مأتم الجمهورية
على الرغم من المؤتمرات التي عقدتها قوى الحركة المدنية ومطالبتها بإجراء انتخابات رئاسية في أجواء من الديمقراطية وضمانات كافية تكفل نزاهة تلك الانتخابات إلا أن الانتخابات الرئاسية والتي بدأت فصولها اليوم جاءت كسابقتها في ظل عدم وجود منافسة حقيقية بين الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي والذي أصبح فوزه شبه مؤكد ولم يكن هذا الأمر مفاجئا بل سبقته العديد من الإجراءات والتي مهدت لتلك النتيجة المتوقعة فتم تغيير مواد الدستور لتمديد مدة الرئاسة لتصبح ثلاث فترات بدلا من فترتين لإتاحة الفرصة لترشح الرئيس السيسي لفترة ثالثة رغم ما يمثله ذلك من إعتداء على الدستور والذي توافقت علبه القوى السياسية فكان هذا الإجراء بداية غير مشجعة وإشارة على عزم النظام المصري تكريس حكم ديكتاتوري جديد وطوال الفترة الماضية توالت الإجراءات المقيدة للحريات حيث اختفت صحف المعارضة حتى أصبحت كل الصحف تقريبا معبرة عن وجهة نظر الحكومة ولم تتح للمعارضة عقد مؤتمرات لها للتعبير عن وجهة نظرها أو إعطاء مساحة متساوية للأحزاب في القنوات التلفزيونية وزجت المعتقلات بالمئات أو الآلاف من الذين حاولوا التعبير عن آرائهم وانتقاد النظام الحاكم في السجون على سبيل الحبس الاحتياطي وكان طبيعيا أن لا تفرز تلك الأجواء على شخصيات مؤثرة تستطيع قيادة مصر في المرحلة المقبلة حتى خلت الانتخابات الحالية من شخصيات معارضة مؤثرة يمكن أن تصنع منافسة حقيقية ورغم انعدام المنافسة إلا أن الأجهزة الحكومية مارست عادتها في رشوة الناخبين للمشاركة في تلك الانتخابات الهزلية سواء بتخصيص وسائل نقل لمؤيدي السيسي إلى لجان الانتخابات أو منح الناخبين سلع شحيحة في الأسواق أو مبالغ نقدية للتصويت لصالحه وبدلا من أن تكون تلك الانتخابات عرسا ديمقراطيا أصبحت مأتما جديدا للديمقراطية تم فيه تغييب إرادة الشعب الحقيقية التي ضجت من الأوضاع الحالية في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يعاني منها غالبية الشعب وإذا كنا نوجه انتقادات إلى العدو الصهيوني للمذابح المرتكبة ضد إخواننا الفلسطينيين فإن هناك حقيقة لا يمكن اخفاءها وهي أن إسرائيل هي الدولة التي تتمتع بديمقراطية حقيقية يتم فيها احترام كرامة الإنسان الإسرائيلي حيث شنت إسرائيل عدوانها على الشعب الفلسطيني انتقاما لمئات الإسرائيليين الذين قتلتهم حماس في عملية عاصفة الأقصى كما أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يتعرض للإقالة لمحاولته التدخل في شؤون القضاء للهروب من محاكمته وفي ظل تلك الأجواء كان طبيعيا أن تصبح إسرائيل أقوى دول المنطقة واستطاعت إذلال كافة الحكام العرب أما في دولنا العربية فنسير من هزيمة إلى هزيمة ومن تخلف إلى تخلف لأن حكامنا لم يحترموا إرادة شعوبهم أو كرامتهم واليوم ونحن ننادي بإنشاء الجمهورية الجديدة فإن بناء الإنسان واحترام حريته وكرامته وتوفير حياة كريمة له لابد أن يأتي قبل بناء الطرق وتشييد المباني وبهذا فقط تنهض أمتنا وتحتل المكانة التي تستحقها بين الأمم .
مصطفى عماره
إرسال التعليق