مصر تنتظر الزعيم
منذ أن من الله على المسلمين بفتح مصر أراد الله لمصر أن تقود العرب والمسلمين للدفاع عن العروبة والإسلام وهو ما أشار له الرسول في أكثر من حديث عندما قال مصر في رباط الى يوم الدين أي في دفاع عن الإسلام حتى يوم القيامة وقال في حديث آخر استوصوا بأهل مصر خيرا فإن بها خير اجناد الأرض كما أن مصر تعد أكثر بلاد الأرض ذكرا في كتاب الله وبتلك المكانة التي أنعمها الله على مصر استطاعت مصر أن تصد الغزوات المتتالية على المشرق العربي وعلى رأسها الصليبيين والتتار الذين استطاعوا اجتياح المشرق العربي إلا أنهم هزموا على أبواب مصر ومن هذا المنطلق فإن مصر كانت دائما تستمد قوتها من ممارسة دورها خارج حدود أرضها وهو ما أدركه محمد علي الحاكم الألباني الذي حكم مصر بعد خروج حملة نابليون فقام بالاستيلاء على الشام حتى وصل إلى حدود الأستانة الا أن. انجلترا وفرنسا تأمرا عليه وحطموا الأسطول المصري وردوه إلى حدود مصر ليكون حاكم مصر والسودان فقط وعندما بدأ التخطيط لإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين بتواطؤ من بريطانيا التي كانت تحتل مصر وقتئذ واحتضنت مصر الثورة الفلسطينية كما قررت دخول حرب فلسطين لادراكها بخطورة المشروع الصهيوني في المنطقة ولولا تأمر الغرب وخيانة بعض الحكام العرب لأنتصرت مصر في تلك الحرب وعندما قامت ثورة يوليو المجيدة بقيادة عبد الناصر رفع ناصر شعار القومية العربية ولعبت مصر دورا بارزا في قيادة تيار التحرر في المنطقة فساعدت ثورة الجزائر واليمن حتى حصلا على استقلالهما وتصدت لمؤمرات الأحلاف في المنطقة ورفعت شعار استقلالية القرار وخاضت من أجل ذلك الحروب تلك الحروب سواء في تصديها لعدوان عام 1956 الذي شاركت فيه ثلاثة دول كما احتلت قضية فلسطين أولى اهتمامات مصر وحتى تحقق مصر استقلالية القرار سعت إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي في الزراعة والصناعة وكان طبيعيا أن تتحالف قوى الاستعمار والرجعية العربية لإسقاط عبد الناصر فتأمرت على مشروع الوحدة العربية الذي كرسه عبد الناصر بوحدة مصر وسوريا ووصلت قمة المؤامرة إلى ذروتها بعدوان عام 1967 والذي كان يهدف في المقام الأول إلى إسقاط عبد الناصر باعتباره رمزا للإرداة والتحرر إلا أن تلك المؤامرة فشلت وخرج عبد الناصر من تلك المحنة أقوى مما كان وقاد المسيرة لإعادة بناء القوات المسلحة وإزالة آثار العدوان حتى فاضت روحه إلى بارئها وعندما تولى السادات مقاليد الحكم استكمل المسيرة حتى استطاعت مصر تحقيق نصر اكتوبر بتضامن عربي لم تشهد المنطقة له مثيلا منذ سنوات طويلة وعقب تلك الحرب ادركت إسرائيل وحلفائها أن التغلب على مصر عسكريا شبه مستحيل فعقدت اتفاقية كامب ديفيد والتي أخرجت مصر من حلبة الصراع العربي الإسرائيلي وبخروج مصر غزت إسرائيل العراق ولبنان ولم تغفل إسرائيل عن مصر والتي تعتبرها العدو الأول لها فقامت بغزو مصر فكريا وثقافيا لتدمير القيم الدينية والأخلاقية للشباب المصري كما سعت إلى الهيمنة على اقتصادها عبر القروض فضلا عن السعي لتفكيك مصر من خلال ثورات الربيع العربي التي استغلتها قوى خارجية لتحقيق مخطط الفوضى الخلاقة وإذا كانت قوى الاستعمار والصهيونية قد فشلت في تفكيك المجتمع المصري إلا أنها نجحت في مخطط الغزو الثقافي والفكري والهيمنة الاقتصادية وساعدها في ذلك أخطاء الحكومات المتعاقبة التي تولت الحكم بعد كامب ديفيد حتى وصلت إلى الذروة في عصر النظام الحالي والذي وضعت عليه الجماهير آمال كبيرة إلا أن تلك الآمال تبخرت رويدا رويدا بعد لجوء النظام الحالي إلى سياسة الاقتراض لتوظيفها في مشروعات لن يستفيد منها سوى الطبقة الثرية بدلا من بناء المصانع لتوظيف الشباب وكان نتيجة ذلك زادت معدلات الفقر حتى أصبح هناك طبقة ثرية تمثل 10% فقط أو أقل من ذلك بينهما غالبية السكان تعاني من فقر مضجع واضطرت مصر إلى بيع أصولها من المصانع لسداد تلك الديون حتى أصبحنا في وضع أشبه بالايام التي سبقت احتلال مصر وكان طبيعيا أن تفقد مصر استقلالها السياسي بعد أن فقدت استقلالها الإقتصادي وهو ما انعكس في عجز مصر عن اتخاذ قرار يردع إثيوبيا في قضية سد النهضة كما وقفت عاجزة عن حماية أمنها القومي في السودان وليبيا ووصل الأمر إلى الذروة عندما عجزت مصر في الأزمة الحالية عن إدخال الوقود إلى غزة الا بعد الحصول على إذن من إسرائيل وهو ما انعكس على إغلاق معبر رفح لفترات طويلة بسبب القصف الإسرائيلي له ولاشك أن الوضع المذري الذي وصلت إليه مصر حاليا اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا أبرز الحاجة الماسة إلى زعيم يستعيد مكانة مصر وريادتها في المنطقة ولاشك أن تحقيق ذلك يتطلب اتخاذ العديد من الإجراءات حتى تستعيد مصر تلك المكانة منها العمل على بناء مصر اقتصاديا من خلال إقامة المصانع التي توظف الشباب واجتماعيا من خلال إعادة بناء الشباب من خلال إصلاح نظام التعليم والإعلام بما بعيد للشباب هويته الدينية والأخلاقية التي تدهورت في السنوات الماضية بفعل السياسات الخاطئة وبهذا فقط تستعيد مصر مكانتها في المنطقة والتي تمكنها من قيادة المنطقة نحو الحرية والتقدم .
مصطفى عماره
إرسال التعليق