الأصوات الباطلة : رسالة الشعب الإيراني الواضحة في رفض انتخابات نظام الملالي

الأصوات الباطلة : رسالة الشعب الإيراني الواضحة في رفض انتخابات نظام الملالي

في الجولة الأخيرة من انتخابات المجلس ضمن نظام الملالي، شهدنا أدنى مستويات المشاركة الشعبية في تاريخ هذا البلد، مما يدل على عمق الاستياء والرفض الواسع للنظام من قبل المجتمع. وقد استقبلت هذه الانتخابات، التي أجريت لأول مرة بعد القمع الدموي للاحتجاجات التي شملت البلاد في عام 2022، بمشاركة منخفضة وارتفاع في نسبة الأصوات الباطلة، حتى أن العديد من المواطنين رفضوا المشاركة فيها أو أبدوا احتجاجهم من خلال تقديم أصوات باطلة.
وأشارت وكالة أسوشيتد برس ورويترز إلى أدنى مستوى للمشاركة الشعبية واعتبرتا هذه الانتخابات بمثابة اختبار لشرعية نظام الملالي. يُظهر انخفاض معدل مشاركة الأشخاص المؤهلين عدم ثقة الناس واستيائهم العميق من الحكومة التي اضطهدتهم على مدى 45 عامًا. وشددت كلير لوبيز، الباحثة المساعدة في مركز السياسة الأمنية بالولايات المتحدة، على هذه القضية واعتبرتها علامة على الرفض الكامل للنظام من قبل الشعب.
كما سلطت وسائل الإعلام المحلية الضوء على أبعاد فشل هذه الانتخابات. فعلى سبيل المثال، نقلت صحيفة “ستاره صبح” عن فلاحت بيشه، رئيس لجنة الأمن في البرلمان السابق، قوله إن النتائج تشير إلى فشل الانتخابات البرلمانية وعدم كونها انتصارًا. إضافةً إلى ذلك، أشارت وكالات الأنباء الحكومية، مثل “الشرق” و”بهار نيوز”، إلى أن هذه الانتخابات البرلمانية كانت الأقل شهرة في تاريخ الجمهورية الإسلامية، وأفادت بوجود عدد غير مسبوق من الأصوات الباطلة.
وذكرت “بهار نيوز” أنه بينما يبلغ عدد سكان دوائر شهريار وقدس وملارد ما يقرب من مليون ونصف المليون، فقد دخل الممثل الأصولي لهذه المدينة إلى البرلمان بحصوله على 56,529 صوتًا فقط، في حين بلغ عدد الأصوات الباطلة في هذا المجال 54,195، وهو رقم غير مسبوق!
وأفادت “شرق” بأنه في بعض الدوائر، مثل مرودشت، كانت الأصوات الباطلة أكثر من أصوات الفائز الأول، وكان مجموع أصوات الفائزين الأول والثاني أقل من الانتخابات السابقة لهذه الدائرة، الذي كان رشيدي كوتشي ولم يكن مؤهلاً لهذه الانتخابات. ولذلك، تم تمديد انتخاب هذه الدائرة إلى المرحلة الثانية.
وأضاف رئيس تحرير وكالة أنباء الحرس، المعروفة باسم “فارس”، أن أداء الأجهزة الإعلامية والسياسية في البلاد كان سيئًا في إقناع المترددين، الذين بلغت نسبتهم حوالي 30%. وكانت نسبة المشاركة في هذه الفترة من الانتخابات أقل بنسبة 18% من متوسط الفترات السابقة للانتخابات البرلمانية.
وتابع فلاحات بيشه، بأن “النتائج تظهر أن الانتخابات البرلمانية فاشلة وليست انتصارًا”، مضيفًا أن أصوات كل نائب كانت تتجاوز المليون، ولكن الآن يتضح أن نتيجة الانتخابات هي الفشل وليس الانتصار.
وفي طهران، لوحظ أن نصف المشاركين أدلوا بأصوات باطلة، وفي بعض المناطق كانت الأصوات الباطلة تتجاوز أصوات المرشح الأول. هذا يعكس عدم ثقة الناس وعدم رضاهم عن العملية الانتخابية والمرشحين الحاليين. أعلن عباس جوهري، رئيس لجنة الانتخابات في محافظة طهران، إمكانية تمديد الانتخابات إلى الجولة الثانية، بسبب عدم حصول المرشحين على النصاب اللازم من الأصوات.
ولم تكن هذه الانتخابات فشلاً فادحًا للنظام فقط، بل أظهرت أيضًا عمق السخط ومطالبة الناس بتغييرات جوهرية في هيكل الحكومة وإدارة البلاد. بتجاهل دعوات المشاركة في الانتخابات وتقديم أصوات باطلة، أرسل الشعب الإيراني رسالة واضحة مفادها أنهم لا يقبلون الحكومة الحالية ويطالبون بالتغيير. ويُظهر هذا الحدث مجددًا ضرورة الاهتمام بالمطالب المشروعة للشعب وإتاحة الفرصة لتنفيذ تغييرات هيكلية في نظام الحكم في إيران.

إرسال التعليق