الإمارات الإسرائيلية المتحدة

الإمارات الإسرائيلية المتحدة

كتب مصطفى عماره

​ضربت الإمارات العربية المتحدة في عهد الراحل الشيخ زايد آل نهيان أروع الأمثلة في تجسيد القيم والمبادئ العربية الأصيلة ولقد تحدث المصريين الذين عملوا بالإمارات أن الشيخ زايد كان يغرس في الشعب الإماراتي تلك القيم الأصيلة عندما كان يتحدث دائما عن دور مصر الذي جسده الزعيم الراحل عبد الناصر في بناء الإمارات علميا وثقافيا وحضاريا وكانت قمة عطاء الشيخ زايد أثناء حرب اكتوبر ودعمه للجيش المصري والسوري أثناء الحرب بالمال والعتاد وكذلك في قطع البترول عن الغرب للضغط على إسرائيل ولا يمكن أحد أن ينكر أن الشعب الإماراتي كان ولا يزال يجسد كل قيم الأصالة والشهامة وهذا ما لمسته جيدا في كل ما تعاملت معهم من الإماراتيين وكنت أتمنى أن تستمر الإمارات على عهدها بعد رحيل الشيخ زايد إلا أن تلك الآمال تبخرت في عهد حكام الإمارات الجدد بقيادة ولي العهد الشيخ محمد بن زايد فلقد تحدث العديد من السياسيين اليمنيين الذين التقيت بهم عن دور إماراتي مناهض للدور السعودي في الأزمة اليمنية ودعمها لقوات الانتقالي رغبة منها في السيطرة على أراضي وجذر يمنية ورغم محاولة البلدين تطويق هذا الخلاف حرصا على عدم إفشال مهمة قوات التحالف العرب إلا أن هذا لا ينفي امتعاض شريحة كبيرة من الشعب اليمني من الدور الإماراتي الهدام في اليمن ثم ثم كانت الطامة الكبرى في إقدام الإمارات على تطبيع علاقاتها مع العدو الصهيوني والذي جاء في وقت استباحت إسرائيل المؤسسات وعلى رأسها المسجد الأقصى وواصلت ممارساتها التعسفية ضد الشعب الفلسطيني وواصلت سياسة الاستيطان حتى أصبحت بمثابة الشريك لإسرائيل في استباحة الحقوق الفلسطينية متناسية في ذلك أن هناك مبادرة عربية اطلقتها السعودية بربط تطبيع العلاقات مع إسرائيل بانسحاب إسرائيل من كافة الأراضي العربية المحتلة وإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس ، ورغم ترحيبنا بالاستثمارات العربية في مصر لدعم الاقتصاد المصري إلا إننا أصبحنا ننظر بمزيد من الشكوك تجاه الاستثمارات الإماراتية في مصر وسعيها لتملك الأراضي في ظل العلاقات الإسرائيلية الإماراتية المتنامية والتي يمكن أن توظفها إسرائيل للسيطرة على الاقتصاد المصري من خلال الإمارات والتي أصبحت رأس حربة إسرائيل في المنطقة في الوقت الذي كشفت فيه تقارير عن دور إماراتي في مفاوضات سد النهضة يدعم المخطط الأثيوبي الإسرائيلي للتحكم في مياه النيل وبيعها إلى مصر خاصة أن الإمارات تعد أكبر الداعمين لأثيوبيا في سد النهضة ودعم الاقتصاد الأثيوبي ثم كانت المهزلة الكبرى عندما تم إقالة وزيرة الخارجية الإماراتية والتي رفضت مصافحة السفير الاسرائيلي والذي عبرت من خلال هذا الموقف عن المعدن الأصيل للشعب الإماراتي الرافض لتلك العلاقة التي يرفضها كل الشعب العربي المؤمن بعروبته والمدافع عن حقوق الشعب الفلسطيني وربما كانت السيول التي تعرضت لها الإمارات خلال اليومين الماضيين هي إنذار إلهي إلى تلك الدولة الشقيقة بعد أن أصبحت دبي عاصمة الدعارة العربية وأصبحت الإمارات رأس حربة لإسرائيل ضد المنطقة العربية ، ولاشك أن إقدام الإمارات والعديد من الدول العربية على تطبيع علاقاتها مع إسرائيل ناتج في المقام الأول إلى غياب الدور المصري في المنطقة بعد إقدام مصر على عقد إتفاقية كامب ديفيد لأن مصر هي المؤهلة لقيادة المنطقة ورغم تلك الصورة القاتمة التي يمر بها الوطن العربي حاليا فإن هذا لا يمكن أن يدفعنا إلى اليأس فلقد أثبتت الشعوب العربية وعلى رأسها الشعب المصري يوما بعد يوم رفضها للتطبيع مع الكيان الصهيوني حتى ينتهي هذا الكيان إلى زوال .

​ مصطفى عمارة

إرسال التعليق