مع استمرار احتجاجات الشارع السوداني على الإتفاق الاطاري كمال عبد العزيز عبد الشافع القيادي بحركة تحرير السودان في حوار خاص للزمان
-الإتفاق الاطاري في السودان لن يحل الأزمة بل سيزيدها تعقيدا .
– المؤسسة العسكرية تسعى من خلال الاتفاق الاطاري إلى ضمان حفظ وبقاء امتيازاتها ووضعيتها دون مساس .
على الرغم من توقيع عدد من القوى المدنية السودانية الإتفاق الاطاري مع المكون العسكري إلا أن المظاهرات الاحتجاجية استمرت في الشارع السوداني باعتبار أن هذا الإطار تجاهل قوى سياسية رئيسية وهو ما دعى رئيس المخابرات المصرية إلى زيارة السودان للترتيب لعقد لقاء آخر بين مختلف القوى السودانية للوصول إلى رؤية مشتركة لإيجاد حل نهائي ينهي الأزمة المتفاقمة ، وفي محاولة لتسليط الضوء على الأزمة السودانية وتداعياتها كان لنا هذا الحوار مع كمال عبد العزيز عبد الشافع القيادي بحركة تحرير السودان :-
1. ما تقييمكم للاتفاق الإطاري الذي وقعته قوى سياسية مختلفة مع المجلس العسكري؟ وهل يمكن أن ينهي الاتفاق الأزمة الموجودة حاليا؟
هذا الاتفاق سبقته اتفاقيات متعددة طوال تاريخ السودان ولم تحل الأزمة، لان الاتفاقيات من حيث المنهج والأطراف لم تكن ملائمة مع حجم الازمة التاريخية المتجذرة ، وعليه فإن الاتفاق الإطاري لم ينهي الأزمة بل سيزيده أكثر تعقيداً، والدليل على ذلك الرفض الواسع في الشارع من قبل لجان المقاومة، علاوة على انقسام داخل قوة الحرية والتغيير بشأن الاتفاق ذاته وهي القوى الرئيسية الموقعة على الاتفاق والانقسامات الداخلية في الأحزاب فضلاً عن حركة تحرير السودان بقيادة القائد عبدالواحد النور التي ظلت رافضاً لكل الاتفاقيات الثنائية.
2 هل ترى أن العسكريين سوف يحاولون الالتفاف حول هذا الاتفاق لضمان بقائهم بالسلطة؟
منذ الاستقلال الى اليوم حظيت المؤسسة العسكرية على فترات حكم السودان أكثر من الأحزاب السياسية وذلك نسبة لتسيس المؤسسة العسكرية من قبل الأحزاب السياسية نتج عنه ابتعاد المؤسسة العسكرية من مهامها الأساسية، ومن ثم تكالبت نحو ممارسة السلطة لصالح احزاب سياسية، مما افقدتها العقيدة القتالية المبنية على حماية الدولة من الاعتداء الخارجي، وظلت منشغل بممارسة السلطة دون القيام بمسؤوليتها الحقيقية. وما تسعى اليه المؤسسة العسكرية اليوم من خلال الاتفاق الإطاري هو ضمان حفظ وبقاء امتيازاتها ووضعيتها دون المساس بها، فضلا عن حماية قادتها من الملاحقات الجنائية جراء الجرائم التي ارتكبتها من قبل.
3. ما هي رؤيتك لاستمرار مظاهرات السودانيين وما تأثير ذلك على الاتفاق؟
الثورة السودانية ثورة تراكمية مستمرة، بلغت ذروتها في العام 2018م بدأت في شكل مظاهرات في الأطراف وصولاً الى العاصمة، توجت باعتصام القيادة العامة للجيش، والذي توحد فيها الشعب السوداني تحت شعارات حرية سلام وعدالة، نجحت في اسقاط نظام عمر البشير بعد تدخل اللجنة الأمنية التابعة للبشير والتي وقعت اتفاق شراكة مع قوى الحرية والتغيير في 2019م ، رغماً عن ذلك لم تتوقف المظاهرات بل اصبحت سمة اساسية ومظهر من مظاهر حياة السودانيين، واستمرار المظاهرات تؤكد ما لا تضع مجالاً للشك على ان اهداف الثورة السودانية لم يتحقق بعد، وان الازمة لم يتم تجاوزها أو ايجاد حل لها رغم الاتفاقيات، فبالتالي فإن استمرار المظاهرات هي نتيجة طبيعية وحتمية لعدم نجاعة صيغ الحلول السابقة والحالية.
