مع عودة التقارب بين النظام السوري وعدد من الأنظمة العربية ​الاستاذة/ يسرا الشيخ المحللة السياسي في الشئون الدولية في حوار خاص

مع عودة التقارب بين النظام السوري وعدد من الأنظمة العربية ​الاستاذة/ يسرا الشيخ المحللة السياسي في الشئون الدولية في حوار خاص

​- التقارب بين النظام السوري وعدد من الأنظمة العربية هو نتاج عجز المجتمع الدولي عن إيجاد صيغة تفاهم بين الأطراف المتصارعة في الساحة السورية .
​- المعارضة السورية تعاني من وجود خلل حقيقي في هيكلتها ولم تقدم أي خطوة أو مبادرة ممكنة لإنقاذ سوريا .
​____________
​شهدت الفترة الماضية تقاربا بين عدد من الأنظمة العربية والنظام السوري ساهم فيها الأزمة الإنسانية التي عانت منها سوريا عقب كارثة الزلزال الأخيرة ، وعن أبعاد هذا التقارب وتداعياته وخاصة بالنسبة لعودة سوريا لشغل مقعدها بجامعة الدول العربية كان لنا هذا الحوار مع الاستاذة/ يسرا الشيخ المحللة السياسية السورية المختصة بالشئون الدولية :-

​1- بماذا تفسرين التقارب العربي مع نظام بشار الأسد في الآونة الأخيرة ؟
يمكنني الارتكاز بتفسير هذا التقارب مع النظام في سوريا على أمر واقع او من باب الواقعية التي تنظر اليها دول المنطقة وهو حالة عجز المجتمع الدولي لفرض أو ايجاد صيغة تفاهم او توافق بين الاطراف المتصارعة في الساحة السورية كأطراف سورية أوغيرها لانهاء هذه الأزمة .
بل إن ما حصل هو العكس تماما لقد تم ربط القضية السورية بملفات اقليمية ودولية مما ادى لخلق التجاذبات الاقليمية والدولية مما عقد المشهد السوري في ظل غياب قدرة او لربما رغبة دولية لتبسيطه باتجاه الحل .
مما حدى بالدول المتضررة في الاقليم بالاتجاه بمنحى التقارب معه من وجهة نظرها هي كامكانية للشروع بالحل او لتحريك الملف عبر سياسة المقاربات او الاحتواء .

​2- وهل كان للدواعي الإنسانية بفعل الزلزال الأخير دور في هذا التقارب ؟
بالتأكيد كان لها دور في ذلك فإن هذا الوضع الانساني المأساوي المضاف الى الوضع السيء والمزري أصلا جراءالحرب المدمرة التي حصلت مما زاد من رغبة الدول العربية للتدخل لمساعدة الشعب السوري الذي اصبح لا يمتلك بالغالبية العظمى على الميلين أدنى مقومات الحياة او حق البقاء كمجتمع سوري قد سحق تماما . محاولين انقاذ ما يمكن انقاذه في سوريا وعلى الميلين دون تمييز .

​3-بماذا تفسرين التحول في الموقف السعودي تجاه النظام السوري رغم أن السعودية كانت من أكثر المتشددين تجاه هذا النظام ؟

نرى اليوم المملكة العربية السعودية وشقيقاتها من الدول العربية الذين انحازوا للشعب السوري بمطالبه المحقة كمصر ايضا وغيرها كدول كبرى في المنطقة ذات وزن لا ترى حرجاً من وجهة نظرهم بالتقارب مع الدولة السورية وليس تقاربا مع شخص الاسد كرئيس للنظام فالجميع مدرك ان هذا النظام قد اجرم بحق شعبه وكان السبب الرئيسي عبر سلوكه في تدمير سوريا. اليوم ترى ان لاحرج لطالما اصبح (الأمن الإقليمي )المشترك بينهم كدول ضرورة استراتيجية من أجل استقرار المنطقة وعدم الوقوع بالحالة العراقية كنموذج سقوط مؤسسات الدولة وهنا أيضا أحب أن أنوه أن هذا التوجه بالتقارب أيضا لا يقتصر في المنطقة على الدول العربية فلقد رأينا أن تركيا ايضا طرأ تغيرا في سياستها جذريا تحاه الوضع السوري وفق نفس السياق من وجهة نظرهم لتصفير المشكلات بالمنطقة وتحقيقا للأمن القومي او الإقليمي المشترك .

