الخلاف بين السياسة والدين

الخلاف بين السياسة والدين

 

منذ نعومة أظافري وعندما وصلت إلى ريعان شبابي تبلور فكري ومشاعري نحو ثوابت ثلاثة وهي بالترتيب الإسلام ثم العروبة ثم الوطن باعتبار أن الإسلام هو الإطار الجامع الذي ينضوي تحته العروبة والوطن بل أن العروبة والوطن لن يكون لهما معنى إلا بالإسلام وهو ما أمرنا الله عز وجل في كتابه الكريم واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ، فأي حبل سوى حبل الله لن يجدي في تحقيق الوحدة لأمتنا ورغم وجود روابط اللغة والتاريخ المشترك والدم التي جمعت بين أمتنا فأنها لم تنجح في تحقيق وحدتنا وترابطنا سواء على المستوى الدولي أو المجتمعات أو الأفراد بل تردى بنا الحال إلى أن يضرب بعضنا رقاب بعض رغم تلك العوامل التي تجمع بيننا ورغم إيماني الذي لا يتزعزع ان الإسلام هو السبيل الوحيد الذي يمكن أن يوحد أمتنا إلا إنني في نفس الوقت رفضت الإنضمام إلى أي جماعات دينية لأنني أرى أن تلك الجماعات عامل من عوامل فرقتنا كما أن تلك الجماعات ترفع شعارات دينية لدغدغة مشاعر الناس وهي في الحقيقة تهدف إلى تحقيق أجندات خاصة سواء أكان ذلك الوصول إلى السلطة أو غيرها ، وليس معنى عدم انضمامي إلى جماعة معينة إنني على خلاف مع الشعارات الدينية التي ترفعها كشعار الإسلام هو الحل لأنني أؤمن بأن الإسلام فيه حل لجميع مشاكلنا كما أنني أحلم أيضا بدولة الخلافة الإسلامية التي تجمع المسلمين في دولة واحدة رغم صعوبة تحقيق ذلك في العصر الراهن كما إنني أرفض أيضا أن يؤثر خلافنا مع تلك الجماعات على الوقوف معها في خندق واحد إذا كان الأمر يمس ديننا أو عقيدتنا ولكن للأسف فإن الكثيرين يخلط في الخلاف بين السياسة والدين رغبة منه في تملق السلطة أو الحصول على مكاسب دنياوية وأذكر منها التي أيدت تركيا عندما أعادت الصلاة في مسجد أيا صوفيا باعتبار أن ذلك يخدم الإسلام ويعيد إلى الأذهان مجد الخلافة الإسلامية كما إنني رفضت محاولات بعض متملقي السلطة إعادة فتح مذابح الأرمن على يد الأتراك وإن كان أولى بنا كمسلمين أن نفتح مذابح الفرنجة ضد المسلمين في دير ياسين وصبرا وشاتيلا وغيرها ولكننا للأسف ننساق وراء دعايات أعداء الإسلام متناسين قول الله تعالى “ولن ترضى عنك اليهود والنصارى حتى تتبع ملتهم” كما إنني تعجبت من الهجوم الذي تعرض له نجم الكرة المصرية محمد أبو تريكة عندما هاجم المثليين متأثرين في ذلك بانتماء أبو تريكة لجماعة الإخوان رغم أن ا الأمر لا يمس الإخوان من قريب أو من بعيد بل يمس ديننا وعقيدتنا ، إننا مطالبون في تلك المرحلة الدقيقة التي تجتازها أمتنا والتي تتعرض فيه لهجوم شرس من جانب أعداءها ومحاولتهم ربط الإرهاب بالإسلام أو الإساءة لديننا الحنيف بدعوى الحرية والتي هي في الواقع دعوى للانحلال وهدم المجتمعات والتخلي عن العقيدة والاخلاقيات أن نوحد كلمتنا ومواقفنا في مواجهة تلك الهجمة الشرسة والتي تستهدف أمتنا بلا إستثناء ولعل هذا يتطلب عدم الخلط بين الخلاف السياسي والدين فالخلاف السياسي أمر وارد أما الخلاف الديني فيجب أن يكون خط أحمر حتى لو اختلفت توجهاتنا وانتمائاتنا .

مصطفى عمارة
مدير مكتب جريدة الزمان الدولية بلندن

إرسال التعليق