الشفافية المفقودة

الشفافية المفقودة

 

مرت مصر على مدار تاريخها بالعديد من الأزمات والمحن وللأسف فإن تعامل الأنظمة المتعاقبة مع الازمات والمحن اعتمد على إخفاء الحقائق وترويج الأكاذيب مما أفقد الشعب الثقة فيما تعلنه أو تطرحه لمواجهة تلك الأزمات ، وباستعراض أهم ما واجهته مصر خلال القرن الماضي وحتى الآن على سبيل المثال لا الحصر نجد أنه في عام 1948 قرر الملك فاروق دخول حرب فلسطين عقب إعلان قيام دولة إسرائيل وما يمثله ذلك من تهديد للأمن القومي المصري وكان الجيش المصري أن ينتصر في تلك الحرب بعد أن وصلت القوات المصرية إلى 5كم من تل أبيب رغم رداءة الأسلحة التي يحارب بها إذا قورنت بجيش العصابات الصهيونية التي تلقت أحدث الأسلحة من الغرب وعندما أصبح النصر وشيكا للجيش المصري فرضت الدول الكبرى الهدنة على الطرفين تلقت العصابات الصهيونية أحدث الأسلحة بينما تم حظر السلاح عن الجيش المصري رغم معاهدة الدفاع المشترك بين بريطانيا ومصر التي كانت تحتل مصر حينئذ الا أنها كانت لها الدور الأكبر في قيام دولة إسرائيل من خلال وعد بلفور الذي أعطى لليهود وعن من لا يملك لمن لا يستحق وكان طبيعيا أن تنقلب نتيجة المعارك واستطاعت العصابات الصهيونية هزيمة الجيش المصري وإعلان قيام دولة إسرائيل ورغم تأمر الدول الكبري أن تحقيقات أجريت حول أسباب الهزيمة ، وفجر الكاتب الصحفي إحسان عبد القدوس قضية الأسلحة الفاسدة متهما الملك وأعوانه بالضلوع في تلك المؤامرة ورغم أن التحقيقات التي أجريت بعد الثورة برأت الشخصيات المتورطة في تلك الجريمة إلا أن الغموض لا يزال يكتنف تلك القضية رغم مرور قرابة قرن على حدوثها ، وعقب قيام ثورة يوليو ربطت صداقة عميقة بين جمال عبد الناصر قائد الثورة والمشير عبد الحكيم عامر الرجل الثاني في الثورة إلا أن الخلافات تفاقمت ببن الرجلين بسبب فشل عبد الحكيم عامر في مواجهة العدوان الثلاثي بسبب فشل عبد الحكيم عامر في مواجهة العدوان الثلاثي عام 1956 وتسببه في فشل الوحدة بين مصر وسوريا ووصلت الخلافات إلى الزروة بعد اتهام عامر بالتسبب في نكسة عام 1967 مما دفع عبد الناصر إلى إقالته وتحديد إقامته ثم أعلن عن انتحاره ولا تزال تلك القضية تمثل لغزا بعد اتهام عائلته لعبد الناصر بأنه وراء قتله ورغم أن رواية الأطباء في قضية وفاة عبد الناصر إلا أن الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل فجر مفاجأة عندما ألمح أن السادات وضع السم لعبد الناصر في فنجان القهوة أثناء مؤتمر القمة العربية الاخير وكان عهد السادات مليئ بالألغاز خاصة فيما يتعلق بالخلاف بينه وبين الفريق سعد الدين الشاذلي حول كيفية مواجهة الثغرة كما أن اتفاقية كامب ديفيد التي عقدها مع إسرائيل لا تزال تحول الكثير من البنود السرية التي تتكشف مع مرور الأيام كما أن قضية اغتياله تمثل لغزا كبيرا فرغم أنه تم الإعلان أن خالد الاسلامبولي وعدد من رفقائه هم المتهمين في تلك القضية الا أن التحقيقات تؤكد أن هناك مؤامرة دبرت من الخارج وتورط فيها قيادات من الجيش في عملية الاغتيال وتمثل قضية توريث السلطة في عهد مبارك أحد تلك الألغاز فرغم نفي مبارك نيته في توريث السلطة الا أن الأحداث تؤكد أن زوجة مبارك وحاشية جمال مبارك كانت تخطط لتوريث السلطة ورغم الاحتقان السائد لدى الشعب من نظام مبارك كانت أحد أسباب ثورة مبارك إلا أن هناك لغز حول ضلوع قيادات الجيش والتي كانت ترفض توريث السلطة كانت ضالعة في الإطاحة به كما أن تلك القيادات وعلى رأسها المشير طنطاوي كانت وراء تولي محمد مرسي مقاليد السلطة حتى يسهل بعد ذلك الإطاحة بنظام الإخوان وعودة الجيش مرة أخرى إلى تولي السلطة بقيادة الفريق السيسي والذي اتسم عصره من بدايته بعدم الشفافية فرغم وعوده المتتالية للشعب بتحقيق الرخاء إلا أنه حدث العكس تماما وعانى الشعب من اسوأ ظروف اقتصادية مرت به بعد تراكم الديون والتي وصلت إلى أرقام فلكية وهو ما أثر على مكانة مصر وعرض البلاد إلى انفجار ثورة جياع في ظل الاحتقان السائد من غياب الشفافية في معالجة القضايا المصيرية التي تواجه الوطن والتي كان آخرها ازمة الكهرباء التي لم يتم حلها حتى الآن رغم الوعود المتكررة ولاشك أن الأزمة التي تواجهها مصر حاليا داخليا وخارجيا تتطلب من النظام الحكم أن يتحلى بالصدق والشفافية لمواجهتها قبل أن تنفجر الأوضاع وتنفجر ثورة الجياع التي لن تترك الاخضر واليابس وتعرض الوطن لأفدح الأخطار .

مصطفى عماره

Previous post

زعيمة المعارضة الإيرانية تدين الفشل الأخلاقي للأمم المتحدة في توبيخ النظام الإيراني مريم رجوي: فرض نظام الملالي لرئاسة المنتدى الاجتماعي لمجلس حقوق الإنسان فشل أخلاقي للأمم المتحدة

Next post

عاجل … البرلمان العربى يتقدم لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بخطاب رسمي لتشكيل لجنة تحقيق دولية لمحاسبة إسرائيل على جرائمها بحق الشعب الفلسطيني كجرائم حرب

إرسال التعليق