بعد تزايد احتجاجات الإسرائيليين ضد حكومة نتنياهو جمال زحالقة رئيس حزب التجمع الوطنى الديمقراطى والنائب بالكنيست الإسرائيلي في حوار خاص للزمان
- حكومة نتنياهو هي أكثر الحكومات الإسرائيلية تطرفا في تاريخ إسرائيل ولا أتوقع سقوطها قريبا .
- التصعيد الإسرائيلي في الضفة وقطاع غزة مرتبط بالاعتبارات الأمنية ولا دخل لها بالاحتجاجات .
شهدت الفترة الماضية تزايد احتجاجات الشارع الإسرائيلي ضد حكومة نتنياهو بعد اتهام الأخير بمحاولة التدخل في السلطة القضائية لتكريس قبضته على الحكم في الوقت الذي استمرت فيه الممارسات التعسفية لقوات الاحتلال في الضفة وقطاع غزة ، وفي ظل تلك الأوضاع التي تنذر بانفجار شامل في المنطقة أدلى جمال زحالقة رئيس حزب التجمع الوطنى الديمقراطى والنائب بالكنيست الإسرائيلي بحوار خاص تناول فيه وجهة نظره إيذاء تلك التطورات وفيما يلي نص الحوار :-
1- هل تتوقع أن تؤدي الاضطرابات الداخلية في إسرائيل إلى إسقاط حكومة نتنياهو المتطرفة؟
حكومة نتنياهو الحالية هي أكثر الحكومات تطرّفا في تاريخ إسرائيل، وهي مكوّنة بالكامل من أحزاب يمينية متطرّفة، في حين أنّ الحكومات السابقة شملت عناصر أقل تطرّفا وربما أكثر اعتدالا. هذه الحكومة منسجمة سياسيا وعقائديا، وعليه بدأت بتنفيذ ما عجزت عنه حكومات يمينية سابقة وهي الانقضاض على الدولة العميقة، والشروع في انقلاب على جهاز القضاء دون أن يكون داخلها من يعارض ذلك فعلا. وقد أثار مشروع الانقلاب هذا غضبا عارما في الشارع الإسرائيلي، وخرجت مظاهرات غير مسبوقة، شارك فيها أسبوعيا مئات الآلاف وتواصلت لمدة أكثر من 20 أسبوع على التوالي. وانضمت نخب عسكرية وازنة الى الاحتجاج، حيث أعلن 39 من أصل 40 طيار احتياط في اهم فرق الطيران الحربي الإسرائيلي، التي تقوم بالقصف في سوريا وتعد لضرب أيران، أنّهم لن يخدموا في الاحتياط إذا جرى تمرير “الانقلاب القضائي”، الذي يعني سيطرة كاملة للحكومة على السلطة القضائية. وقد انضم إليهم آلاف ضبّاط الاحتياط في وحدات النخبة العسكرية، وبدأ الانقسام في التغلغل إلى صفوف الجيش والقوى الأمنية.
ما من شك بأن الانقسام الداخلي العميق (الذي لا علاقة مباشرة له بالقضية الفلسطينية، لكن له إسقاطات مهمة عليها)، يضغط نتنياهو وكذلك النفور الدولي من حكومته ومن أعضائها ومن سياساتها، وحاول التوصّل إلى حل وسط مع المعارضة، لكنّه فشل حتى الآن. وهو اليوم بين سندان أعضاء حكومته، الذي يصرّون على الانقلاب وبين خوفه من ضغوط خارجية وداخلية.
هل ستسقط حكومة نتنياهو؟ اعتقد أنّها لن تسقط قريبا لأسباب عديدة منها أن لا بديل لمركباتها عنها، وكذلك فإن أحزاب الائتلاف تعاني من تراجع كبير في الاستطلاعات ما يجعل الانتخابات انتحارا سياسيا بالنسبة لها. والاهم من كل هذا أن اللحمة الداخلية في هذه الحكومة لا زالت أقوى من التوتر والخلافات الحالية والمقبلة.
