الشعب الفلسطيني بين رفض التهجير وحرب الإبادة
منذ اندلاع الحرب في غزة أعلنت إسرائيل أن الهدف من تلك الحرب هو القضاء على حركة حماس إلا أن الغارات الوحشية على المناطق المدنية والتي طالت المستشفيات ومناطق الايواء كشفت أن الهدف الحقيقي من تلك الحرب هو إبادة الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع بهدف تصفية القضية الفلسطينية واعلنت مصر منذ بداية الحرب رفضها تهجير الشعب الفلسطيني إلى سيناء لعدم تصفية القضية الفلسطينية إلا أن هذا الإعلان كان بمثابة كلمة حق يراد بها باطل فكان يجب على القيادة المصرية أن ترفق هذا الإعلان بحماية قوافل المساعدات عبر معبر رفح بوحدات من القوات المصرية وأعتقد أن مصر لو فعلت ذلك فلن تستطيع إسرائيل أن تهاجم تلك القوافل لأنها تتجنب الدخول في حرب معها منذ توقيع معاهدة كامب ديفيد والتي كان هدف إسرائيل منها سلخ مصر عن محيطها العربي والاستفراد بكل دولة عربية على حدة لتدميرها حتى تصبح مصر بمفردها على الساحة العربية حتى يسهل على إسرائيل حصارها عسكريا واقتصاديا لتحقيق حلم إسرائيل بإقامة دولة من النيل إلى الفرات ولكن للأسف وقفت مصر موقف المتفرج وهي ترى إسرائيل تهاجم قوافل المساعدات وترفض خروج الجرحى وحصار الشعب الفلسطيني في منطقة رفح التي تكدس بها قرابة مليون فلسطيني محاصرين ما بين حرب التجويع والإبادة وظلت مصر تقف موقف المتفرج على هذا المشهد المأساوي دون حراك وكأن الأمر لا يعنيها بل الأمر وصل إلى حد إهانة الكرامة المصرية عندما اشترطت إسرائيل تفتيش قوافل المساعدات عبر معبر كرم أبو سالم قبل دخولها معبر رفح والتحكم في اسماء المسموح لهم بالنزوح من قطاع غزة رغم أصولهم المصرية حيث ترسل السفارة الفلسطينية إلى السلطات الأمنية الإسرائيلية لتحدد المسموح لهم بالخروج واستبعاد البعض الآخر بدعوى الانتماء إلى حركة حماس بل وصل الأمر إلى اقتراح الرئيس المصري في أحد مراحل الحرب إلى تهجير الفلسطينيين إلى صحراء النقب حتى انتهاء إسرائيل من عملياتها في غزة وتصفية حركة حماس ولكنه يعرض على إسرائيل حلا للمأزق الذي تعاني منه وحتى يكون الموقف المصري جادا في مساعدة الشعب الفلسطيني فإن أمامها خيارات صعبة ولكنها قد تكون ضرورية منها عدم السماح بنزوح الفلسطينيين إلى سيناء ولكن في نفس الوقت حماية قوافل المساعدات المصرية وتأمين خروج الجرحى من خلال وحدات من القوات المصرية تقوم بحماية تلك القوافل والسماح بنزوح الفلسطينيين النازحين إلى رفح إلى داخل مصر رغم مرارة هذا الخيار في ظل مخطط إسرائيل لتهجيرهم لإنقاذهم من حرب الإبادة التي تشن عليهم ، إن حماية الشعب الفلسطيني ومواجهة المخططات الإسرائيلية في المنطقة هو قضية مصرية قبل أن تكون قضية فلسطينية لأن الهدف الأساسي من قيام كيان إسرائيلي على أرض فلسطين هو إقامة دولة إسرائيلية من النيل إلى الفرات وتحقيق أهداف الاستعمار العالمي في نهب ثروات المنطقة وإعادة احتلالها لأن إسرائيل هي وكيلة الاستعمار العالمي في المنطقة ولقد أدركت مصر في عهد الملك فاروق أبعاد هذا المخطط لذا قررت دخول حرب فلسطين ورغم هزيمتها في تلك الحرب بمؤامرة من الاستعمار العالمي وخيانة بعض حكام الدول العربية إلا أن مصر رفضت الاعتراف بإسرائيل وظلت على موقفها في عهد عبد الناصر حتى وقعت مصر معاهدة كامب ديفيد معها والتي حققت هدف إسرائيل بعزل مصر عن محيطها العربي والاستفراد بكل دولة عربية على حدة كما حدث في العراق وسوريا ولبنان ورغم أن قضية فلسطين هي قضية مصر قبل أن تكون قضية فلسطين فإن حكام مصر منذ عصر السادات وحتى الآن يتعللون بأن مصر دفعت 120 الف شهيد دفاعا عن فلسطين رغم أن الواقع يؤكد أن مصر لن تخوض سوى حرب واحدة للدفاع عن قضية فلسطين وهي حرب عام 1948 في عهد الملك فاروق أما حرب عام 1956 فكانت بسبب تأميم قناة السويس وحرب عام 1967كانت بسبب الحشود المصرية في سيناء وإغلاق مضيق العقبة لحماية سوريا من اي عدوان إسرائيلي عليها أما حرب عام 1973 فكانت لتحرير أرضنا فأين سقوط ال120 الف شهيد كما يروج البعض ذلك للتنصل من الدفاع عن قضية فلسطين والتي سبقتها شائعات أخرى أطلقها هذا التيار أن الفلسطينيون باعوا ارضهم رغم أن التاريخ يؤكد كذب تلك الشائعة التي روجتها أبواق الصهيونية باعتراف أسامة الباز مستشار الرئيس المصري السابق نفسه أننا مطالبون اليوم أكثر من أي وقت مضى من منطلق تعاليم ديننا الحنيف الذي حضنا على الجهاد في سبيل الله حماية لديننا ومقدساتنا أن نهب للدفاع الحقيقي عن الشعب الفلسطيني وعن كرامة مصر التي أهدرت كرامتها في السنوات الماضية تحت وطأة الضغوط الاقتصادية والتي شارك فيها الاصدقاء قبل الأعداء حتى تعود مصر لرسالتها التي أرادها الله لها عندما قال رسولنا الكريم مصر في رباط الى يوم الدين وقال في حديث آخر إذا فتحتم مصر فأتخذوا منها جندا كثيفا فإن بها خير أجناد الأرض فليس هناك فارق بين مصر وفلسطين والشام وما الدول العربية والإسلامية لأننا أمة واحدة أراد أعداء الإسلام تقسيمها للسيطرة على بلادنا ونهب ثرواتنا .
مصطفى عماره
إرسال التعليق