يعتبر العزل الانفرادي من اقسى اشكال التعذيب

يعتبر العزل الانفرادي من اقسى اشكال التعذيب

كتب مصطفى عماره

عبد الناصر فروانة: تواصل ادارة سجون الاحتلال الاسرائيلي عزل الاسرى الستة الذين نجحوا في الهروب من نفق سجن جلبوع، وتضع كل أسير في زنزانة انفرادية وفي سجون متباعدة وبظروف قاسية جدا، وذلك انتقاما منهم على ما قاموا به، بالرغم ان القانون الدولي يسمح بمحاولات الهروب من سجون الاحتلال، ولايجيز اللجوء الى العزل الانفرادي لفترات طويلة او الى اجراءات تلحق الاذى بالاسرى. فيما لايمكن أن يمر العزل الانفرادي دون أن يترك أثاره السلبية على صحة ونفسية الأسير، لاسيما ان طالت فترة العزل.

ان دولة الاحتلال تعتبر نفسها دولة فوق القانون وتمارس العزل والتعذيب في اطار سياسة منظمة و أعتقد أن غالبية المعتقلين الفلسطينيين قد مرّوا بتجربة العزل الانفرادي، أثناء التحقيق، خاصة أولئك الذين مرّوا على السجون المركزية، فيما الآلاف من الفلسطينيين مكثوا في زنازين العزل الانفرادي لفترات متفاوتة ما بعد انتهاء التحقيق وخلال سنوات سجنهم كإجراء عقابي وانتقامي.

و يُعتبر العزل الإنفرادي من أقسى أشكال التعذيب، الجسدي والنفسي، وتلجأ إليه سلطات الاحتلال كوسيلة للضغط على المعتقل أثناء التحقيق لانتزاع الاعترافات منه، أو كوسيلة للانتقام لما قام به الأسير ، وأحيانا لإحداث حالة ارباك ولا استقرار بين صفوف الأسرى وعزل الأسرى المؤثرين وقيادات الحركة الأسيرة والحد من تأثيرهم على الآخرين، بالإضافة الى استخدامه كأداة للضغط في حالة الحراك النضالي والاضرابات عن الطعام، الجماعي أو الفردي، أو وسيلة للعقاب تحت ذرائع مختلفة.

لقد أجازت الاتفاقيات الدولية قيام الدولة الحاجزة بفرض عقوبات تأديبية “كالحبس أو الغرامات المالية أو العمل الشاق” في سجونها ومعتقلاتها، لكنها في الوقت ذاته اعتبرت المبالغة في تطبيق تلك العقوبات وفرض شروط غير منطقية على المعتقلين، يُشكل جريمة.

ولأن العزل الانفرادي هو مبالغة في تطبيق العقوبة، فهو ممنوع دوليا، ويتعارض مع اتفاقية مناهضة التعذيب لعام 1984، حيث يعتبر العزل الانفرادي من أنماط التعذيب الجسدي والنفسي، كما ويتعارض والفصل التاسع من اتفاقية جنيف الرابعة، بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب، المتعلق بالعقوبات، وخاصة المواد (117-118-119).

ويعنى بالعزل وضع الأسير/ة في زنزانة صغيرة، وهي عبارة عن مكان ضيق ومعتم ورديء التهوية، وخالي من مظاهر الحياة المختلفة، ويتم العزل تماما عن الأسرى والعالم الخارجي وتُفرض على المعزول/ة اجراءات مشددة لإبقائه في حالة حصار دائم وحرمان مستمر من أبسط مظاهر الحياة الاجتماعية والإنسانية. لذا تُوصف زنازين العزل بـ “مقابر الأحياء”. فيما تتفاوت فترة المكوث في “العزل”، فقد تكون قصيرة، لأيام واسابيع، وقد تمتد لاسابيع وشهور وسنوات بقرار من اجهزة الأمن و المحاكم الصورية لشهور . وقد يكون العزل مفتوحاً ويستمر لسنوات طويلة. وهناك من النماذج المريرة لأسرى أمضوا عشر سنوات، بل عشرين سنة وما يزيد في العزل الانفرادي.

عبد الناصر فروانة

إرسال التعليق