سحرة فرعون
عندما أراد فرعون حكم مصر فلقد اعتمد على سياسة البطش والإرهاب لإخضاع الرعية بمساعدة بطانة من الافاقين للترويج لسياسته وقد وصف القراءن الكريم تلك الفترة عندما قال فاستخف قومه فاطاعوه إنهم كانوا قوما فاسقين حيث وصف الله الرعية في هذا الوقت بالفاسقين لأنهم خضعوا لتلك السياسة بل روجوا لها ولو تصدى الرعية لافتراءات فرعون ربما تراجع عن سياسته ولخضع لصوت العقل وكان طبيعيا أن تؤدي تلك السياسة إلى هلاك فرعون ورعيته الذين ناصروه ليكون هذا درس إلهي للحاكم والرعية بأن سياسة الاستبداد والبطش ومناصرة الحاكم المستبد ستكون سببا في هلاك واندثار الأمم وتخلفها ويبدوا أن المصريين توارثوا فلسفة الذل والهوان والخوف ومناصرة الحاكم ظالما أو مظلوما عبر القرون التي تلت عهد فرعون وهو الذي مكن حكام مصر عبر التاريخ إذلال شعوبهم ولعل قيام الخديوي سعيد بتسخير آلاف المصريين بحفر قناة السويس والتي مات فيها آلاف المصريين بالسخرة والتعذيب لهي خير مثال على ذلك وكان يمكن أن تنتهي تلك السياسة عقب قيام ثورة يوليو والتي كان من أهم مبادئها إقامة حياة ديمقراطية سليمة ولكن هذا الأمل تبدد رغم وطنية الزعيم الراحل عبد الناصر من خلال مراكز القوى التي اذلت المصريين واهدرت كرامتهم وبمناصرة مجموعة من الافاقين في وسائل الإعلام التي روجت لفكرة الزعيم الأوحد وكان نتيجة ذلك هزيمة مصر في حرب عام 1967 والتي لا نزال نعاني من آثارها حتى الآن ولقد ادرك عبد الناصر الخطأ الذي ارتكبه وطالب الشعب المصري في خطاب له بعد النكسة عندما طالب الشعب بالتخلي عن حكم الفرد ورغم نجاح السادات في إنهاء سيطرة مراكز القوة على الحكم بعد عهد عبد الناصر الا انه ظل متشبعا بالفكر الاستبدادي ولم يقبل النقد الموجه إليه عقب توقيعه اتفاقية كامب ديفيد فأودع مئات السياسيين والإعلاميين ورجال الدين المعتقل وقد أودت تلك السياسة إلى مقتل السادات بين جنوده في احتفالات مصر بنصر 6 اكتوبر وكدر مبارك خطأ السادات عندما مكن مجموعة من رجال الأعمال الذين يقودهم جمال مبارك من السيطرة على السلطة وسعت تلك المجموعة بمباركة زوجة الرئيس الراحل إلى محاولة توريث السلطة لجمال مبارك وهو الأمر الذي رفضه العسكريين الذين يسيطرون على مفاصل الدولة كما رفضته أيضا القوى السياسية وانتهى الأمر باندلاع ثورة يناير التي انحاذ إليها الجيش واستطاع الإخوان الذين شاركوا في تلك الثورة في الوصول إلى الحكم لأول مرة في تاريخهم وكان يمكن أن تحدث تلك الثورة تحولا ديمقراطيا في مصر والرجوع إلى حكم الصندوق لاختيار حكامهم الا أن عدم خبرة الإخوان والأخطاء التي ارتكبوها وإصرار العسكريين على استمرارهم في السيطرة على مفاصل السلطة أدت إلى نهاية حكمهم بعد عام واحد فقط من توليهم السلطة رغم اعتراض مفكرين وسياسيين على العودة إلى سياسة الانقلابات وسيطرة العسكريين على السلطة إلا أن الشعب اختار السيسي أملا في الإصلاح خاصة أن تلك الفكرة شهدت دعما خليجيا للنظام المصري كان يمكن من خلاله تحقيق نهضة اقتصادية ولكن هذا الأمل تبدد عندما مرر السيسي أخطاء سابقيه واراد فرض رؤيته في كل المجالات مؤكدا أنه الشخص الوحيد الذي يمتلك الحقيقة دون الاستعانة بالخبراء المتخصصين ومعتمدا على مجموعة من الإعلاميين الافاقين الذين روجوا لسياسته وكان نتيجة هذا أن شهدت مصر أزمات في كافة المجالات فهناك انهيار اقتصادي وارتفاع في الأسعار لم تشهده مصر أثقلت الطبقة الكادحة فضلا عن فشل في سياسة التعليم والكهرباء والمياه والرياضة وأصبحت ثروة مصر المائية مهددة بعد فشل مصر في التعامل مع قضية سد النهضة فضلا عن تراجع دور مصر الإقليمي في العديد من الملفات التي تهدد الأمن القومي كالملف الفلسطيني ووصل الأمر إلى أزمة في السلع الاستراتيجية التي تشكل أمن المواطن كالخبز والدواء وكان نتيجة تلك السياسات الفاشلة أن تراجعت شعبية السيسي حتى بالنسبة لمن ايدوه في بداية حكمه حتى أصبحت البلاد على شفا ثورة جياع أو اضطرابات تطيح بالاخضر واليابس .. وفي تلك الظروف الدقيقة التي تجتازها مصر فإنني أوجه رسالة للرئيس السيسي أن يراجع سياسته ويستمع لصوت الشعب بعيدا عن كلمات الاطراء من جانب تلك الحاشية الفاسدة ومجموعة الافاقين التي أضاعت مصر في الماضي وسوف تضيعها في المستقبل إذا لم يتحقق الإصلاح ،، إنني لا أنادي بثورة ضد النظام أو النزول إلى الشارع لأننا في مرحلة دقيقة تتطلب الاستماع إلى صوت العقل والحكمة وبدون ذلك فإن الانفجار المتوقع سيصبح حقيقة لا مفر منها وعندئذ لن ينفع الندم ولن تجدي الدموع .
مصطفى عماره
إرسال التعليق