في ذكرى 30 يونيو أخطر الأسرار عن سقوط دولة الإخوان
كتب-مصطفي عمارة
لم يكن سقوط حكم الإخوان في 30 يونيو مفاجئة بل كان متوقعا بفعل قلة خبرة التنظيم الذي أعتمد في كثير من مراحله على العمل السري فضلا عن استعجال الإخوان الوصول إلى السلطة في ظل مناخ غير مهيئ لنجاح تجربتهم في الحكم ، وبأستعراض تاريخ جماعة الإخوان منذ نشأتها والتي بدأت كجماعة دعوية انتشرت بسرعة البرق بفعل الكاريزما التي تمتع بها مؤسسها حسن البنا يجد أن النجاح السريع الذي حققته الجماعة في مجال العمل الدعوي قابله إخفاق بعد تحول الجماعة من العمل الدعوي قابله إخفاق بعد تحول الجماعة من العمل الدعوي إلى العمل السياسي فعندما قرر حسن البنا المرشد العام للجماعة الترشح لانتخابات البرلمان في دائرة الإسماعيلية مسقط رأسه كان حزب الوفد وقتئذ هو الحزب اي يحظى بأكبر قدر من الشعبية واصطدم الإخوان بهذا الحزب الذي كان يقوده وقتئذ مصطفى النحاس وعندما أدرك البنا أن تجربته السياسية لن تحقق النتائج المرجو منها تحالف مع الملك ضد الوفد وكان نتيجة ذلك أن خسر الإخوان الطرفين خاصة بعد قيام التنظيم السري للإخوان بعدد من الاغتيالات أفضت في النهاية إلى مقتل حسن البنا نفسه وإعلان رئيس الوزراء المصري وقتئذ حظر الجماعة واعتقال أعضائها واتيحت الفرصة الثانية للإخوان بعد إنضمام عدد من تنظيم الضباط الأحرار إلى الجماعة وعلى رأسهم عبد الناصر والذي تحالف مع الجماعة ، وكشف المستشار الدمرداش العقالي أحد قادة الإخوان أن حسن البنا رشح عبد الناصر كواحد من ضمن المرشحين لخلافته على منصب المرشد ، وتروي هدى عبد الناصر إبنه الزعيم الراحل أن حسن البنا كان دائم التردد على منزل أبيها وكلف عبد الناصر الإخوان بحماية طريق الإسماعيلية في حالة تدخل الإنجليز ضد الثورة ، وبعد نجاح الثورة وتولي عبد الناصر الحكم أمر بفتح التحقيق في مقتل حسن البنا وعين ثلاثة وزراء منتمين للإخوان في أول حكومة للثورة واستثنى الإخوان من قرار حل الأحزاب السياسية وفي إجتماع حاسم بين عبد الناصر والهضيبي طلب الهضيبي عدة مطالب من عبد الناصر كمكافأة للإخوان على دعمهم الثورة وهي إلزام النساء بلبس الحجاب وتخصيص وزارات معينة للإخوان كالتربية والتعليم وأن تكون هناك خلايا للإخوان في الجيش تؤتمر بأمر الإخوان ، وكان طبيعيا أن يرفض عبد الناصر تلك المطالب بعد أن أدرك أن الإخوان يريدون السيطرة على الثورة وكان طبيعيا أن يحدث الصدام والذي إنتهى باعتقال قيادات الإخوان وإعدام بعضهم وتكرر السيناريو في عصر السادات والذي حاول استخدامهم لضرب التيار الناصري في الجامعات وعقب معاهدة كامب ديفيد انقلب الإخوان على السادات خاصة بعد قيام السادات باعتقال قيادتهم ومصادرة جريدة الدعوة منبر الإخوان الإعلامي ، ورغم أن علاقة الإخوان بمبارك لم تكن نفس قوة علاقتهم بعبد الناصر والسادات إلا أن مبارك أعطى لهم نوع من الحرية حتى أنهم حصلوا على 88 مقعد في إنتخابات البرلمان ومع تردي الأوضاع في نهاية عصر حسني مبارك وتدخل زوجته ورجال الأعمال في الحكم مع بروز احتمال قيام مبارك بتوريث السلطة إلى أبنه جمال مبارك بدا أن هناك ثورة في الأفق والتي كان للجيش دورا كبيرا فيها ، وروى مصدر قريب من المشير طنطاوي في تصريحات خاصة أن طنطاوي حذر مبارك أكثر من مرة أن الجيش لن يسمح بتوريث السلطة وعندما اندلعت الثورة والتي لم يكن للإخوان دور مؤثر في بدايتها انحاز الجيش لتلك الثورة وروى نفس المصدر أن مبارك عقد اجتماع