مع استمرار ازمة تشكيل الحكومة الاسرائيليه الجديدة
اللواء الدكتور / محمد ابو سمره رئيس تيار الاستقلال الفلسطينى وعضو المجلس الوطنى الفلسطينى فى حوار خاص
اتوقع تغيير فى سياست حكومة الكيان الصهيونى فى حالة تمكن حزب ازرق وابيض من تشكيل الحكومة وتراجع نواب حزب التجمع الديمقراطى فى القائمة العربية المشتركة اعطى نتنياهو فرصة تشكيل الحكومة
لا اعتقد قيام الولايات المتحدة باعلان صفقة القرن بشكل صريح رغم ان الكثير من بنود الصفقة تم تطبيقها على ارض الواقع
فى الوقت الذى يسود الغموض تشكيل الحكومة الاسرائيلية الجديدة فى طل تقارب الاصوات بين حزبى الليكود وحزب ازرق وابيض خاصة بعد تراجع نواب حزب التجمع الديموقراطى فى القائمة العربية عن تأييد حزب ازرق وابيض زهز ما اعطى فرصة لنتنياهو لتشكيل الحكومة الجديد ادلى اللواء الدكتور / محمد ابو سمرة رئيس تيار الاستقلال الفلسطينى وعضو المجلس الوطنى الفلسطينى بحوار خاص تناول فيه وجهة نظره عن نتائج الانتخابات الاسرائيلية وتأثيرها على سياسة اسرائيل فى المستقبل وكذلك الاوضاع على الساحة الفلسطينية وفيما يلى نص هذا الحوار
1ــــــ كيف ترى تأثير نتائج الانتخابات الإسرائيلية على الأوضاع السياسية في إسرائيل والمنطقة ؟
ــــ أحدثت نتائج الانتخابات الأخيرة ما يشبه الزلزال السياسي والاجتماعي في الكيان الصهيوني ، حيث تفوَّق حزب يميني جديد ، على حزب الليكود اليميني التاريخي ، ولأول مرة في تاريخ الكيان الصهيوني تشهد الساحة السياسية هذا الحجم الكبير من الانقسام في أوساط اليمين الصهيوني ، وكشفت نتائج الانتخابات عن المزيد من الانحدار للمجتمع الصهيوني نحو التطرف واليمينية والغلو والعنف والتوحش ، ودخل النظام السياسي الصهيوني في مأزقٍ كبير ليس معروفاً المدى الذي يمكن أن يصل إليه ، في المقابل فقد استعادت القائمة العربية المشتركة وهجها وقدرتها على التأثير السياسي ، حيث فازت بثلاثة عشر مقعداً ، وأصبحت القوة الثالثة في الكنيست ، ومن الممكن أن تصبح هي زعيمة المعارضة البرلمانية ..
2ـــ هل تتوقع تغيير في السياسة الإسرائيلية في حالة نجاح حزب الجنرالات في تشكيل الحكومة الجديدة ؟
رغم أنَّ المسافة الأيديولوجية والسياسية والبرامجية ليست بعيدة كثيراً بين حزبي (الليكود) و( أزرق أبيض ) ، ولكن من المتوقع حدوث تغيير في سياسات حكومة الكيان الصهيوني ، في حال تمكن حزب ( أزرق أبيض ) من تشكيل الحكومة ، وبالتأكيد أنَّ سياساته ستختلف عن سياسات الليكود ونتنياهو في الكثير من الملفات والقضايا ، ويمكنه أن يبدأ مسيرة مفاوضات جديدة مع القيا\ة والسلطة الفلسطيني لإيجاد حلول للمأزق السياسي الذي صنعه نتنياهو في العلاقة مع السلطة الفلسطيني ، وفي ملف عملية التسوية والمفاوضات مع الفلسطينيين ، وليس مستبعداً أن ترفع حكومة الجنرالات (الفيتو) عن تنفيذ المصالحة الفلسطينية وانهاء الانقسام الفلسطيني ، والسماح بعودة السلطة الوطنية الفلسطينية لقطاع غزة ، أو عودة القطاع لحضن النظام السياسي الفلسطيني والشرعية الفلسطينية ، لأنَّ استكمال أو اتمام عملية التسوية مع السلطة الوطنية الفلسطينية يجب أن تشمل القدس الشرقية المحتلة والضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة المحاصر والمنكوب ، والمنفصل جغرافياً وسياسياً عن الضفة الغربية المحتلة والقدس وعن النظام السياسي الفلسطيني الشرعي في الضفة الغربية والمعترف به عالمياً وعربياً وإقليمياً وإسلامياً ، وكذلك من الكيان الصهيوني بموجب اتفاقيتي أوسلو، وقد تسعى الحكومة الصهيونية الجديدة بقيادة الجنرال غانتتس إلى تقديم تسهيلات معيشية واقتصادية للفلسطينيين في الضفة والقطاع لمنع الانفجار الشعبي الذي يتوقعه الجميع ، خصوصاً في ظل تدهور الأوضاع الإنسانية والمعيشية والاقتصادية والسياسية في قطاع غزة ، نتيجة السياسات المتطرفة والعدوانية لنتنياهو تجاه القطاع ، واستمرار الحصار الصهيوني الظالم للقطاع للعام الثالث عشر على التوالي .. ولكن ، ليس من المتوقع حدوث تغير كبير في ملف الاستيطان والتهويد ومصادرة الأراضي في الضفة الغربية المحتلة ..
