عيد_الأم : شاعر دمشق والياسمين والحب نزار قباني عند إعلامه بوفاة والدته أم المعتز” فائزة ” كتب خاطرة طويلة رائعة تتأرجح بين الشعر والنثر اخترت لكم منها :

عيد_الأم : شاعر دمشق والياسمين والحب نزار قباني عند إعلامه بوفاة والدته أم المعتز” فائزة ” كتب خاطرة طويلة رائعة تتأرجح بين الشعر والنثر اخترت لكم منها :

 

 

كتب مصطفى عماره

#عيد_الأم :
شاعر دمشق والياسمين والحب نزار قباني عند إعلامه بوفاة والدته أم المعتز” فائزة ” كتب خاطرة طويلة رائعة تتأرجح بين الشعر والنثر اخترت لكم منها

كسمكةٍ اخترقها رمح
جاءني هاتفٌ من دمشق يقول:
“أمك ماتت”.
لم أستوعب الكلمات في البدايه
لم أستوعب كيف يمكن أن يموت السمك كله
في وقتٍ واحد..
****
يعرفونها في دمشق باسم ( أم المعتز).
وبالرغم من أن اسمها غير مذكور في الدليل السياحي
وأهميتها التاريخية لا تقل عن أهمية (قصر العظم)
ومزار (محي الدين بن عربي).
وعندما تصل إلى دمشق..
فلا ضرورة أن تسأل شرطي السير عن بيتها..
لأن كل الياسمين الدمشقي يهرهر فوق شرفتها،
وكل الفل البلدي يتربى في الدلال بين يديها..
وكل القطط ذات الأصل التركي..
تأكل.. وتشرب.. وتدعو ضيوفها.. وتعقد
اجتماعاتها..
في بيت أمي..
***
نسيت أن أقول لكم، إن بيت أمي كان معقلاً للحركة الوطنية في الشام عام 1935. وفي باحة دارنا الفسيحة كان يلتقي قادة الحركة الوطنية السورية بالجماهير. ومنها كانت تنطلق المسيرات والتظاهرات ضد الانتداب الفرنسي..
وبعد كل اجتماع شعبي، كانت أمي تحصي عدد ضحاياها من أصص الزرع التي تحطمت.. والشتول النادرة التي انقصفت… وأعواد الزنبق التي انكسرت..
وعندما كانت تذهب إلى أبي شاكيةً له خسارتها الفادحة، كان يقول لها، رحمه الله، وهو يبتسم:
(سجلي أزهارك في قائمة شهداء الوطن.. وعوضك على الله…)
***
أمي تؤمن بربٍ واحد.. وحبيبٍ واحد.. وحبٍ واحد..
قهوة أمي مشهورة..
فهي تطحنها بمطحنتها النحاسية فنجاناً.. فنجاناً..
وتغليها على نار الفحم.. ونار الصبر..
وتعطرها بحب الهال..
وترش على وجه كل فنجان قطرتين من ماء الزهر..
لذلك تتحول شرفة منزلنا في الصيف..
إلى محطةٍ تستريح فيها العصافير..
وتشرب قهوتها الصباحية عندنا..
***
كلما سألوها عن شعري، كانت تجيب:
” ملائكة الأرض والسماء.. ترضى عليه”.
طبعاً.. أمي ليست ناقدة شعر موضوعية..
ولكنها عاشقة. ولا موضوعية في العشق.
فيا أمي. يا حبيبتي. يا فائزة..
قولي للملائكة الذين كلفتهم بحراستي خمسين
عاماً، أن لا يتركوني…
لأنني أخاف أن أنام وحدي…

إرسال التعليق