منظمة مجاهدي خلق: 57 عاما من النضال على عدة جبهات
بقلم د. بهروز بويان خبير العلوم السياسية من طهران
بلغ عمر منظمة مجاهدي خلق الإيرانية 57 عامًا. بالنسبة لشخص لديه معرفة بالتاريخ السياسي، وخاصة الحركات السياسية والثورية في إيران، فإن هذه الاستمرارية تثير الدهشة.
يمكن القول بشكل واضح وحاسم أنه في تاريخ إيران بأكمله، لم تتمكن أي حركة سياسية وثورية من البقاء إلى هذا الحد وبهذه الصفة.
تصبح هذه الميزة أكثر إثارة للإعجاب عندما نفكر في حقيقة أنه لم تتحمل ولم تختبر أي منظمات وتنظيمات سياسية وثورية الضغط والهجمات المحلية والدولية الواسعة التي تحملها مجاهدو الشعب خلال أكثر من نصف قرن من حياتهم لجعلها ميادين اختبار للقفزات والحركة في طريق تعزيز قدراتها الداخلية.
لم يكن هناك ولا حركة سياسية ومنظمة تعرضت لأبشع أنواع القمع والتعذيب والمقاطعة السياسية والعسكرية والاقتصادية والشيطنة من قبل جبهة واسعة من خصومها وأعدائها داخل البلاد وخارجها، مثلما تعرضت لها منظمة مجاهدي خلق، التي تمكنت بطريقة رائعة، من تكريس طريقتها ونظرتها للعالم وعرضها كثقافة في المجتمع، بحيث تزدهر وتنمو باستمرار في كل جيل جديد.
النضال على جبهات متعددة
واحدة من السمات الفريدة للمجاهدين هي معركتهم وكفاحهم على عدة جبهات في نفس الوقت. معركة تتطلب تنظيمًا قويًا لكل من هذه الجبهات.
لكن المنظمة وحدها قادت العديد من المنظمات والحركات السياسية والاجتماعية والثورية لسنوات. قدم مسعود رجوي، قائد المقاومة، بالتوازي مع المعركة السياسية، سمات الإسلام التقدمي والديمقراطي للمجتمع كبديل لأيديولوجية خميني الكهنوتية.
مع تسارع وحشية خميني والقمع المتزايد للحريات التي تم الحصول عليها من الثورة المناهضة للشاه، تم تأطير أنشطة الناشطين الشباب لمجاهدي خلق، على هيكل نضج لاحقًا ليشكل جيش التحرير الوطني الإيراني.
الأمر الذي أثر بشكل كبير على النظام حيث أعادت عناصر أمنية للنظام ذكرياتهم بعد سنوات أبدوا رعبهم من ذلك العرض العسكري المنظم للناشطين الشباب في طهران في ثمانينات القرن الماضي.
في 20 يونيو 1981 والتظاهرة السلمية التي شارك فيها 500 ألف شخص في طهران والتي أغرقها خميني ومرتزقته، بالدم وبعد ما أغلق جميع أبواب النضال سياسيًا وشرعيًا، وضعت المنظمة المقاومة الشاملة أيضًا على أجندة التنظيم كجبهة جديدة وأضيفت إلى المعركة السياسية والأيديولوجية.
مع انتشار عمليات الإعدام وأبشع أشكال التعذيب في سجون خميني، أضيفت قضية حقوق الإنسان والكشف عن الجرائم في مجال الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان إلى قائمة ساحات النضال أمام المنظمة، وحملة فريدة من قبل الأعضاء وأنصار مجاهدي خلق في شوارع المدن الأوروبية وفي وسائل الإعلام حيث انطلقت نشاطات دولية تولاها مسعود رجوي قائد المقاومة، والشهيد الكبير لحقوق الإنسان الدكتور كاظم رجوي في المنظمات والهيئات الدولية.
وكان هذا هو الوقت الذي لم يكن فيه مدافع عن حقوق الإنسان يتحدث عن معاناة ودماء الشعب والمقاومة، ولا سيما أبنائه المجاهدين والمناضلين، ويظهر صورة منها للعالم. الدكتور كاظم رجوي، الذي سُجل اسمه في تاريخ النضالات الحقوقية، لم يكن شخصًا لديه الرغبة في الحصول على جوائز والحصول على رواتب مقابل الدفاع عن حقوق الإنسان المنتهكة، لأنه أصبح يؤمن بالكادر الإيديولوجي في المنظمة وأمن بما قاله “نكتب حقوق الإنسان بدمائنا”.
هذه الحملة الحقوقية، التي أصبحت اليوم حركة تقاضي عالمية كبيرة وناضجة، مستمرة كجبهة نضال جادة جنبًا إلى جنب وبالتوازي مع المعركة السياسية والعسكرية والأيديولوجية من قبل المنظمة، بنفس الجودة والشدة مثل الحملات الأخرى.
