المعايير المزدوجة

المعايير المزدوجة


​في الوقت الذي أصدرت فيه محكمة الجنايات حكما بإعدام الطالب محمد عادل المتهم بقتل زميلته نيرة أشرف في أسرع محاكمة استغرقت يوما واحدا لا تزال قام قضية المستشار أيمن حجاج المتهم بقتل الإعلامية شيماء جمال تراوح مكانها بعد أن أصدرت المحكمة حكما بتأجيل القضية بدعوى أن المحامين يطالبون وقتا لجمع مزيد من المعلومات لتشابك أطراف القضية رغم اعتراف المتهم بقتل زوجته ولعل التفسير الوحيد لتعامل المحكمة في تلك القضيتين أن الطالب ليس لديه أقارب أو معارف من أصحاب النفوذ على عكس الآخر الذي يمتلك علاقات مع جهات سيادية وثروات طائلة جمعها بطرق غير مشروعة من أموال الشعب كانت كفيلة بمفردها بمحاكمته على نهب المال العام ولعل ظاهر المعايير المزدوجة التي سادت مصر خلال الفترة الماضية في التعامل مع أصحاب النفوذ والسلطة والمتورطين في قضايا فساد كبرى تعد من أخطر الظواهر والتي تهدد بانفجار محتمل أصبح وشيكا في مجتمع يعاني من احتقان بسبب تردي الأوضاع المعيشية والغلاء الفاحش الذي يلتهم جيوب الفقراء ولعل قضية الفساد في وزارة الصحة والتي تم القبض على مساعدي وزيرة الصحة دون المساس بها بل بالعكس تم التعتيم على تلك القضية وظلت وزيرة الصحة بمنصبها تظهر بين الحين والآخر في مناسبات عدة كان أبرزها حضورها حفل زفاف المستشار الاعلامي لوزارة الصحة في حفل أسطوري فمن أين له كل هذه الأموال؟ كما جندت أجهزة الدولة كل إمكانياتها للدفاع عن إبن وزيرة الهجرة المتهم بقتل إثنين من أصدقائه في الولايات المتحدة فهل تتعامل الدولة مع مواطنين عاديين متورطين في قضايا مماثلة وإذا قارنا بين مصر وغالبية الدول العربية مع الدول المتقدمة ومن بينها إسرائيل نجد أن مواطنين تلك الدول يتعاملون بمنطق السواسية بين مواطنيهم رغم وجود عنصرية مع المواطنين العرب فنرى أن رئيس وزراء إسرائيل يتهم في قضايا فساد حتى وهو في منصبه وهو ما جعل مواطني دولة إسرائيل يشعرون بالانتماء لتلك الدولة الغاصبة لأنها تحافظ على كرامتهم وأذكر هنا ما قاله الجاسوس الإسرائيلي عزام عزام عندما أفرجت مصر عنه حينما سئل هل كنت تشعر بالقلق من عجز إسرائيل عن الإفراج عنك فقال كلمته الشهيرة لم أشك لحظة في ذلك لأن إسرائيل لا تنسى مواطنيها كما شنت إسرائيل حرب ضروس على لبنان لمجرد خطف جنديين إسرائيليين من قبل حزب الله بينما لم تفعل مصر شيئا في قضية مقتل آلاف الجنود المصريين في سيناء عام 1967 رغم اعتراف إسرائيل بقتلهم ولا أعتقد أن مصر سوف تفعل شيئا بعد اعتراف إسرائيل بحرق العشرات من الجنود المصريين في الضفة الغربية لان إسرائيل تحترم مواطنيها وتقدر ادميتهم أما في مصر فالإنسان البسيط ليس له أي قيمة وإذا أرادت مصر والعالم العربي تحقيق التقدم المنشود فأنه لا سبيل إلا تحقيق العدالة المفقودة والتخلي عن ظاهرة المعايير المزدوجة حتى يشعر المواطن بالانتماء لبلده وصدق رسولنا الكريم عندما قال هلك من كان قبلكم كان إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد .

​الكاتب الصحفي د/ مصطفى عمارة

إرسال التعليق