​4- هل تتوقعين أن يكون لبعض الدول وعلى رأسها مصر دور في إعادة النظام السوري إلى الجسم العربي ؟
إن اي دور لاعادة النظام السوري الى الجسم العربي باعتقادي ينقسم الى دورين فهناك فرق بين من يرغب ويدفع بذلك الاتجاه وبين من يؤيد هذا الأمر .
فمن يرغب سيكون ذلك من وجهة نظره انهم كدول تتعامل فيما بينها غاضاً الطرف عن الجانب الاخلاقي والانساني لما قام به نظام الاسد من جرائم ضد شعبه والإنسانية ومن زعزعة امن واستقرار المنطقة . وأما من يؤيد ذلك فهو في وضع حرية الاختيار ما بين متأذٍ من عودته الى الجسم العربي وبين غير متأذٍ من عودته . بعد أن فقدت الهيئات والمنظمات الدولية دورها المؤثر والفاعل في الحفاظ على حقوق الإنسان السوري بعدم قدرتها على على الزام الاطراف بتطبيق القرارات ذات الصلة بالشأن السوري فما حصل أدى إلى تهميش دور هذه المنظمات والهيئات الدولية بقراراتها لحد ما وذلك من خلال التراخي تجاه الالتفاف الحاصل على هذه القرارات عبر مسارات تطبيقها اخرجتها عن روحها التي اصدرت هذه القرارات لأجلها كغاية .

​5- ما هي انعكاسات هذا التقارب على العملية السياسية ؟
لكل خطوة او مسار عادة سيكون هناك ايجابيات كما له سلبيات هذا بشكل عام .. ومن وجهة نظري كمعارضة سورية وابنة الثورة السورية واعتدت أن انظر للايجابيات أولاً مهما تعاظمت السلبيات او ما في هذا الامر من سلبيات بالمعظم لربما هذا التقارب كان وقعه على لمعارضة السورية بمثابة الزلزال وسلط الضوء على الحضور الباهت او الغائب لدور المعارضة مما يشير الى وجود خلل حقيقي في اداء هذه المعارضة ولربما في هيكليتها المُعَطِلة والمُعَطلة حيث انها ظهرت كأنها الحاضر الغائب او ختى الغائب الغائب في خضم ما يحصل على الساحة السورية فلم تستطع تقديم اي خطوة او مبادرة ممكنة التطبيق لانقاذ سوريا كونهم طرف واتمنى ان ينعكس عن تسليط الضوء على هذا الخلل لضرورة المبادرة لتصحيحه بما يتلائم وتمثيلها كطرف حقيقي يحمل العبئ الاكبر كنواة للتغيير الوطني الحقيقي في سوريا كبديل مفروض عن نظام اجرامي كما كان النظام مثالا سيئا و ادعائي غير حقيقي للنموذج الوطني .
فلا بد من اجراء التغيير او التصحيح في طرف المعارضة لتكون بمستوى الجهوزية الحقيقية للانخراط بالعملية السياسية وان هذه النقطة الايجابية بتسليط الضوء عليها كخلل سببها هو فشل المعارضة العسكرية اولا والذي يوازيه ايضا فشل ذريع مقابل للنظام بتدميره البنية التحتية السورية وجلب الاحتلالات وبكل الذرائع لارضه ومن كافة المرتزقة بشكل مباشر بطرفه وغير مباشر بالطرف الاخر مسؤولية اصيلة له بذلك .
أما باعتقادي السلبية المتوقعة والتي نخشاها كثورة سورية من هذا التقارب هي حول مدى امكانية ان يدفع هذا التقارب لمزيد من اساليب الإلتفاف للاطراف كما حصل بمسار استانة في تطبيق لقرارات الدولية ذات الصلة بالحل السياسي السوري وخاصة القرارين ٢١١٨ و٢٢٥٤ والذين يعتبر تطبيقهما يلامس طموحات وتطلعات كل السوريين للخلاص .

