ديناميات النهب الفلكي في إيران
كتب مصطفى عماره
الفساد ظاهرة عابرة لمراحل نظام الملالي، تشهد تحولات بين فترة واخرى، يصعب استئصالها لانها تجذرت في النظام، تغلغلت لتصبح جزء من بنيته، سببا في اغضاب الشارع، ودليلا على هشاشة وضعف حكم ولاية الفقيه.
تم إضفاء الطابع المؤسسي على اللصوصية في نظام الملالي لدرجة أن خامنئي تحدث عن “تنين الفساد ذي الرؤوس السبعة” عند إخراجه التيار المنافس من الميدان، مستبعدا امكانية القضاء على ذلك “التنين” بسهولة، وفي العام 2011 أطلق احمدي نجاد رئيس النظام الايراني أنذاك على قوات الحرس وصف “إخوة المهربين” الذين “لديهم أرصفة خارج سيطرة الجمارك” ويرتكبون سرقات فلكية بحركة ضخمة للبضائع.
يضيف تقرير البحث والتحقيق حول أداء شركة مباركة للصلب في أصفهان، الذي اطلق في آب الحالي وتمت مناقشته في إطار الصراع بين تياري الحكم جديدا الى ظاهرة الفساد، لتصبح هذه الفضيحة قمة جبل جليد الفساد المؤسسي.
تتبع شركة مباركة للصلب اسمياً وزارة الصناعة والمناجم والتجارة، يتم تحديد ممارساتها من قبل الحرس الذي يسيطر على حوالي 3000 مصنع وشركة في البلاد، وتم حسب تقرير البرلمان الكشف عن اختلاس 91 ألف و837 مليار تومان أي ما يعادل أكثر من 3 مليارات دولار تكفي لبناء 257158 منزلًا بمساحة 50 مترًا للمشردين في إيران .
تمت بعض السرقات من خلال بيع المنتجات الفائضة وذات الأسعار المنخفضة لشركتي سايبا وايران خودرو لصناعة السيارات، اضطراب سوق رأس المال بسبب عرض أسهم الشركة وشرائها وبيعها بهدف الحصول على أرباح غير تقليدية، دفع 60 مليون تومان راتب شهري للمستشارين الوهميين من قبل الرئيس التنفيذي للشركة، تعيينات خاصة لـ 200 متقاعد من خلال مجالس ادارة الشركات التابعة نيابة عن المسؤولين الحكوميين وأعضاء البرلمان، راتب الرئيس التنفيذي الذي يصل الى ثلاثة مليارات تومان، شراء معاطف وسراويل وسيارات وكولونيا لمديري الحكومة بأكثر من 170 مليار تومان.
قالت مريم رجوي في وقت سابق: “ان قرابة أربعة عقود من الفقر والتضخم والبطالة والغلاء وعوامل اقتصادية أخرى مسببة للانتفاضات، لها علاقة مباشرة بالعامل السياسي أي غصب السلطة الشعبية من قبل ولاية الفقيه وارتقت إلى المطالبة بالحرية والديموقراطية. ولهذا السبب فان المطالبات الاقتصادية والمعيشية الشعبية تتحول فورا إلى صرخات احتجاجية ضد الاختلاس والسرقات ووضد النفقات الهائلة لاثارة الحروب في دول المنطقة وتمويل الإرهاب والميليشيات والنهب النجومي من قبل قادة قوات الحرس والمؤسسات التابعة لها وأبناء الذوات والسلطات الحكومية.”
يحدث كل ذلك في الوقت الذي يحرم فيه المتقاعدون ـ بما في ذلك متقاعدو مباركة للصلب في أصفهان ـ من حقوقهم، مما ادى الى خروجهم الى الشوارع للمطالبة بتحقيق المساواة ورفع الرواتب الى ما هو فوق خط الفقر، وهم يهتفون بالموت لرئيسي.
قال أحمدي، رئيس مجلس إدارة جمعية متقاعدي صندوق مباركة للصلب انه بدلاً من مساواة حقوق المتقاعدين عانينا انخفاضا في هذا القطاع أيضًا” فيما اكد وكلاء النظام عدم وجود معلومات حول زيادة رواتب المتقاعدين المحرومين، مشيرين الى عجز في الموازنة لا يقل عن ألفي مليار تومان.
يستمد نظام الملالي ديناميته من النهب الفلكي، في الوقت الذي تصعب لملمة سرقات الحكومات والتضحية بالجماهير من اجل الثروة والسلطة السياسية، مما يقرب يوم الحساب و انفجار غضب المنهوبين.
إرسال التعليق