تحالف العسكريين ورجال الأعمال والصعود إلى الهاوية

تحالف العسكريين ورجال الأعمال والصعود إلى الهاوية

قبل قيام ثورة يوليو انضم عبد الناصر إلى جماعة الإخوان المسلمين باعتبارها أكثر التيارات تنظيما في هذا الوقت في الشارع المصري كظهير مساند لحركة الضباط الأحرار الذين قرروا الانقلاب على حكم الملك فاروق ليلة 23 يوليو ورغم تشكيك البعض في أن انضمام عبد الناصر للإخوان كان لهدف تكتيكي للوصول إلى السلطة ام فقط كمحاولة لاستطلاع قوة التيارات الموجودة على الساحة المصرية إلا أن الشواهد تؤكد أن هناك تحالف تم بين الاخوان وعبد الناصر قبل الثورة والدليل على ذلك أن عبد الناصر أبلغ الإخوان بموعد الثورة وكلفهم بتأمين الطريق بين القاهرة والإسماعيلية تحسبا لتدخل الإنجليز واستمر هذا التحالف بعد نجاح الثورة حيث استعان عبد الناصر بالاخوان ضد خصومه وعندما استتب الأمر لعبد الناصر حانت ساعة الحقيقة وشعر عبد الناصر أن الإخوان عبئ عليه كما تأكد للإخوان أنهم لا يمكنهم السيطرة على عبد الناصر فكان لابد أن يحدث الصدام وكان طبيعيا أن ينتصر عبد الناصر في هذا الصراع لأنه الطرف الأقوى الذي يسانده الجيش ورغم انتهاء هذا التحالف بالقبض على قيادات الاخوان واتهامها بمحاولة اغتيال عبد الناصر الا أن هذا التحالف عاد مرة أخرى في عصر السادات الذي استعان بهم لضرب التيار الناصري في الجامعات وكما حدث مع عبد الناصر حدث أيضا مع السادات حيث انقلب الإخوان عليه عقب توقيعه اتفاقية كامب ديفيد وانتهى الأمر باغتياله حيث أشارت أصابع الاتهام إلى وجود تواطئ من جماعة الإخوان في عملية الاغتيال وعقب عملية الاغتيال شنت أجهزة الأمن حملة اعتقالات ضد عناصر الجماعة بعد تولي مبارك الحكم إلا أن مبارك تجنب القيام بحملات واسعة لاعتقال قادة الجماعة والمنتمين إليهم لرغبته في فتح صفحة جديدة مع كافة التيارات واستمرت العلاقة بين الاخوان ونظام مبارك تتأرجح بين الشد والجذب فعلى الرغم من تصنيف الإخوان ضمن الجماعات المحظورة الا أن تفاهمات كانت تحدث بين الحين والآخر بين النظام المصري وجماعة الإخوان خاصةً في ملف الانتخابات وتوزيع المقاعد وخلال فترة مبارك ظهر تحالف جديد في الأفق خاصة مع بروز دور جمال مبارك وعدد من رجال الأعمال وعلى رأسهم احمد عز ودعمهم لجمال مبارك في ملف توريث السلطة والذي دعمته أيضا سوزان مبارك زوجة الرئيس الراحل ورويدا رويدا تمكن رجال الأعمال المتحالفين مع جمال مبارك من السيطرة على السلطة وعقب اندلاع ثورة يناير ووصول الإخوان إلى السلطة بدعم من المؤسسة العسكرية الذين رأوا أن وجود الإخوان على رأس السلطة لفترة من الزمن يحقق أهداف المؤسسة العسكرية في إزاحة نظام مبارك ومنع عملية التوريث وفي نفس الوقت يزيح الفريق أحمد شفيق والذي كان على خلاف عميق بين المشير طنطاوي وعندما نجحت المؤسسة العسكرية في تحقيق هذا الهدف كان من السهل إزاحة الإخوان مستغلين الأخطاء التي وقعوا فيها بحكم قلة خبرتهم السياسية ونجحوا في النهاية في إزاحة الإخوان والعودة إلى السلطة من جديد ونظرا لحاجة المؤسسة العسكرية إلى الدعم المالي فلقد ظهر تحالف جديد مع رجال الأعمال الذين يسيطرون على مفاصل الدولة وأصبح استمرار رجال الأعمال في أداء دورهم مرتبط بالاتاوة المفروضة عليهم من جانب المؤسسة العسكرية التي كانت تسيطر بدورها على مساحات واسعة من الأراضي والمؤسسات الاقتصادية وكان أبرز مثال على ذلك ما حدث مع صفوان ثابت رئيس مجلس إدارة جهينة ومصطفى السويركي رئيس مجلس إدارة التوحيد والنور وكان آخر تلك التحالفات ما حدث مع رجل الأعمال إبراهيم العرجاني رئيس القبائل العربية والذي أسند له مهمة غير معلنة فيما يتعلق بالتعامل مع ملف الحرب في غزة خاصة أن العرجاني كان له دور في إدخال الغزاويين إلى غزة مقابل مبلغ 1200 دولار فضلا عن فرض رسوم على الشاحنات المتجهة إلى غزة ولعل خطورة هذا الدور تكمن في احتمالات أن يكون العرجاني ميليشيات تلعب دورا مشابها للدور الذي تلعبه قوات الدعم السريع في السودان فضلا عن استخدامه من قبل إسرائيل لزعزعة الاستقرار في مصر ولاشك أن فلسفة النظام القائمة على المادة قبل كل شيء دون النظر للاعتبارات الاجتماعية والقيم الدينية يجعل مصر على حافة الهاوية ويهدد كيان الدولة كله للانهيار .

مصطفى عماره

Previous post

الجنائية الدولية لا يحق لأي دولة أن ترتكب المجازر وتدعي الدفاع عن النفس. لقد آن الأوان لإعادة تعريف مفهوم «الدفاع عن النفس» في ظل استغلاله للإبادة الجماعية

Next post

مصر تدخل أول شاحنة عبر معبر كرم أبو سالم والغموض يكتنف التزام إسرائيل بقرارات محكمة العدل الدولية حول معبر رفح

إرسال التعليق