3ــــــ كيف ترى تأثير الأصوات العربية في وصول حزب الجنرالات إلى سدة الحكم ؟
من الواضح أنَّ الناخبين الفلسطينيين العرب بالداخل الفلسطيني المحتل قد صوَّتوا بكثافة واضحة تجاوزت نسبة المشاركين في الانتخابات بالدورتين السابقتين ، وبلغت نسبة المشاركين بالتصويت هذه المرة قرابة 60%، مما جعل القائمة العربية المشتركة تفوز بثلاثة عشر مقعدا ، ولو زادت نسبة المشاركين بالانتخابات عن ذلك لنالت القائمة العربية المشتركة خمسة عشر مقعداً أو أكثر ، وفيما لو كانت المشاركة العربية بالانتخابات أكثر فيمكن للفلسطينيين العرب الفوز الكبير نيل مالا يقل عن عشرين مقعداً بالكنيست ، وحينها سيصبحوا ثقل وقوة في غاية الأهمية ، وستكون لهم المقدرة على التأثير بشكلٍ أو بآخر على النظام السياسي في الكيان الصهيوني ، ولن تتمكن أية كتلة برلمانية من تشكيل الحكومة دون نيل موافقة ودعم الكتلة النيابية العربية الفلسطينية ، وما حدث هذه المرة أنَّ القائمة العربية المشتركة وضعت أمامها إسقاط نتنياهو وإنهاء مرحلته السياسية هدفاً رئيساً ، تمهيداً لمحاكمته بتهم الفساد والرشوة ، ولذلك فقد رفعت توصية القائمة خلال لقائها مع الرئيس الصهيوني لتكليف غانتس وكتلته البرلمانية ( أزرق أبيض) ، لتشكيل الحكومة المقبلة ، وقد قمت القائمة التوصية بكامل أعضائها ، ولكن عندما تبين أنَّ حزب ( أزرق أبيض ) ، حصل على 57 صوتاً لتشكيل الحكومة ، مقابل 55صوتاً لنتنياهو ، تراجع النواب الثلاثة الذين يمثلون (حزب التجمع الوطني الديمقراطي ) في القائمة العربية المشتركة ، وهو الحزب الذي أسسه في السابق عزمي بشارة المقيم حالياً في قطر ، وتراجع هذا الحزب عن التوصية بغانتس ، جاء بإيعاز واضح من قطر لإنقاذ نتنياهو ومنحه طوق النجاة وفرصة تشكيل الحكومة ، لكي لا تتم عدم محاكمته ، وبالتالي فقد أصبح نتنياهو والليكود يحوزان على 55 صوتاً ، مقابل 54 صوتاً لغانتس وأزرق أبيض ، مما دفع بالرئيس الصهيوني إلى تكليف نتنياهو بتشكيل الحكومة ، ولكن كافة المؤشرات تقول بأنَّ نتنياهو سيفشل في تشكيل الحكومة ، ولن ينجح أيضاَ في تشكيل حكومة وحدة وطنية ، وسوف يعيد التكليف إلى الرئيس الصهيوني ، ولن يتمكن من الافلات من المحاكمة والسجن بتهم الفساد والرشوة واستغلال المنصب ، ولكنه يحاول المستحيل من أجل دفع الأمور في الكيان الصهيوني نحو إجراء انتخابات ثالثة ، وإن حدث ذلك ، فهذا يعني أنَّ الكيان الصهيوني ونظامه السياسي قد دخل في مأزقٍ لا فكاك منه ، وستكون هذه هي المرة الأولى في تاريخ الكيان الصهيوني التي يتم فيها اجراء الانتخابات النيابية ثلاث مرات ..