إن تحقيق هذه الدعوى الكبيرة والحملة الحقوقية لمنظمة مجاهدي خلق هو عشرات القرارات الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة ضد انتهاك حقوق الإنسان من قبل نظام ولاية الفقيه، وكذلك إدانة المحكمة السويدية السفاح حميد نوري أحد الجناة في مجزرة 1988.
بالإضافة إلى جبهات النضال هذه، منذ عام 1981 وانتقال قائد المقاومة إلى أوروبا، واجه التنظيم أنشطة ومؤامرات النظام الإرهابية، خاصة لاستهداف قائد المقاومة، وأوجدت هذه القضية جبهة جديدة للتنظيم في مجال الأمن ومكافحة الإرهاب، التي استمرت حتى يومنا هذا لأن النظام لا يزال يأمل في إيقاف وترهيب المجاهدين بسياسته الإرهابية.
لكن السيدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمقاومة، أعطت ردا مناسبا في كلمتها الأخيرة في تجمع المقاومة الكبير في برلين على هذه السياسة للولي الفقيه للنظام الديني وقالت: ” منذ اليوم الذي دخلتُ عالم النضال في عهد الشاه، كنت مستعدّة وراغبة في التضحية بحياتي المتواضعة في طريق الحرية. بعد بضع سنوات، عندما أطلق خميني النار وقتل الفتيان والفتيات الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و 17 عامًا، والذين كانوا أحيانًا تحت مسؤوليتي، کان قلبي يعصر دماً بسببهم وتمنيت لو كنت بدلاً منهم. تكرر هذا الشعور والعاطفة في داخلي مئات المرات. عندما سمعتُ نبأ إعدام أخواتي بإطلاق الرصاص عليهنّ في سجن كوهردشت أو إيفين أو السجون الأخری في جميع أنحاء إيران وفي خضم المذابح، كانت ومازالت مشاعر الغبطة تتدافع في صدري على تضحياتهن.
هذا هو الشعور السائد لدى كل مجاهد عندما يرحل أحد أعزّائه. لسنوات، كان الملالي يخططون لقتلي وتصفيتي في كل مرة. وفي كل مرة في مكان ما، في باريس، في ألمانيا، في فيلبينت، في ألبانيا وعشرات الخطط الأخرى المعلنة وغير المعلنة. لذلك أقول لآمري هذه المخططات من خامنئي وشركائه، من مجازر ثمانينات القرن الماضي و مجزرة عام 1988 وإلى المجازر في أشرف وليبرتي، لقد رأيتم وجرّبتم أن القتل والإبادة ضد مجاهدي خلق لا طائل لهما. لأن هذا الجيل جاء ليضحّي بكل شيء من أجل حرية شعبه. وأنا واحد منهم. يا ليت أنه حتى بالتضحية بحياتي، كان يمكن وقف قتل أبناء وطني في إيران. لكن كيف يمكن والوحش مصاص الدماء، نهِم لا يشبع. عهد قطعته مع أبناء الشعب الإيراني والتزامي بقائد المقاومة مسعود رجوي هو إسقاط نظام الملالي اللإنساني حتى آخر نفس وآخر قطرة دم.
على الصعيد السياسي، منظمة مجاهدي خلق لا تجابه نظام ولاية الفقيه فقط. في المعركة السياسية، تواجه المنظمة جبهة واسعة من نظام ولاية الفقيه ومرتزقته وحلفائه المحليين، فضلاً عن مؤيديه الاستعماريين الدوليين في شرق وغرب العالم.
من الأحزاب والجماعات السياسية المفلسة من اليسار واليمين التي انخرطت في النظام الأمني أو السياسي والاقتصادي للنظام، إلى العناصر المنهارة من النظام الذين لا يزالون يدافعون عن ولاية الفقيه ودورهم قد تغيّر فقط في اللعبة السياسية لنظام ولاية الفقيه، فضلا عن أيتام نظام الشاه المقبور الذي يشعرون بالقلق على الولي الفقيه وحرسه الإرهابي، فضلا عن المسترضين السياسيين، الذين هم الوجه المحدث لسياسة الاستعمار الماضي ولهم علاقة عميقة بالنظام المتخلف الحاكم والاستبداد في إيران وهم لا يشبعون من المساومة على حساب معاناة ودماء الأمة الإيرانية، وكلهم مصطفون ومنسقون ضد مجاهدي خلق والمقاومة الإيرانية.
لكن المجاهدين أظهروا حتى اليوم أنهم لم يخوضوا المعركة على كل الجبهات فقط بنوعية لا مثيل لها، ولكن بإستراتيجية قائمة على التحدي والمثابرة والموجهة نحو التحرير، معتمدة على إرادة الشعب وأبنائه المناضلين، فإنهم وسعو جبهة المعركة لتتجاوز توقعات النظام المتخلف والاستعمار، فقد وسعوا ونظموا المنتفضين وأنصار المقاومة في دول العالم ضد الجبهة الاستعمارية والصفقات المخزية مع الولي الفقيه، ونظموا وكرسوا وحدات المقاومة بشكل واسع لكسر أجواء القمع داخل البلاد.
إرسال التعليق