2- هل ترى أن التصعيد الإسرائيلي في الضفة وقطاع غزة مرتبط بتلك الأحداث؟
السياسة الإسرائيلية بالنسبة للضفة وقطاع غزّة في السنوات الأخيرة هي بيد الأذرع العسكرية والأمنية، تبعا لتحويل القضية الفلسطينية إسرائيليا الى قضية أمنية بلا بُعد أو أفق سياسي. وعليه فإن التصعيد مرتبط أولا بالاعتبارات الأمنية الإسرائيلية، حيث تسعى المؤسسة الأمنية الإسرائيلية الى تحقيق حالة من “الاستقرار والهدوء في ظل الاحتلال”، وتسارع إلى قمع أي محاولة للتمرد على الاحتلال. الجيش الإسرائيلية يخضع للمستوى السياسي، الذي دائما عنده اعتبارات حزبية وحتى شخصية، ونرى تأثير ذلك في التوقيت وفي المصادقة أو عدم المصادقة على اقتراحات الجيش. إسرائيل كانت ستقوم بنفس التصعيد حتى لو لم تكن هناك احتجاجات داخلية فيها، ربما مع اختلاف هامشي إيقاع الأحداث.
3- كيف ترى تأثير الكتلة العربية في إسرائيل على قرارات الحكومة الإسرائيلية؟
الكتلة العربية في المعارضة، ولا تأثير مباشر لها على قرارات الحكومة الإسرائيلية. كذلك لا تأثير لقوى معارضة كبيرة مثل حزب “يش عتيد”. الحكومة الإسرائيلية لديها أغلبية مطلقة في الكنيست مكوّنة من 64 عضو كنيست، وهي تسيطر بالكامل على الكنيست وتُمرر فيه تشاء. عمل الكتلة العربية ينحصر في رفع صوت ضد سياسات الحكومة وفي تمثيل الفلسطينيين في إسرائيل على الصعيد البرلماني.
4- ما هي أسباب ضعف التنسيق بين الكتل والأحزاب العربية؟ وهل هذا أحد الأسباب لعدم حصول الكتلة العربية داخل الكنيست على نسبة معقولة؟
ما من شك بأن تفكيك القائمة المشتركة، التي ضمّت في صفوفها كل الأحزاب العربية المشاركة في الانتخابات البرلمانية، أدّى الى عُزوف الناس عن التصويت وهبوط التمثيل العربي في الكنيست من 15 إلى 10 أعضاء كنيست. والسبب الرئيس لتفكيك القائمة هو أن الحركة الإسلامية الجنوبية، التي يرأسها عضو الكنيست منصور عبّاس قررت اتباع سياسة جديدة وهي دعم الحكومة للحصول على ميزانيات، حتى لو كانت هذه الحكومة ترتكب جرائم وموبقات بحق الشعب الفلسطيني. المشكلة أن العودة الى الوحدة الشاملة مستحيلة في ظل الخلاف السياسي، وهذا الخلاف يُضعف التنسيق ويجعله أمرا غير ممكن.
5- كيف تفسر تصاعد أعمال المقاومة داخل أراضي 48؟ وهل تلقى تلك العمليات دعما من عرب 48؟
الخيار التاريخي لفلسطينيي الداخل هو خوض نضال سياسي وطني وجماهيري وعلني وغير عنيف، وهذا الخيار ينسجم مع الظروف الخاصة التي وجدوا أنفسهم فيها بعد النكبة، وبعد أن فُرضت عليهم المواطنة الإسرائيلية. النضال الشعبي في الداخل يحظى بدعم واسع جدّا وقد وصل إلى ذروة خاصة في أيار 2021، حيث أعلنت لجنة المتابعة العليا لفلسطينيي الداخل الإضراب العام وانضم إليه الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده بما فيها القدس والضفة وغزة والشتات. وبالمجمل فإن النضال الفلسطيني يتخذ أشكالا مختلفة تبعا للواقع الذي يعشه كل جزء من الشعب الفلسطيني. فمن يسكن شيكاغو يناضل (وهناك نضال فيها أيضا) ليس كمن يعيش في مخيم بلاطة في نابلس أو في غزة أو في الناصرة. الكل يشارك، وكلٌّ حسب ظروفه.
6- هل يوجد تنسيق بينكم وبين الفلسطينيين في الضفة لحماية المقدسات الإسلامية في القدس وعلى رأسها المسجد الأقصى؟
فلسطينيو الداخل يقومون بدور مركزي في حماية المقدسات وعلى رأسها المسجد الأقصى، بحكم ارتباطهم بالقدس وبحكم حرية الحركة التي تسمح لهم بالوصول إليها، حيث معظم الشعب الفلسطيني محروم من دخول عاصمته. هناك بالطبع تنسيق دائم مع القيادات والفعاليات المقدسية بشكل يومي، وهناك أيضا في هذه القضية تحديدا تنسيق دائم مع بقية أبناء الشعب الفلسطيني.
