخ لهي خير شاهد على ذلك فلقد أنتصر المسلمون وخاضوا المعارك تلو المعارك دفاعا عن الإسلام واستطاعوا وهم قلة أن يفتحوا مشارق الأرض ومغاربها لقوة عقيدتهم حتى في الأوقات التي تعرضنا فيها للهزائم والنكسات كما حدث عام 1973 ، إننا مطالبون اليوم قبل غدا بإعادة بناء الإنسان المصري وإعادة قيمه الدينية والأخلاقية التي اندثرت حتى تعود لمصر قوتها وهيمنتها لتقود أمتنا العربية والإسلامية نحو مستقبل الرخاء والعزة والكرامة وبدون ذلك فسوف نسير من هزيمة إلى أخرى ، وصدق رسولنا الكريم عندما قال: ستتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة على قصعتها قال الصحابة أمن قلتنا يا رسول الله؟ قال بل أنتم كثرة ولكنها كثرة كغثاء السيل .. وليس بعد كلام رسولنا الكريم كلام يقال .

 

إرسال التعليق