4. ما هو تقييمكم للدور المصري في الأزمة في ضوء زيارة رئيس المخابرات المصرية للخرطوم ودعوته لبعض القوى للاجتماع في القاهرة بوساطة مصرية؟
مصر من الدول المجاورة للسودان، لها علاقات تاريخية ضاربة في الجذور مع السودان، طبقاً على ما سبق فمن الطبيعي أن تهتم مصر بما يجري في السودان، إضافة الى تأثر مصر سلباً أو ايجاباً بتطورات الأحداث في السودان مع الأخذ في الاعتبار بأن مصر ليست هي الدولة الوحيدة المهتمة بالشأن السوداني، بل هناك قوى إقليمية ودولية فاعلة وذات تأثير في المشهد السياسي.
5. وما هو مستقبل التنسيق المصري السوداني في المرحلة القادمة خاصة بالنسبة لبعض القضايا كسد النهضة في ضوء الأوضاع السياسية المستجدة؟
الازمات التاريخية التي تعاني منها السودان تُحتم على السودان التعاون مع دول العالم بصفة عامة ودول الإقليم على وجه الخصوص، ولا سيما التعاون مع دولة مصر في القضايا ذات المصير والاهتمام المشترك كقضية سد النهضة، ولكن على حسب مجريات الأحداث الداخلية في السودان ستكون قضية ملف سد النهضة في آخر سلم اولويات الدولة السودانية وذلك نسبة لعدم وجود حكومة ذات صلاحيات فاعلة ونشطة.
6. ما هي رؤيتكم لموقف القوى الدولية والإقليمية والمبعوث الأممي في السودان وتأثيره على الأوضاع في المرحلة المقبلة؟
ظل مواقف القوى الدولية والإقليمية والمجتمع الدولي حيال الازمة السودانية طوال تاريخها دون مستوى حجم الأزمة المتجذرة، وذلك بحكم تمادي واستمرار الحكومة وميلشياتها في ارتكاب الجرائم الفظيعة ؛ كجرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة الجماعية في دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق والقمع والتنكيل المستمر للمتظاهرين السلميين في الشوارع، ولم تحرك القوى الدولية والإقليمية ساكناً لإيقاف تلك الانتهاكات ناهيك عن ايجاد مخرج وحل جذري للأزمة المستعصية، هنا ينبغي الإشارة الى أن حل الأزمة السودانية لن يأتي من المجتمع الدولي او الإقليمي بل من الأطراف السودانية كافة أفقياً ورأسياً، ويكون دور المجتمع الدولي والإقليمي داعماً ومسانداً مُيّسراً على ما يتفق حوله السودانيين وهو ما ظلت تؤكدها حركة تحرير السودان.
7. هل سيسهم الوصول إلى اتفاق جديد في إيجاد حل لبعض الملفات العالقة كقضية دارفور؟
المنهجية الخاطئة حتماً ستقود الى نتائج خاطئة ولن تقود الى نتائج ايجابية البتة ، والاتفاق الإطاري ليس اتفاق جديد من حيث المنهج والأطراف والقضايا، هو في الأصل تكرار على ما سبق من اتفاقيات عبر عملية تدويريه مخلة ومخجلة بين الصفوة التي اختطفت انتفاضة 2018م ، وان كان هناك جديد في الاتفاق فالجديد هو تاريخ الاتفاق الإطاري وليس إلا، لذا سوف لن يجد حل لأي ملف من الملفات بل العكس سيتم تعقيدها أكثر مما كان.
8. في النهاية ما هي رؤيتكم لمستقبل السودان في المرحلة المقبلة؟
استمرار الحراك الجماهير الى حين هزيمة واسقاط الانقلابيين والمتهافتين ، من ثم تأسيس حكومة مدنية من مستقلين مشهود لهم بالنزاهة ومقاومة نظام البشير، وتكون من اولوياتها تهيئة مناخ لحوار سوداني سوداني جامع لا ستثني سوى المؤتمر الوطني، وذلك من اجل مخاطبة جذور الأزمة وتشخيصها ووضع حلول ملائمة، ومعالجة آثار الحرب وجبر الضرر للضحايا، فضلاً عن وضع برنامج انتقالي متكامل متوافق عليه، وذلك من اجل العبور والانتشال بالدولة السودانية من حالة الانسداد والإحتراب، الى الاستقرار والسلام، ولن تأتي هذه إلا ببناء دولة المواطنة المتساوية.
حاوره
مصطفى عمارة
إرسال التعليق