أزمة لبنان والطائفية
على الرغم من الجهود التي بذلها أكثر من مرشح لتشكيل الحكومة اللبنانية إلا أن تلك الجهود فشلت مما أدى إلى تفاقم الأزمة السياسية والاقتصادية اللبنانية وهو ما أدى الى استمرار الإضرابات والاحتجاجات والتي صاحبها زيادة حدة التوتر على الحدود اللبنانية الإسرائيلية بين حزب الله وإسرائيل وهو الأمر الذي ينذر بأوخم العواقب على حاضر لبنان ومستقبله ويفتح المجال أمام قوى خارجية تعمل على تحقيق أجندتها الخاصة للعبث بأمن لبنان وسيادته ، وعلى الرغم من أن البعض يحمل حزب الله اللبناني مسئولية تردي الأوضاع الداخلية إلا أن تحميل حزب الله المسئولية وحده يعد تغريم للمشكلة وصحيح أن حزب الله يعمل لتحقيق أجندة إيرانية في لبنان كما أنه يمتلك من القوة العسكرية ما يمكنه من التأثير على الأوضاع الداخلية إلا أن النظام الطائفي المعمول به في لبنان منذ عقود طويلة والذي أفرزته حقبة استعمارية يعد أساس المشكلة التي يعاني منها لبنان ورغم أن إتفاق الطائف حاول إيجاد حل لتلك المعضلة إلا أنه لم يحقق النتيجة المطلوبة فاستمر هذا النظام بكل سلبياته ليلقي بظلاله على الأوضاع السياسية الداخلية والخارجية لذا فإن الأمر يتطلب للخروج من هذا النفق المظلم إلغاء هذا النظام وأن يكون تولي المناصب على أساس الكفاءة وليس على أساس المذهب والطائفة وأعتقد أن إلغاء الطائفية سوف ينعكس إيجابيا على المساهمة في محاربة الفساد والذي استشرى بين النخبة الحاكمة وقد طرح السيد. مهدي حرقوس رئيس حركة التلاقي والتواصل اللبنانية مبادرة لإلغاء الطائفية تحت شعار لا للطائفية نعم للوطن وأعتقد أن تلك المبادرة تحتاج إلى دعم من كافة المخلصين الحريصين على حاضر لبنان ومستقبله أما بالنسبة لقضية حزب الله فأرى أن مسئولية تعاظم قوة هذا الحزب وتنفيذه أجندة إيرانية لا تقع فقط على الأطراف الداخلية أو بعض القوى الخارجية بل أن العرب أنفسهم مسئولين عما آلت إليه الأوضاع الحالية فمن المعروف أن العدو الإسرائيلي له أطماع قديمة في لبنان ولا يزال يحتل حتى الآن مزارع شبعا اللبنانية ويواصل اعتداءاته اليومية على الأراضي اللبنانية ، ووسط عجز الجيش اللبناني عن صد تلك الاعتداءات برزت قوة حزب الله الذي تدعمه إيران في التصدي لتلك الاعتداءات وهو ما اكسبه شعبية كبيرة بين اللبنانيين خاصة في الجنوب اللبناني فأين كان العرب من دعم قوة لبنان العسكرية والاقتصادية لصد تلك الاعتداءات للأسف اكتفى العرب كالعادة بعبارات الشجب والادانة وهو الأمر الذي أتاح لإيران التدخل في شئون لبنان من خلال دعمها لحزب الله وهو الأمر الذي تكرر أيضا مع حركة حماس في فلسطين ، إن العرب مطالبون أكثر من أي وقت مضى بإعادة النظر في سياستهم تجاه لبنان والمنطقة برمتها لأنهم مسئولين عما آلت إليه الأوضاع في لبنان وسوريا والعراق وليبيا واليمن بعد أن وقفوا موقف المتفرج من أحداث المنطقة تاركين للقوى الخارجية المجال للتدخل والعبث بأمن تلك الدول والأمن العربي برمته وهو الأمر الذي سوف يتكرر في دول أخرى وحينئذ فإننا سوف نجد أنفسنا في وضع يصعب أو يستحيل إصلاحه وعندئذ لن ينفع الندم ولن تجدي .
مصطفى عمارة
مدير مكتب جريدة الزمان الدولية بلندن
إرسال التعليق