ثورة 23 يوليو و30 يونيو
في الوقت الذي تحتفل مصر بذكرى 23 يوليو والذي يجئ بعد أيام مما يسميها أنصار النظام الحالي ثورة 30 يونيو فلقد دأب أنصار النظام الحالي على المقارنة بين الثورتين وبين شخصية الزعيم الراحل عبد الناصر والرئيس عبد الفتاح السيسي إلا أن تلك المقارنة لا تجوز فعلى الرغم من أن ثورة يوليو جاءت بانقلاب عسكري نفذه الضباط الأحرار ضد النظام الملكي أن الشعب المصري انحاز في مجموعة لتلك الثورة والتي أعلنت توجهاتها عبر المبادئ الستة التي رفضتها والتي جسدت في مجموعها آمال وطموحات الشعب الكادح.والذي عانى قبل الثورة الفقر والجهل والمرض وقد ترجمت الثورة تلك المبادئ عمليا عندما وزعت الثورة الأراضي على الفلاحين واعلنت التعليم المجاني واقامت المصانع كما امنت على ثورة مصر المائية بإنشاء السد العالي كما أعلنت الثورة توجهها العربي عندما ساعدت حركات التحرر في الجزائر واليمن ودول افريقيا ودافعت عن قضية فلسطين ورغم تلك الإنجازات التي حققتها الثورة إلا أن الأمر لم يخلو من أخطاء وربما خطايا أضاعت إلى حد كبير بريق تلك المنجزات ولعل من أكبر تلك الأخطاء اختيار عبد الناصر لمعاونيه وعلى رأسهم عبد الحكيم عامر الذي لم يكن مؤهل لقيادة الجيش وأدى هذا إلى أكبر هزيمة لحقت بمصر عام 67 والتي لا نزال نعاني من آثارها حتى الآن كما أن عملية التأميم شابها أخطاء تطبيقها وكنت أرى أنه من الأفضل فرض ضرائب تصاعدية على أصحاب الأملاك الكبيرة بدلا من تأميمها ورغم ذلك ظلت ثورة 23 يوليو خالدة عبر التاريخ كما يظل عبد الناصر زعيم وطني من النادر أن يجود به الزمان ظل وسيظل خالدا في قلوب شعب مصر والشعوب العربية والذي عبرت عنه يوم 9و10 يونيو عندما خرجت جماهير مصر والشعوب العربية ترفض الهزيمة وتنادي بعودة الزعيم لممارسة دوره في إزالة آثار العدوان كما عبرت الجماهير.عن حزنه يوم وفاته في 28 سبتمبر وخرجت في اكبر جنازة شهدها التاريخ لحاكم عربي ورغم رحيل الزعيم فإن ذكراه سوف تظل خالدة في قلوب الجماهير لعدم ظهور البديل الذي يمكن أن يملأ الفراغ الذي تركه أما الرئيس السيسي فلا يمكن وصفه بصفة الزعامة لأن الأحداث هي التي دفعته لهذا الموقع فعندما قامت ثورة يناير التي رفعت شعارات عيش حريه عداله اجتماعيه انحاز الجيش لها لانه كان رافضا لوصول مدني إلى السلطة وفي ظل الفراغ الذي شهدته السلطة برحيل مبارك وفي ظل الصراع الذي دار بين القوى المدنية استطاعت المؤسسة العسكرية الوصول إلى السلطة واستغلت عدم وجود خبرة سياسية لجماعة الإخوان في العودة مرة أخرى للسلطة مستغلة في ذلك حالة الانقسام والفوضى التي شهدتها البلاد في عصر الإخوان والتي لعبت المؤسسة العسكرية دورا في تاجيجها وكان طبيعيا أن تنحاز غالبة طبقات الشعب للمؤسسة العسكرية بقيادة السيسي أملا في عودة الاستقرار إلى البلاد إلا أن الآمال تبددت بعد تفاقم الأوضاع الاقتصادية بشكل يفوق إمكانيات الطبقة الفقيرة والمتوسطة وانتشار الفساد وسوء الإدارة وانحياز السلطة للطبقة الثرية الفاسدة على حساب مصالح غالبية طبقات الشعب وكان طبيعيا في ظل تلك الأوضاع أن تتزايد حدة الاحتقان بصورة تهدد بثورة جياع تدمر أمامها كل شيء حتى أصبح الأمر يحتاج إلى معجزة تنفذ مصر من اسوأ أزمة تمر في زمن غابت عنه المعجزات التي لن تتحقق في ظل غياب الايمان الحقيقي من الحكام والمحكومين .
مصطفى عماره
إرسال التعليق