سحرة فرعون

سحرة فرعون

 

منذ آلاف السنين دعى سيدنا موسى فرعون إلى الإسلام وعبادة الله الواحد إلا أن فرعون قابل تلك الدعوة بالرفض والاستعلاء وكان رده عليها أن قال لقومه أنا ربكم الأعلى وكان يمكن لفرعون أن يتراجع عن ظلمه واستبداده إذا راجعه قومه عن الباطل وأرشدوه إلى الحق إلا أن سحرة فرعون وزمرة الافاقين ايدوا فرعون في دعوته مما زاده ظلما وطغيانا وقد وصفهم الله عز وجل في كتابه الكريم عندما قال: فاستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قوما فاسقين ، وكان من نتاج ذلك أن هلك فرعون وقومه ، ورغم مرور آلاف السنين على تلك الواقعة إلا أنها تكررت عبر العصور في صورة حاكم مستبد وزمره من الافاقين الذين يؤيدونه خوفا وطمعا مما أدى إلى هلاك تلك الأمم بفعل الديكتاتورية التي جرت عليها الظلم والاستبداد وتكبيل الرأي الآخر ، ورغم بعض الإنجازات التي حققها حكاما ديكتاتوريين في بلادهم إلا أن تلك الإنجازات كانت لا تعكس الحقيقة لأنها حوت في داخلها بذور الهزيمة وكرست للظلم والاستبداد والفساد وهناك امثلة عديدة على ذلك فلقد استطاع هتلر أثناء الحرب العالمية الثانية أن يقود ألمانيا لغزو العالم والاستيلاء على مساحات شاسعة من الأراضي مستغلا البطش والاستعباد لأبناء شعبه وكان من نتيجة هذا كله أن تحولت الانتصارات إلى كوارث لألمانيا لا تزال تعاني منها حتى الآن وهناك امثلة عديدة في العالم العربي جرت عليها الهزائم والكوارث بفعل الأنظمة الديكتاتورية التي لا تقبل الرأي الآخر ولعل ما حدث في العراق إبان حكم الرئيس الراحل صدام حسين لهي خير شاهد على ذلك فرغم الإنجازات التي تحققت في عهد صدام حسين والذي أصبحت العراق في عهده قوة صناعية واقتصادية وعسكرية وضعتها في صدارة الوطن العربي إلا أن ديكتاتورية صدام ونفاق زبانيته أدت إلى قراره بغزو الكويت والذي أدى بالعراق إلى تلك الكارثة التي يعاني منها الأن ، ورغم وطنية الزعيم الراحل جمال عبد الناصر والإنجازات التي حققها إلا أن نفاق زبانيته والتي صورت له أنه الزعيم الأوحد الذي لا يخطئ أوصلته إلى هزيمة 1967 والآن تعيش مصر أجواء ديكتاتورية جديدة صنعها سحرة فرعون العصر الحديث فرغم وجود العديد من السلبيات في العديد من القطاعات كالتربية والتعليم وزيادة الأسعار والقروض إلا أن هؤلاء السحرة خاصة في مجال الإعلام تحدثوا عن إنجازات لم تحققها مصر عبر التاريخ وهو ما يمكن أن يؤدي بمصر إلى كارثة جديدة ، إنني ورغم تحفظاتي على بعض ممارسات النظام الحالي إلا إنني في نفس الوقت أرفض إعلام تصفية الحسابات من جانب بعض المعارضين ولقد هاجمت من قبل دعوة محمد علي والذي دعى الجماهير إلى الخروج ضد نظام السيسي لأن الفوضى دون وجود بديل سوف تؤدي بمصر إلى كارثة جديدة ، إنني أطالب بإعلام موضوعي يشيد بالإنجازات ويدعمها وفي نفس الوقت ينتقد السلبيات ويضع لها البديل ويغلب المصلحة العامة على مصلحة الفرد وبهذا النهج فقط تخرج مصر من عثرتها وتنطلق إلى آفاق الرقي والتقدم .

مصطفى عمارة
مدير مكتب جريدة الزمان الدولية بالقاهرة

إرسال التعليق