طارئ ضم قيادات الجيش والشرطة وعند عقد الإجتماع دخل جمال مبارك غرفة الإجتماعات فما كان من طنطاوي إلا أن عنف مبارك وطلب من جمال الخروج حينئذ أدرك مبارك أن انقلابا عسكريا قد حدث واستسلم في النهاية إلى الأمر الواقع وقرر التنحي ، وفي هذا الوقت كان تيار الإخوان الأكثر تنظيما لأن الثورة كانت عفوية وليس لها أهداف محددة سوى رحيل مبارك ، وبعد قرار الجيش إجراء انتخابات لرئاسة الجمهورية أعلن الإخوان عدم خوضهم تلك الإنتخابات إلا أنهم تراجعوا في النهاية عن هذا القرار وقرروا ترشيح محمد مرسي ، وفي حوار أجريناه مع يونس مخيون زعيم حزب النور كشف لنا أنه تحدث مع مرسي وطالب الإخوان عدم الترشح للرئاسة لأن الظروف غير مهيأة لتولي التيار الإسلامي السلطة إلا أن الإخوان أصروا على ترشيح محمد مرسي للرئاسة رغم أنه لم يكن الرجل القوي وأدركت كأعلامي من خلال الحوارات التي اجريتها مع قادة الجماعة قبل الثورة أن اختيار الإخوان لمرسي كمرشح لهم كان لأنه لا يتمتع بشخصية قوية كالتي يتمتع بها خيرت الشاطر الرجل القوي في الإخوان وكان من السهل عليهم السيطرة عليه لتمرير مخططهم ، وفي ظل وجود عدد من المرشحين للرئاسة أبرزهم الفريق احمد شفيق وزير الطيران السابق والمقرب من مبارك كشف لنا المصدر المقرب من المشير طنطاوي أن طنطاوي انحاز للإخوان لخلافات قديمة مع أحمد شفيق كما أن الإخوان لا يملكون القوة العسكرية والتي مكنت الجيش من ازاحتهم من السلطة وتقييد حركتهم وهو ما تحقق عندما حل الجيش مجلس الشعب وتولى السلطة التشريعية ووضع إعلان دستوري لتقييد حركة الإخوان وأدرك الإخوان أن الجيش هو الحاكم الحقيقي للبلاد وقرر مرسي التخلص من طنطاوي ورئيس الأركان بدعوى فشلهم في التعامل مع مذبحة رفح والتي تحوم شكوك كثيرة عن قيام الإخوان بتدبيرها لإيجاد مبرر للتخلص من طنطاوي ورئيس أركانه وكان هذا هو الخطأ القاتل الذي أطاح بحكم الإخوان بعد أن أخطأوا الحساب بأن الجيش هو الحاكم الحقيقي للبلاد وعين مرسي المشير السيسي وزيرا للدفاع وكان معروفا أن السيسي هو التلميذ النجيب لطنطاوي وبدأ الجيش خطة إزاحة الإخوان بتأليب كافة المؤسسات لعدم التعاون معهم وافتعال الأزمات كأزمة البنزين حتى اندلعت ثورة 30 يونيو والتي أطاحت بحكم الإخوان وتولي الرئيس السيسي مقاليد السلطة .
وعن تقييمه لفترة حكم الإخوان كناقد أجرينا حوار مع أحمد مكي وزير العدل في عهد الرئيس السابق محمد مرسي والذي قدم استقالته بسبب حالة الفوضى التي عمت البلاد وقتئذ أكد فيه أن مرسي لم يكن مسئولا عن قتل المتظاهرين الذين حاصروا قصر الاتحادية لأنه كان دائما يرفض الدم وقتل الأبرياء كما أنه لم يكن له مخطط لأخونة الدولة وأنه كان يستشيره في الكثير من الأمور ، وعن قرار مرسي إصدار إعلان دستوري مكمل وإقالة النائب العام قال أنه أعترض على هذا القرار وعن رأيه في الأنباء التي ترددت عن نية المؤسسة العسكرية المبيتة للإطاحة بمرسي أوضح أن المؤسسة العسكرية تحكم مصر منذ عام 1952 بالأجهزة السرية أو ما يسمى بالحكومة الخفية وهو الأمر الذي أعترف به عبد الناصر ، وعن الأخطاء التي ارتكبها مرسي قال أنه لم يكن يملك الأفراد الأكفاء لإدارة الحكم فضلا عن الفساد الذي استشرى في الجهاز الإداري ، ونفى أحمد كامل بأن السيسي نقل رسالة إلى مرسي بإجراء إستفتاء على شرعيته ، ودعا مكي في نهاية حواره الرئيس السيسي إلى إجراء مصالحة شاملة مع كافة التيارات حتى يتحقق الإستقرار لمصر .
إرسال التعليق