مهزلة التطبيع العربي وتراجع الدور المصري
في الوقت الذي يواصل فيه المستوطنين الصهاينة انتهاكاتهم اليومية للمقدسات الإسلامية وعلى رأسها المسجد الأقصى في ظل حماية الشرطة الإسرائيلية دون أن يحرك العالم العربي ساكنا وكأن تلك المقدسات لا تعنيهم حتى ولو بكلمات الإدانة والاستنكار بل سارع الحكام العرب الذين باعوا دينهم وأرضهم بالدولارات طمعا في حماية الراعي الأمريكي لانظمتهم المستبدة التي نكلت بشعوبهم وازاقتهم الذل والفقر والاستبداد إلى تطبيع علاقاتهم بالكيان الصهيوني فعقدت خلال الأيام الماضية اجتماعات بمدينة شرم الشيخ والعقبة بهدف تعزيز التعاون الاقتصادي والأمني في مواجهة الإرهاب رغم أن إسرائيل هي زعيمة الإرهاب في المنطقة كما أنه لا يخفى على أحد أن هناك تنسيق خفي بين إسرائيل وإيران لاقتسام المنطقة العربية ويبدوا أن العرب لم يستفيدوا من دروس الماضي فبالأمس تحالفت الأنظمة العربية مع الولايات المتحدة لضرب العراق وكانت النتيجة أن احتلت العراق من جانب الولايات المتحدة والتي سلمتها بعد ذلك إلى إيران لتكون خنجر في ظهر العرب وأداة مساومة للأنظمة العربية لابتزال أموالهم وثرواتهم واليوم تكرر تلك الأنظمة العربية نفس السيناريو والذي سوف تدفع في مقابله غاليا بل أن الولايات المتحدة والكيان الصهيوني سوف يقدمون تلك الأنظمة قربانا لهم فور انتهاء مهامهم والتي كلفوا بها لأن العملاء دائما ليس لهم مكانا إلا في مزبلة التاريخ ولعل تجربة شاه إيران لهي خير دليل على ذلك فرغم عمالته للولايات المتحدة أقدمت الولايات المتحدة على التخلص منه بعد استيلاء نظام الملالي على السلطة ، وإذا كان اللوم يوجه للأنظمة العربية العميلة التي هرولت للتطبيع مع الكيان الصهيوني فإن اللوم الأكبر يقع على مصر والتي أراد الله أن تقود العرب والمسلمين للدفاع عن الإسلام والعروبة إلا أن هذا الدور بدأ يتراجع رويدا رويدا عقب اتفاقية كامب ديفيد بعد أن نجحت إسرائيل في عزل مصر عن عالمها العربي ، وفي ظل غياب مصر احتلت العراق وتم غزو لبنان وغاب الدور المصري عما يجري في سوريا اليوم وفي ظل حالة التشرذم والانقسام التي تعاني منه أمتنا فإن العرب أحوج ما يكونوا إلى عودة مصر لدورها القيادي لأن مصر خلقت تقود ولا تقاد بل أن مصر في أمس الحاجة للعودة لنفسها بمبادئها وقيمها التي دافعت عنها عبر التاريخ حتى تعود أمتنا كما كانت خير أمة أخرجت للناس .
الكاتب الصحفي د/ مصطفى عمارة
مدير مكتب جريدة الزمان الدولية بلندن
إرسال التعليق