4ــــــ كيف ترى مستقبل المصالحة الفلسطينية خاصة بعد فشل جهود الفصائل الفلسطينية في تحقيقها ؟
للأسف حالياً ـــــ ولأسباب كثيرة وعديدة لايسمح المجال هنا لشرحه وتفصيلها ــــ المصالحة متوقفة ومُجمَّدة ، أو معطلة
( مؤقتاً ) ، ومازال الانقسام الفلسطيني المؤسف مستمراً ..!! ، وقد بذلت الشقيقة الكبرى مصر وستظل تبذل جهوداً مستمرة طيلة الوقت من أجل انقاذ وتحقيق المصالحة ، وضخ الحياة في الاتفاق الأخير الذي تم توقيعه في القاهرة في شهر أكتوبر / تشرين أول 2017 ، وتطبيق جميع ما جاء فيه ، وبنفس الوقت دوماً تعمل القاهرة على تقريب وجهات النظر بين حركتي فتح وحماس وجميع الفصائل الفلسطينية ، وتسعى لإزالة جميع العوائق وتذليل كافة العقبات التي تُعيق تنفيذ اتفاقية المصالحة ….
والجميع يعلم أنَّ هناك قوى إقليمية وعربية تسعى بشكلٍ دائم للتشويش على الدور المصري الداعم للمصالحة الفلسطينية والساعي لإنهاء الانقسام الفلسطيني إلى غير رجعة ، وتسعى هذه الأطراف أيضاً لمحاولة التشويش والتأثير على الاحتضان المصري للقضية الفلسطينية ولحقوق الشعب الفلسطيني ، ولكنَّ الشقيقة الكبرى مصر عملت وتعمل بإصرار وصبر وحكمة في ملف المصالحة الفلسطينية ، وستنجح في نهاية المطاف بإذن الله تعالى في تحقيق المصالحة الوطنية الشاملة ، وطي صفحة الانقسام البغيض ، وستبقى مصر الحاضنة والراعية والحرية على القضية الفلسطينية وعلى جميع الحقوق التاريخية المشروعة للشعب الفلسطيني ، وخصوصاًَ حقه في اقامة دولته المستقلة على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 ، وعاصمتها القدس الشريف
5ـــــ هل تتوقع أن تقوم الولايات المتحدة بالاعلان عن صفقة القرن قبل نهاية هذا العام ؟ وهل يمكن فرض تلك الصفقة على أرض الواقع ؟
لا أعتقد أنَّ الولايات المتحدة ستعلن بشكلٍ صريحٍ وواضحٍ عن صفقة القرن ، والموضوع أكثر تعقيداً مما يتصوره البعض ، رغم قناعتي أنَّ الكثير من بنود هذه الصفقة الشيطانية تم تطبيقها وتنفيذها على أرض الواقع ، ولكن الإدارة الأميركية كانت تركز في استعداداتها لإعلان وتنفيذ كافة بنود صفقة القرن ، بفوز حزب الليكود بالأغلبية في وتشكيل نتنياهو للحكومة الصهيونية القبلة ، وبالتالي بقاء نتنياهو رئيساً لحكومة العدو لربع سنوات مقبلة ، نظراً لكون الرئيس الأميركي دونالد ترامب يعتبره شريكه في عملية تصفية القضية الفلسطينية ، والسعي لإنهاء ملف الصراع العربي / الإسرائيلي على حساب الثوابت والحقوق الوطنية الفلسطينية ، ولكن مثلما أنَّ نتنياهو قد انتهت مرحلته ، فإنَّ مرحلة الرئيس ترامب هي الأخرى في طريقها نحو الأفول ، وهو إن تمكن من إكمال مدته الرئاسية دون أن يتم عزله ومحاكمته ، فبالتأكيد لن يتمكن من الفوز بمدة رئاسية جديدة ، ولن يكون مصيره السياسي بعيداً عن مصير شريكه نتنياهو ، فكلاهما ذاهبٌ إلى المحاكمة والسجن ..