7- هل تتوقع أن تؤدي الممارسات الإسرائيلية إلى إشعال حرب دينية؟
إسرائيل الرسمية تخشى الحرب الدينية، لكن هناك مجموعات متطرّفة تحلم وحتى تخطط لمواجهة شاملة، حتى تستغلها في طرد الفلسطينيين الباقين في وطنهم، على اعتبار أن حربا شعواء هي شرط للتهجير. بنظرة شاملة يمكن القول بأن أي حرب مقبلة ستحمل بعدا دينيا بهذه القوة أو تلك إلى جانب أبعاد أخرى. من الصعب تخيّل نشوب حرب دينية بالمطلق.
8- ما هي رؤيتكم في أسباب الانقسام الحالي بين الفصائل الفلسطينية؟ ومن يتحمل هذا الانقسام؟
هناك ثلاثة أسباب للانقسام الحالي على الساحة الفلسطينية: أولا، الخلاف السياسي وثانيا، الصراع على السلطة، وثالثا، التدخلات الخارجية. ويتحمل الطرفان مسؤولية هذا الانقسام ومسؤولية رفض الدخول في مسار للخروج منه، بالرغم من طرح مبادرات جدية ومتوازنة من طرف مصر وقوى فلسطينية مختلفة.
9- هل ترى أن هناك مخطط يجرى تنفيذه لإقامة دولة فلسطينية على أراضي غزة وجزء من أراضي سيناء؟
هذا الكلام هراء، لا أكثر.
10- في النهاية ما هي مطالبكم من العالم العربي بصفة عامة ومصر بصفة خاصة تجاه الفلسطينيين بصفة عامة وعرب 48 بصفة خاصة؟
رأيي الشخصي أنه يجب أن يكون مسعى عربي حقيقي لعزل إسرائيل والضغط عليها بشكل فعلي. وفي ظل التوازنات الدولية الجديدة، فإن أفضل ما يمكن أن يفعله العرب لأنفسهم ولقضية فلسطين، هو المبادرة إلى تفاهم عربي تركي إيراني، يؤدي بالضرورة الى وقف النزيف والتشرذم في دول مثل اليمن وسوريا والعراق ولبنان وليبيا. فحتى يساعد العرب فلسطين فعلا يجب ان يساعدوا أنفسهم أولا. التفاهم الإقليمي يحمي العرب من هيمنة فارسية أو تركية.
أما بالنسبة لفلسطينيي الداخل فمطلبنا من العالم العربي ومن مصر حكومة وشعبا، بأن يكون هناك فصل واضح بين التطبيع والتواصل، فالعلاقة مع فلسطينيي الداخل هي علاقة تواصل وليس تطبيعا، وهذا يعني، على سبيل المثال فتح باب الجامعات العربية أما طلاب من داخل مناطق 48.
11- في ظل استمرار الاستيطان الإسرائيلي في أراضي الضفة، هل ترى أن حل الدولتين الآن أصبح غير ممكنا وأنه من الأجدى العودة إلى خيار دولة فلسطينية ديمقراطية تشمل العرب واليهود على كامل الأراضي الفلسطينية؟
فكرة حل الدولتين تحتضر، ولكنّها لم تمت بعد، ولو لأن المجتمع الدولي ما زال متمسّكا بها. أما حل الدولة الواحدة فهي لم ينضج بعد كخيار سياسي فعلي، وبقي محصورا في صفوف المثقفين والأوساط الأكاديمية. هناك تعقيدات كثيرة مع طرح حل الدولة الواحدة كمشروع سياسي فلسطيني، منها أنّه يمنح شرعية للاستيطان شئنا أم أبينا. الحل لن يأتي في المستقبل المنظور، لكن إضفاء شرعية الاستيطان له أثر مدمّر.
طرح النقاش حول حل الدولتين او الدولة الواحدة له أهمّية كبيرة جدّا، ومن المناسب تداوله على كافة الأصعدة: السياسية والأكاديمية والفكرية والشعبية.
حاوره/ مصطفى عماره
إرسال التعليق