مصر وسوريا حب لا يموت

مصر وسوريا حب لا يموت

 

لم يكن اندفاع مصر شعبا وحكومة لمساعدة سوريا في نكبتها التي خلفتها الزلازل التي راح ضحيتها آلاف القتلى والجرحى محض مصادفة بل جاء ترجمة حقيقية للروابط التاريخية التي ربطت بين الشعبين سلما وحربا فلقد ساهمت وحدة الشعبين في التصدي لجحافل الصليبيين والتتار الذين اجتاحوا الشرق وامتد هذا التحالف في العصر الحديث عندما احدث العدوان الثلاثي على مصر عندما دمرت قوات العدوان إذاعة القاهرة حينئذ أنطلق صوت الإعلامي السوري عبد الهادي بكار ليعلن من دمشق هنا القاهرة كما استشهد الضابط السوري جول جمال وهو يتصدى مع إخوانه المصريين للبوارج البريطانية والفرنسية ضاربا اروع صور البطولة حتى سقط شهيدا ليخلد أسمه الذي أطلق على الكثير من شوارع ومؤسسات مصر وكان آخر تلك الملاحم حرب أكتوبر المجيدة حيث شارك جيشي البلدين في تحقيق أول نصر عسكري عربي في التاريخ الحديث ولم يقتصر تلاحم الشعبين فقط على وقت الحرب بل ربط الشعبين تاريخ مشترك في مقاومة الاستعمار حتى تم الاستقلال كما اشترك الشعبين أيضا في التصدي للحكم الاستبدادي الذي تعرض له البلدين لذا لم يكن غريبا أن يخرج الشعب السوري للمطالبة بالوحدة مع مصر بعد أن رأت في زعامة عبد الناصر وعروبته طوق النجاة لإنقاذ سوريا من المؤامرات التي تعرضت لها من الخارج عندما حشدت تركيا قواتها على حدود سوريا أو داخليا من صراع الأحزاب على كرسي الحكم على حساب مصالح سوريا واستقرارها ولم يكن خروج الشعب السوري عن بكرة أبيه لاستقبال عبد الناصر بعد الإعلان عن نتيجة الاستفتاء على قبول الوحدة الاندماجية بين البلدين إلا تعبيرا صادقا عن الحب والترابط بين الشعبين اللذان يشكلان صمام أمان للأمة العربية كلها ولم يكن الانفصال الذي أعلن عنه بعد ثلاث سنوات فقط من الوحدة إلا مؤامرة استعمارية لإدراك الاستعمار أن وحدة البلدين تشكل أكبر تهديد لإسرائيل ومصالح الدول الاستعمارية وعندما اندلعت ثورات الربيع العربي بمطالبها المشروعة في الحرية والعدالة الاجتماعية شارك الشعبين في تلك المطالب المشروعة إلا أن القوى الاستعمارية بمشاركة الرجعية العربية استطاعت أن تمتطي تلك الثورات لتنحرف عن مسارها ومطالبها المشروعة لتحقيق مصالح تلك القوى ورغم ذلك ظل قلب سوريا معلق بمصر وقلب مصر معلق بسوريا حيث رأى السوريين أن مصر هي الحضن الدافئ الذي يجدوا فيه مشاعر الحب والأمان فلجئ آلاف السوريين إلى مصر ولم تخذل مصر كعادتها سوريا بل تعامل المصريين مع إخوانهم السوريين على أنهم شعب واحد وبلد واحد وشارك الشعبين في بناء مصر للخروج من كبوتها ثم جاءت نكبة الزلازل الأخيرة التي تعرضت لها سوريا لتثبت مدى تلاحم الشعبين في مواجهة تلك النكبة ولعل هذا الدرس وتجارب السنوات السابقة يثبت حقيقة هامة أن سوريا ليس لها غنى عن مصر وأن مصر ليس لها غنى عن سوريا لأن العلاقة بينهما حب لا يموت يجب أن يترجمه الشعبين والدولتين إلى أفعال بعودة العلاقات الكاملة بينهما لأن في وجودهما معا حماية لهما وللامن القومي العربي .

مصطفى عمارة

إرسال التعليق