6ــــــ هناك أنباء ترددت عن دور مصري في تحقيق التهدئة بين حماس وإسرائيل في مقابل تسهيلات حدودية ؟ هل ترى أن هذا الدور مرتبط بصفقة القرن ؟
تعتبر الشقيقة الكبرى مصر بالنسبة لنا الضمان الحقيقي والقوي والثابت والمستمر لبقاء القضية الفلسطينية حيَّة في وجدان ووعي وضمير الأمة العربية والإسلامية والعالم ، واستمرار المحافظة على المكانة الرئيسة والمركزية للقضية الفلسطينية لدى الأمة العربية والإسلامية ، وكذلك تقف مصر في خط الدفاع الأول عن كافة المصالح والثوابت والحقوق والمطالب الوطنية والقومية الفلسطينية ، وعلى رأس هذه الحقوق والمطالب حقنا الذي أقرته الشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة في تقرير المصير واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على كامل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 ، وعاصمتها القدس الشريف ، وكذلك تدعم مصر كافة مطالب ومشاريع وأنشطة وبرامج وجهود وسياسات القيادة الفلسطينية في كافة المحافل والمؤسسات العربية والإسلامية والإقليمية والدولية ، وهناك تعاون وتنسيق وثيق ومتين ودائم بين القيادتين الفلسطينية والمصرية ، وكل ما تقوم به الشقيقة مصر في أي مسألة من المسائل أو الشؤون الفلسطينية ، فإنَّ ذلك يتم بناءً على موافقة القيادة الفلسطينية ، والقيادتان الفلسطينية والمصرية حريصتان على حقن الدماء الفلسطينية ، وعلى التصدي لأية محاولة عدوان صهيونية ضد قطاع غزة خصوصاً ، وضد جميع المناطق والأراضي الخاضعة لولاية السلطة الوطنية الفلسطينية ، ونحن على ثقة تامة بالدور المصري تجاه كل ما يتعلق بالشؤون الفلسطينية ، وعلى ثقةٍ تامةٍ بأنَّ مصر ترفض صفقة القرن مثلما ترفضها القيادة الفلسطينية ومعهما جميع الفصائل الفلسطينية ، وجميع أبناء الشعب الفلسطيني داخل فلسطين المحتلة وفي المنافي وبلاد الشتات ..
ونحن نثمن للشقيقة الكبرى مصر ، ولفخامة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي ، وللحكومة المصرية ، وجميع الأجهزة السيادية ، مواقفهم البطولية الشجاعية التي يدعمون ويعززون من خلالها صمود ورباط وصبر وتضحيات وبطولات الشعب الفلسطيني وقيادته الشرعية ، وخصوصاً الصمود الأسطوري لفخامة الرئيس محمود عباس في مواجهة الجبروت والهيمنة والغطرسة الأميركية ، وتحديه للإدارة الأميركية برفضه صفقة القرن ، ورفضه أية حلول لا تعترف بالحقوق التاريخية الكاملة والمشروعة للشعب الفلسطيني ، وفي مقدمتها اقامة الدولة الفلسطينية في الضفة والقطاع وعاصمتها القدس الشريف ، وعودة اللاجئين إلى المدن والقرى والمناطق المحتلة عام 1948 ، وعدم السماح بأي نوع أو شكل من التقسيم الزماني أو المكاني للمسجد الأقصى المبارك ، واطلاق سراح جميع الأسرى الفلسطينيين والعرب من سجون العدو الصهيوني ، ولذلك فإننا نعتز باعتبارنا لفخامة السيد الرئيس عبد الفتاح حفظه الله ليس فقط زعيماً ورئيساً وقائداً لمصر ، إنَّما أيضاً زعيماً وبطلاً فلسطينياً عربياً وقومياً ، وهو بلا شك زعيم الأمة العربية دون منازع ..عاشت مصر الحبيبة وعاشت تضحياتها الباسلة وتضحيات شعبها وجيشها البطل من أجل فلسطين والأمة ..
7 ـــــ ما هي أبعاد التقارب الحالي بين حماس وإيران وانعكاساته على الأوضاع الداخلية والأوضاع في المنطقة ؟
ليست لدي صورة واضحة عن ذلك ، وهذا السؤال يمكنكم توجيهه للأخوة في قيادة حركة حماس والناطقين باسمها ..
