في يومهم العالمي: ماذا عن ذوي الاعاقة في سجون الاحتلال؟
*بقلم/عبد الناصر عوني فروانة
رئيس وحدة الدراسات والتوثيق في هيئة الأسرى
وعضو لجنة ادارة الهيئة في قطاع غزة
3 ديسمبر2022
ان دولة الاحتلال لا تفرق بين الأصحاء والمعاقين في انتهاكاتها وجرائمها المتصاعدة، وهي لم تستثنِ ذوي الاعاقة من اعتقالاتها التعسفية، ولم ترحمهم من اجراءاتها القمعية وسوء معاملتها، ولا تراعي احتياجاتهم بعد احتجازهم في سجونها ومعتقلاتها سيئة الصيت والسمعة، فقيدّت ما تبقى لديهم من أطراف بالأصفاد الحديدية أو البلاستيكية، وزجت بأجسادهم المنهكة والمصابة والمقعدة في زنازين ضيقة، وأخضعت جميعهم لتعذيب جسدي ونفسي قاسي، وتتعمد إلحاق الأذى بأوضاعهم الصحية، الجسدية والنفسية، مما زاد من معاناتهم وفاقم من وجعهم. وما زالت تحتجز في سجونها العشرات من ذوي الاحتياجات الخاصة –لم يتم احصاؤهم حديثاً- أمثال: منصور موقدة وأحمد مناصرة وناهض الأقرع وناصر أبو حميد وخالد الشاويش ومحمد براش وعلاء البازيان وأيمن الكرد والأسيرة إسراء الجعابيص وكثيرون غيرهم، ممن يعانون من إعاقات جسدية (كاملة أو جزئية)، وإعاقات ذهنية وعقلية ونفسية، أو إعاقات حسية (كالإعاقة السمعية والبصرية)، منهم من يعاني نوعين من الإعاقة أو أكثر، فيما بينهم من يتحرك باستخدام الكرسي المتحرك.
والإعاقة، كما عرفتها المواثيق الرسمية تعني قصوراً أو عيباً وظيفياً يصيب عضواً أو وظيفة من وظائف الإنسان العضوية أو النفسية بحيث يؤدي إلى خلل أو تبدل في عملية تكيف هذه الوظيفة مع الوسط. وفي العام 1992 خصصت الأمم المتحدة الثالث من كانون أول/ ديسمبر لذوي الاعاقة، لزيادة الوعي والفهم لقضايا الاعاقة، والتأكيد على احترام وحماية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ودعمهم ونصرتهم في كافة أنحاء العالم وضمان توفير حقوقهم، فيما دولة الاحتلال تتعمد عدم احترام المواثيق الدولية في تعاملها مع الفلسطينيين بمن فيهم ذوي الاحتياجات الخاصة، مما يرفع أعدادهم في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ولم يكتفِ الاحتلال باعتقالهم وأحيانا إصابتهم والتسبب بإعاقتهم، وانما أيضاً لا توفر لهم إدارة السجون احتياجاتهم الأساسية كالأجهزة الطبية المساعدة، والأطراف الصناعية لفاقدي الأطراف، والنظارات الطبية أو أجهزة خاصة بالمشي والفرشات الطبية أو آلات الكتابة الخاصة بالمكفوفين وغيرها. كما تتعمد بوضع العراقيل أمام محاولات إدخالها من قبل المؤسسات المختصة بشؤون الأسرى أو الحقوقية والإنسانية، مما يشكل عقوبة جديدة تفاقم من معاناة ذوي الاعاقة، وتضاعف من قلق عوائلهم. هذا في ظل عدم وجود أطباء نفسيين مختصين أو مرشدين اجتماعيين في السجون الإسرائيلية. وهذا وغيره يشكل انتهاكا صارخا لكافة الاتفاقيات والمواثيق الدولية، ولاسيما اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة التي كفلت لهذه الفئة حق التمتع في الحرية والأمن الشخصي، وعدم حرمانهم من حريتهم بشكل تعسفي.
ان بعض ذوي الاعاقة، القابعين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، كانوا قد اعتقلوا وهم يعانون الإعاقة، أو أصيبوا بالإعاقة أثناء اعتقالهم، وبعضهم الآخر انضم لجيش المعاقين بعد الاعتقال. وأن المعطيات الإحصائية تشير الى ارتفاع مضطرد في عدد الأشخاص ذوي الإعاقة بين أولئك الذين مرّوا بتجربة الاعتقال، حيث كان الاعتقال والسجن سببا رئيسياً في انضمامهم لتلك الفئة، وحيث تصاعد التعذيب والتنكيل بالمصابين، واستمرار العزل الانفرادي والاهمال الطبي واتساع الاستهتار الإسرائيلي وتمادي السجان والطبيب والممرض بجرائمهم بحق الأسرى وعدم الاكتراث بمعاناتهم والأمراض المتعددة التي تصيبهم، الأمر الذي يجعلهم أكثر عرضة للإعاقة الجسدية أو النفسية.
وفي الختام، ندعو الأمم المتحدة وكافة مؤسسات المجتمع الدولي إلى الالتفات والنظر في أوضاع الأسرى والمحررين من ذوي الاعاقة والتحرك للحد من تدهور أوضاعهم، والعمل على توفير الاحتياجات الأساسية لهم وضمان حقوقهم الانسانية، والضغط على الاحتلال لوقف اعتقالاتها لذوي الاعاقة من جانب، ومن أجل الافراج عن المعتقلين من ذوي الاعاقة، من جانب آخر، وخاصة من فقدوا القدرة على أداء حاجتهم الخاصة دون مساعدة الآخرين. ليس هذا فحسب، وانما مطلوب أيضا العمل على توفير مستوى لائق من الحياة الكريمة لكل من تسبب الاحتلال بإعاقته، أو كان السجن سبباً في انضمامهم لهذه الفئة، وتوفير الحماية لكافة الأسرى والمعتقلين في السجون الإسرائيلية من خطر الاصابة بالإعاقة.
عن المؤلف
*عبد الناصر فروانة، اسير محرر ومختص بشؤون الأسرى والمحررين، وعضو المجلس الوطني الفلسطيني، ورئيس وحدة الدراسات والتوثيق في هيئة شؤون الأسرى والمحررين وعضو اللجنة المكلفة لإدارة شؤون الهيئة بقطاع غزة، وله موقع شخصي مختص بشؤون الأسرى اسمه (فلسطين خلف القضبان).
إرسال التعليق