​6- رغم الانتقادات الموجهة إلى النظام السوري إلا أن هناك الكثير من الانتقادات الموجهة للمعارضة السورية في الخارج والتي توجه بها انتقادات بتبعيتها للأنظمة التي تحتضنها ، فما هي وجهة نظرك ؟
لقد عانت المعارضة السورية منذ بدء تكوينها لحد كبير من هذا الخلل البنيوي باعتقادي وذلك نتيجة تسلط او تصدر التمثيل بها واجهات حزبية لا تحمل او لا يمكن ان تمثل توجها وطنيا صحيحا كأولوية وانما كانت تراعي مصالح لاحزاب او توجهات كجماعة او تنظيم الإخوان المسلمين او التوجهات الاسلام السياسي كإيديلوجيا او حزب عابر للحدود لا تتناسب والطرح الوطني مما حرف بوصلة واداء المعارضة السورية عن اهدافها في تمثيل كل السوريين او انتقص من اداءها وكذلك ابرز لحد كبير اداء قاصرا كتمثيل في كثير المنعطفات فكانت الميل بالأداء لحساب اجندات اقليمية انهكت ظهر السوريين مراعاتها كأولوية وابعدت المعارضة عن مصلحة السوريين بشكل عام مما حدى ان تكون محط تجاذب وتناكف اقليمي بدلا من أن تكون نقطة توافق بين الدول فقط لو وقف السوريين مع انفسهم اولا وعلى مسافة واحدة من جميع الدول او الاطراف الاخرى .
أما من وجهة نظري الخاصة انني اعتقد إن ابتعاد الملف السوري في مراحل سابقة عن ان يكون الحل عبر عمقه العربي من طرف المعارضة كان سببا حقيقيا في خلق حالة الإستعصاء السياسي نتيجة التبعية والاملاءات مما جعلها بحالة الموت السريري الذي تحياه المعارضة السورية في ظل متغيرات كبيرة كان من المفترض أن تكون الحاضر الأول والأهم ليبقى السؤال الاهم والابرز اين هم السوريون اليوم بل اين سوريا ؟ولتنتفض الضمائر الحية للشرفاء استجابة للمسؤولية المفرط بها .

​7- كيف ترى مستقبل العلاقات السورية التركية في ظل الوساطات التي تقوم بها دول إقليمية ودولية وعلى رأسها روسيا ؟
مستقبل العلاقات التركية السورية بغض النظر عمن يمثل سوريا مستقبلا فإن تركيا دولة جوار ولابد بكل الاحوال ان تكون العلاقات جيدة وتحافظ على مصالح الدولتين . اما ان كنت تقصد بسؤالك مستقبل العلاقات السورية التركية وفق التقاربات في هذه المرحلة مع النظام في ظل الوساطات التي تقوم بها دولا اقليمية ودولية على رأسها روسيا فأنا ارى من وجهة نظري كقارئ للاحداث او المشهد الإقليمي إن التقارب التركي السوري هو تحصيل حاصل بعد أن اصبحت تركيا بحسابات دولية اليوم أهم واكثر قربا وتقاطعا للمصالح مع روسيا والإيرانيين كذلك واللذين هما يعتبران الحلفاء او الداعمين الاساس للنظام السوري وارى هذا التقارب حتمي ان كان عاجلاً أم آجلاً.

​8- ما هو مستقبل الوجود الإيراني في سوريا خاصة بعد المصالحة بين السعودية وإيران ؟
بالنسبة لمستقبل الوجود الايراني وخاصة في سوريا بعد التقارب السعودي الايراني وهو الحدث الاكثر أهمية اليوم على الساحة الاقليمية عن غيره فإني اعتقد انه التقارب قد جاء نتيجة لتغيرات في الظروف الدولية والإقليمية
لذلك فاني انظر اليه كقارئة للمشهد حيادية ولربما من وجهة نظر ايرانية ايضا إن ايران و من خلال عودتها للحضن الاقليمي الذي لاقى تأييدا ومباركة اقليمية ودولية الذي تم عبر ملئ الفراغ الدولي الحاصل بالمنطقة برعاية صينية هو كحل حقيقي لمشكلات الاقليم ووفق ذلك أرى ان مستقبل تواجدها في سوريا او غيرها من دول سيتراجع الى ماكانت عليه من علاقات طبيعية مع دول الاقليم كدولة جار لما قبل تمدد نفوذها وذلك بالمساهمة وبالضغط والعمل والدفع لادخال الفرقاء الذين يحسبون عليها في هذه الدول في حلول سياسية او سلمية تحافظ على وحدة هذه الدول واعتقد لقد بدت الامور اكثر اتضاحا في الخطوة الاولى لثمار هذا التقارب الوليد في اليمن .

​حاورها
مصطفى عمارة

إرسال التعليق