8ـــ هل ترى أنَّ إيران يمكن أن تستخدم حماس كورقة ضغط في إطار نزاعها مع الولايات المتحدة ؟
لا أعتقد ذلك ، فإيران لديها الكثير من الملفات والأوراق والضغوط والأدوات والوسائل التي يمكنها من خلالها ممارسة الكثير من الضغوط على الإدارة الأميركية ، وهي لاعب إقليمي هام ، ليس من مصلحة أحد إنكار وجوده وتأثيره …
9ــــــ مع وصول العملية السلمية إلى طريق مسدود ، ومع استمرار سياسات إسرائيل في ضم أراضي الضفة ، ما هي رؤيتك للبدائل الفلسطينية لمواجهة تلك الأوضاع ؟
من المهم فهم ومعرفة أنَّ المفاوضات الفلسطينية الصهيونية ، واتفاق أوسلو ، وعملية السلام على المسار الفلسطيني ، وكذلك على المسار العربي ، لم ، ولن تنل الإجماع الوطني الفلسطيني والعربي عليها ، وهناك أغلبية فلسطينية وعربية رافضة لمسار التسوية السلمية للصراع العربي / الإسرائيلي ، وهناك قناعة جمعية فلسطينية ، أنَّ خيار التسوية على المسار الفلسطيني لم يعد أمراً ممكناً ، وأنَّ حكومات اليمين الصهيوني برئاسة شارون ، ونتنياهو ، دمرت حل الدولتين ، وجعلت منه أمراَ صعب التطبيق ، ومنذ عام 2000 وحكومات العدو الصهيوني تسابق الزمن لفرض وقائع جديدة على الأرض في القدس المحتلة والضفة الغربية وقطاع غزة ، تجعل استحالة تطبيق حل الدولتين ، وكل ما يُعرض على الفلسطينيين من اقتراحات وحلول تسووية ، هي دون حل الدولتين ، ولا يمكن لأي قائد أو مسؤول أو إنسان فلسطيني القبول به ، فما يُعرض هو دون الدولة ، وأكثر من حكم ذاتي ( حكم ذاتي موسع ) ، مع إبقاء القدس المحتلة بكاملها والمسجد الأقصى المبارك تحت السيطرة العسكرية الصهيونية الاحتلالية ، وعدم تفكيك المستعمرات الصهيونية في الضفة المحتلة ، هذا بالتزامن مع الاستمرار في مصادرة وتهويد أراضي وممتلكات الفلسطينيين في الضفة والقدس المحتلة ، وربط الكتل الاستعمارية الاستيطانية ببعضها البعض ، وعزلها عن المحيط الفلسطيني الجغرافي والديمغرافي ، والاستمرار في اقامة الجدار العنصري الفاصل الذي يفصل المدن والتكتلات السكانية الكبرى في الضفة المحتلة عن بعضها البعض ، وعن القدس المحتلة وقطاع والمناطق الفلسطينية المحتلة عام 1948 ، واستمرار فرض الحصار الصهيوني الظالم لقطاع غزة للعام الثالث عشر على التوالي .. وبالتالي لم يعد هناك أي أُفق للمفاوضات أو أي أمل في استئنافها من جديد ، وفي استئنافها ليس هناك من أمل أن تُفضي إلى شيء ، فسلطات الاحتلال ومنذ عام 1993 وحتى الآن ترواغ ، بل وتراجعت سلطات الاحتلال عن معظم ما تم الاتفاق عليه ، وصادرت ودمرت معظم ما تمكن الفلسطينيون من انتزاعه وتشييده ، وبات واضحاً ومكشوفاً للعيان أنَّ قادة الكيان الصهيوني أرادوا دوماً من وراء المفاوضات كسب وإضاعة الوقت لفرض وقائع جديدة على الأرض ، وتغيير التركيبة الديمغرافية للقدس المحتلة والضفة الغربية ، ولذلك فلابد لنا من مواجهة كل نتائج فشل عملية السلام ، واعادة احتلال العدو الصهيونية للضفة الغربية ، وفرضه الحصار الظالم على قطاع غزة ، وشنه الحروب والاعتداءات المتتالية ضد القطاع ، وممارسته أبشع اشكال الاعتداءات والتنكيل والاجرام ضد شعبنا في الضفة الغربية والقدس المحتلة ، واستمراره في عمليات مصادرة الأراضي وتهويدها ، والتمدد والتوسع الاستيطاني ، والمخططات الصهيونية الشيطانية لفرض التقسيم الزماني والمكاني في المسجد الأقصى المبارك ، ولكي نتمكن من مواجهة كافة المخططات