نعم للنقد الموضوعي ولا للفوضى
عندما قررت أن أتفرغ للعمل الصحفي كان هذا من منطلق إيماني بدور الكلمة فى خدمة قضايا الأمة وليست تجارة كما يريدها البعض لتحقيق مكاسب خاصة فضلا على أن التجربة الحزبية التي خضتها مع عدد من الأحزاب ذات التوجهات القومية أو الدينية كانت مريرة بعد أن تأكد لي أن الأحزاب المتواجدة على الساحة المصرية سواء أكانت مؤيدة للنظام أو معارضة له تنطلق من أجل تحقيق مصالح ذاتية أو تصفية حسابات ومن أجل الدفاع عن أمانة الكلمة خضت معارك مريرة فى الداخل أو الخارج للدفاع عن مبادئي والتحلي بالموضوعية عند تناول أي موضوع ومن أجل الدفاع عن تلك المبادئ تم إتهامي من قبل بعض الأشخاص أنني أميل إلى الإخوان خاصة إذا انتقدت النظام فى بعض الممارسات التى أرى إنها خاطئة رغم أنني أعتبر أن الإنضمام لأي جماعة دينية هو خط أحمر بالنسبة لي لأنني أعلم أن تلك الجماعات تستغل الدين من أجل تحقيق مكاسب سياسية كما أن الإسلام ليس حكرا على جماعة أو فرد بل هو دين جاء للبشرية كلها فلا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى والغريب أن نفس هؤلاء اتهموني بموالاة النظام أو العمالة لبعض الدول كالسعودية عندما كتبت من خلال قراءاتي والوثائق التي نشرت أن تيران وصنافير جزيرتين سعوديتين كانتا تحت الحماية المصرية حتى لا تستولى عليهما إسرائيل ثم عادتا الى السعودية فى اتفاقية ترسيم الحدود بين البلدين كما أنني دافعت عن الرئيس السيسي عندما اتهمته جماعة الإخوان أن والدته من جذور يهودية لأنه من المنطق أن لا يلتحق أي إنسان بالقوات المسلحة إذا كانت جذوره غير مصرية فكيف له أن يدخل الجيش المصري وأمه من جذور يهودية وهل كان يعرف الذين قبلوه فى الكلية العسكرية أنه سوف يكون رئيس للجمهورية وإذا كنت دافعت عن الرئيس السيسي فى اتفاقية ترسيم الحدود أو اتهام والدته بانها من جذور يهودية فليس معنى هذا أنني أتملق النظام بل أدافع عن الحقيقة والمبادئ لأن ولائي كان وسوف يظل دائما لمصر وليس لرئيس أو حزب أو جماعة ومن هذا المنطلق فلقد جددت موقفي بصراحة برفض الدعوات التى أطلقها المدعو محمد علي لتنظيم مليونية للمطالبة برحيل النظام بل أعتبر أن تلك الدعوات تقف ورائها جهات مشبوهه وهى ترتقي أن تصل الى مرحلة الخيانة فى هذا التوقيت الدقيق الذي تجتازه مصر والمنطقة العربية ولقد بنيت رفضي هذا على عدد من الأسباب الموضوعية وهى على سبيل المثال لا الحصر …..
1- أن تلك الدعوات تأتي فى الوقت الذي وصلت فيه مفاوضات سد النهضة مع أثيوبيا الى منعطف خطير يهدد مستقبل مصر المائي ولا يخفى على أحد الدور الاسرائيلي فى هذا الملف وتعتمد اثيوبيا فى المرحلة القادمة على كسب الوقت لتنفيذ هذا المشروع وبالتالي فإن أي اضطرابات داخلية فى مصر سوف تمكن أثيوبيا من استكمال مشروعها والذي سوف يكون له انعكاسات خطيرة على مصر ككيان وكدولة كما أن توقيت تلك الدعوات يأتي مع قرب إعلان الإدارة الأمريكية عن صفقة القرن وبالتالي فإن من مصلحة أمريكا وإسرائيل إثارة الفوضى فى المنطقة فى هذا التوقيت لتمرير تلك الصفقة .
2- أن تلك الدعوات انطلقت من جانب شخص مشبوه فى سلوكياته ويمكن أن يبيع وطنه من أجل المال وبالتالي فإن شهادته حتى لو احتوت على بعض الحقائق ليست محل ثقة لأن التاريخ لايمكن أن يروي من جانب خائن أو عميل .
3- أن تجربة ثورة يناير أكدت حقيقة هامة أنه قبل أن نطالب بالتغيير فلابد من وجود البديل الذي يحوذ على إجماع الشعب حتى لا تحدث فوضى فعندما اندلعت ثورة يناير طالبت الجماهير برحيل مبارك دون إيجاد البديل وكان من نتيجة ذلك أن تسلقت قوى من الداخل والخارج على تلك الثورة فحولت مسارها من ثورة تطالب بالعيش والحرية والكرامة الاجتماعية الى فوضى لم يستفيد منها سواء أعدائنا بالداخل والخارج ورغم رفضي لتلك الدعوات بالنزول فى مليونية سوف تؤدي الى كارثة لمصر فإن هذا أيضا يلقي على النظام مسئولية خاصة لعدم ايجاد مناخ أو تربة خاصة يمكن أن يستغلها أعداء الوطن لإثارة الفوضى فمما لاشك فيه أن الطبقات الكادحة سواء من أصحاب المعاشات أو الموظفين تعاني من ظروف قاسية قد تؤدي الى ثورة جياع إن أجلا أو عاجلا خاصة بعد أن أصيبت تلك الطبقات بالإحباط من عدم الوفاء بوعود إصلاح الكادر المالي لها بما يتناسب مع الارتفاع فى الرهيب فى الأسعار فى الوقت الذي يتم فيه تخصيص جزء كبير من ميزانية الدولة فى مشروعات رفاهية يمكن تأجيلها لمواجهة الطلبات الملحة والضرورية للمواطن العادي ولاشك أن تدخل القيادة السياسية لإصلاح تلك الأوضاع سوف ينزع الفتيل عن انفجار يمكن حدوثه فى أي وقت وبدون ذلك فسوف تدخل مصر فى نفق مظلم لا يعلمه إلا الله ولا يتمناه أي مصري غيور على وطنه .
مصطفى عماره
إرسال التعليق