العالمي للمرأة.. بين الاحتفال وتكريس الحقوق.

العالمي للمرأة.. بين الاحتفال وتكريس الحقوق.

ليس هناك من احتفال أو يوم حقيقيّ للمرأة في مجتمعاتنا قبل أن نتصالح مع فكرة أنّ المرأة شريك حقيقيّ وأساسيّ..قبل أن نبني وطنّا لا ينتهك حقّ الإنسان امرأة ورجل… قبل أن نتخلّص من الموروثات الفكريّة الذكوريّة التي أكل عليها الدّهر وشرب، والتي أثبتت فشلها الذريع “قبل وبعد” في إنشاء مجتمع متعاف متطوّر وأُسَر ناجحة صحيّة بدون عقد نفسيّة .. قبل أن نتخلّص من بعض التشريعات والقوانين المجحفة بحقّ المرأة جورًا وظلمًا في قضايا الأحوال الشخصيّة والزواج والطلاق والأولاد والوصاية… وهنا لا أنادي بالمساواة بين الرجل والمرأة ، فذلك اجحاف أكبر بحقّ المرأة لانّ طبيعة الرجل تختلف عن طبيعة المرأة ولكن أنادي بالحقوق والواجبات التي تحفظ حق المرأة والرجل فيما يحفظ التوازن والتعافي المجتمعي وانحسار الفجوة بين الاثنين .

وأهمّ ما يطرح نفسه في هذا المضمار.. النفاق المجتمعيّ..نعم.. النفاق المجتمعي الذي لا يؤسّس لتنشئة امراة ناجحة، مفيدة ،،قوية بعقلها الثرثار لا بلسانها المسمار..

فليس هناك من نفاق أبشع من أن تتغنّى باحترامك للمرأة أمام الأخريات وفي بيتك امرأة مُهملة، تمارس عليها أبشع أنواع السلطوية الذكورية .. حتى كلمة تقدير أو حبّ صغيرة لا تسمع منك في حين تسبغ على الأخريات ما لذّ وطاب من ألوان الكلمات ..
ليس هناك من نفاق أبشع من أنّ امرأة تتشاكى من سوء معاملة زوجها الذكورية لها ثمّ تربّي ابنها على أن يكون سيّدًا على أخته… فالمرأة البلهاء هي عدوّ المرأة وتقدّمها وخروجها من زنزانة الأفكار البالية الموروثة..
ليس هناك من نفاق أبشع من أن تحترم أمّك وتقدّرها ثمّ تحرم أبناءك من أمّهم أو تذلّها في أولادها وطلاقها لعُقد بالية تستحوذ عقلك الباطني”اللهم هنا اتكلم عن الامهات الرصينات بنات البيوت والحالات كثر في المحاكم” أو تتركها لمصير محتوم مخيف ترزح فيه تحت مطرقة المسؤوليات الجمّة وسندان تربية الأولاد
فتكون فيه الأب والأمّ والرجل والمرأة..
ليس هناك من نفاق أعمق من امرأة صديقة تجاهر بحبّها لصديقتها ثمّ تمتلئ حسدًا وحقدًا وخبثًا إذا اعتلت صديقتها نجاحًا ما..
ليس هناك من نفاق أسوأ من رجل يخاف على أخته ثم يلعب ويلهو ببنات الناس وبمشاعرهن معتبرًا أنّ الشرف يكمن في اخته فقط وليس في شرفه المصون المبعثر مع العشرات ..

نحن نعيش ازدواجية المعايير والقيم.. وخصوبة النفاق… وعقم الصدق مع أنفسنا على الأقل..
وهذا كلّه لا يؤسّس لمجتمع متعاف متصالح مع ذاته وسلامه، يضمن حقوق المرأة والرجل على السواء ..
فما أقبله لنفسي أقبله لغيري وما أقبله لابنتي أقبله لزوجتي. .وما لا أقبله لأختي لا أقبله لبنات الناس..وللمرأة “الحماة” ما اقبله لابنتي أقبله ل “كنّتي” زوجة ابني التي أتعقب حركاتها وأضع انفي في حياتها وكلماتها من باب الغيرة وقلّة الوعي حتى أضيّع ابني أولا قبل غيره .

معادلة سهلة ولكن هذا بحاجة إلى استثمار فكريّ ونهضة وعي وتنقية روح وإعمال للعقل من الجهل.. فالله لا يحابي الجهلاء..
وأحيانا غياب الأشياء يا أصدقائي أفضل بكثير من وجودها المشوّه. فعلاقتنا مع المرأة محكومة بالتشوٌه ومن جوانبها كافة .

فكلّ عام وأنت جميلة..مبدعة مربّية مشعّة منتجة.. قوية بفكرك ووعيك.. بطيبة قلبك ونقائه من الخبث والامراض الدنيوية …بسلاحك الذي هو علمك وليس تضاريسك..
وللمرأة المكافحة المناضلة عيدك أعياد وأيام وسنوات.. للمرأة التي خلعت عنها دور الضحية واعتنقت الأمل في مواجهة الألم.. للمرأة التي بكرامتها تكبر … وبرجاحة عقلها تزن … وبأنوثتها تترقرق … وبأحزانها وكفاحها وخذلانها.. تقوى ولا تُكسر..
وبأخلاقِها تُقدّر..
وبقوة شخصيتها تُصقل…
وبحنوها وسندها وتقديرها للرجل الذي يعطيها من قلبه ولا يقهر..
وعن ظلمها وحقوقها بالذات مع الذكر المذكّر تذكيرًا لفظيّا لا تساوم ولا ترضخ…
تلك هي المرأة التي أحبّ …
صانعة الفرق والتغيير…
وللرجل الذي يدعم هذه المرأة.. لك كلّ الحبّ والتقدير ❤️🌷
فاطمة سكرية
#اليوم_العالمي_للمرأة

إرسال التعليق