والمشاريع الاجرامية الصهيونية ضد شعبنا ، لابد لنا من التوحد ، وانهاء وطي صفحة الانقسام الفلسطيني الأسود والاستجابة لكافة الجهود المصرية والالتزام بتنفيذ اتفاق القاهرة للمصالحة الذي تم التوصل إليه وتوقيعه في شهر أكتوبر/ تشرين أول 2017 ، وهناك لوضع خطط العمل اللازمة لإزالة كافة الآثار المأسوية والكارثية التي نتجت عن استمرار الانقسام اللعين على المستوى السياسي والاجتماعي والثقافي والفكري والإنساني والقانوني ، ووضع برنامج عمل وطني شامل لمواجهة عمليات العدوان المستمرة التي قوم بها العدو الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني والسلطة الوطنية الفلسطينية والأرض الفلسطيني ، وضد الحقوق الوطنية الفلسطينية …. ولابد لنا من البحث عن أدوات جديدة لحماية مقدساتنا وأرضنا ومدننا ومخيماتنا وقرانا ، وكذلك من أجل ضمان عدم تغيير التركيبة الديمغرافية في القدس المحتلة والضفة الغربية ، وجميع الأراضي الفلسطينية المحتلة ، ويجب ألَّ نسمح باي حالٍ من الأحوال بتغيير الهوية التارخية والحضارية العربية الإسلامية لفلسطين عموماً ، والقدس خصوصاً ، وكذلك علينا أن نعيد صياغة خطابنا الإعلامي والسياسي والثقافي والفكري الموجه للداخل الفلسطيني ، وللداخل الصهيوني ، وليهود العالم ، وكذلك للعالم العربي والإسلامي وللغرب والعالم ، وتقديم روايتنا التاريخية الدقيقة والشاملة للصراع العربي / الإسرائيلي ، و هناك ضرورة قصوى تستدعي وضع خطط واضحة للعمل الوطني الفلسطيني المشترك ، وتحديد الغايات والأهداف بمنتهى الوضوح ، وبالتالي اختيار الأدوات اللازمة والمناسبة لتحقيقها ، ووضع الأسس السليمة الجامعة لحماية وتطوير المشروع الوطني الفلسطيني ، وبمنتهى الوضوح أقول : أننا فلسطينياً في أمس الحاجة لصياغة برنامج عمل سياسي ونضالي شامل ومتكامل ينال الاجماع الوطني الفلسطيني ، يتم من خلاله تعزيز صمود شعبنا وصبره ورباطه ونضاله ، وتعزيز موقف الرئيس الفلسطيني والقيادة الفلسطينية ، لنتمكن من مواجهة كافة الأخطار التي تتهدد الشعب الفلسطيني وثضيته الوطنية العادلة ، فنحن شعبٌ مظلوم مضطهد مُحتل أرضه ووطنه ، ولابد له من رص صفوفه وتوحيد جهوده وقواه وفصائله وأحزابه وتياراته ، ليتمكن من التصدي للمؤامرة الكونية / الأميركية / الصهيونية ، التي تسعى لتصفية وجوده وقضيته ، وطرده من وطنه وأرضه ، ومصادرة حقه في الحياة والحرية والاستقلال واقامة دولتها المستقلة ، وتدمير مقساته وتهويدها ، وتغيير الوجه التاريخي الحضاري العربي الإسلامي لفلسطين المحتلة …. ولذلك فنحن نعتبر المصالحة الشاملة ، والوحدة الوطنية الكاملة ، خيارنا الرئيس للتصدي لكافة المخططات الصهيونية والأميركية التي تسعى لتذويب وتصفية قضيتنا ، وخصوصاً تصفية قضية اللاجئين وشطب حق العودة ، وتقسيم المسجد الأقصى المبارك زمانياً ومكانياً ، تمهيداً لتهويده وهدمه بالكامل .. نحن الآن أمام التحدي الأكبر في مسيرة قضيتنا وكفاحنا ونضالنا الوطني ، وبكل الأحوال نحن على ثقةٍ بشعبنا وأمتنا ، وعلى يقين بالنصر إن شاء الله تعالى ، لأنَّه الوعج الإلهي لنا كمسلمين وعرب وفلسطينيين ، وسنبقى حتى آخر فلسطيني وآخر قطرة دمٍ فلسطينية نقوم بواجبنا الوطني والقومي والنضالي ، حتى تحرير أرضنا ، واقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف ، وإنَّا لمنتصرون بإذن الله تعالى ….
حاوره مصطفى عمارة
إرسال التعليق