المختص بشؤون الاسرى، عبد الناصر فروانة، يوجه رسالة إلى الأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال الاسرائيل

المختص بشؤون الاسرى، عبد الناصر فروانة، يوجه رسالة إلى الأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال الاسرائيل

 

أخوتي ورفاقي الأعزاء..
أحييكم وأشد على أياديكم، وأنحني تقديراً أمام صمودكم وثباتكم، وأسجل اعتزازي بنضالاتكم وتضحياتكم، وفخري بانتمائي لقضيتكم التي هي قضيتنا جميعاً ونحن جزء أصيل منها، وحيث أتابع عن كثب تفاصيل حياتكم خلف القضبان، والتصعيد الإسرائيلي الخطير الذي أعقب عملية الهروب من نفق جلبوع، ارتأيت أن أخط لكم هذه الكلمات.
أخوتي ورفاقي الأعزاء..
لقد مثّلت عملية الهروب من سجن جلبوع الإسرائيلي، انتصاراً غير مسبوق للحركة الأسيرة، ونصراً أمنياً ونضالياً وسياسياً عظيماً للفلسطينيين. وفي المقابل، شكّلت ضربة قاصمة وهزيمة كبيرة للاحتلال وقيادته، وفشلاً ذريعاً وخطيراً لأسطورة المنظومة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية. لهذا ومنذ أُعيد اعتقال الأسرى الستة، كنت قد حذّرت من أن إجراءات دولة الاحتلال الإسرائيلي الانتقامية ليست عابرة، ولن تقتصر على الأسرى الذين نجحوا في انتزاع حريتهم، وإنما ستطال جميع الأسرى وسيستمر القمع والتضييق لفترات طويلة، سعياً منها لاستعادة هيبتها التي مرّغها الأسرى بالتراب، وترميم صورتها التي أغرقها هؤلاء في الصرف الصحي، ولتشويه صورة الفلسطيني المنتصر التي رسمها أولئك الأقمار الستة ومحو تأثيرها في الوعي الجمعي الفلسطيني ولدى العديد من الأحرار في العالم.
أخوتي ورفاقي الأعزاء..
لقد لاحظ كل إنساني وحقوقي وقانوني بأن دولة الاحتلال الإسرائيلي، لا تولي أي اهتمام لكرامة الإنسان الفلسطيني الأسير وحقوقه الأساسية، منذ أن بدأت احتلالها ومارست اعتقالاتها وأمعنت في انتهاكاتها لكل هذه الحقوق. ومنذ أن واصلت جرائمها الإنسانية بحق الأسرى والمعتقلين دون أن يردعها في ذلك حق أو عرف أو قانون، مما جعل من السجن الإسرائيلي نموذجًا تتجلى فيه الحالة الأسوأ في الاحتلال، على مدار التاريخ. وما حققته الحركة الأسيرة خلال العقود الماضية كان بفعل نضالات الأسرى وتضحياتهم الجسيمة، على قاعدة أن الحق ينتزع ولايوهب. وأن الحق الذي لا يستند إلى قوة تحميه فهو باطل في عُرف السياسة والقانون. وأنتم تملكون قوة الإرادة والعزيمة وعدالة القضية.
وبناءاً على ماسبق، فإنني أرى، بأن إدارة السجون الإسرائيلية لن تتراجع عن خطواتها بسهولة ولن تُعيد الأوضاع لما كانت عليه قبل عملية الهروب بمحض إرادتها، وهي ماضية في إجراءاتها التعسفية، ولن تتراجع عن سياستها القمعية دون مواجهة، ودون أن تُجبر على ذلك،ِ وما تُقدمه بين الفينة والأخرى من تجاوب هنا أو تراجع هناك، ما هو إلا إلتفاف على مطالبكم الأساسية ومحاولة لزعزعة وحدتكم وكسر إرادتكم وامتصاص غضبكم و إفراغ خطواتكم النضالية من مضمونها وإفشال إضرابكم الجماعي، وإسكات الأصوات المناصرة لكم والداعمة لحقوقكم والتي تقف لجانبكم في الخارج. لذا لا أرى جدوى من التلويح بالإضراب عن الطعام في ظل استمرار المفاوضات غير المجدية مع إدارة السجون في الوقت الحالي، وبدلاً من ذلك اقترح حسم الأمر نهائيا من الآن واتخاذ قرار بخوض الإضراب المفتوح عن الطعام بتاريخ 25 مارس الجاري، والاستمرار في الاستعدادات والتجهيزات داخل وخارج السجون، دون الالتفات لردود إدارة السجون خلال الأيام المقبلة.
أدرك، كما كل فلسطيني مرّ بتجربة الاعتقال ويتابع قضايا المعتقلين، كم هو خيار الإضراب صعباً، وكم هو اللجوء لهذا الخيار وخوض الإضراب عن الطعام مؤلماً وقاسياً. لكني أؤمن أن الإضراب مقاومة، ولا انتصار على المُحتل دون مقاومة. وقد حان الوقت لأن نرص الصفوف ونعيد الاعتبار لثقافة المقاومة الجماعية خلف القضبان في مواجهة السجان وبطشه، ذوداً عن كرامتنا ودفاعاً عن حقوقنا وانتصاراً لقضيتنا العادلة.
وهنا ليس بالضرورة أن يبدأ الإضراب بمشاركة شاملة لعموم الأسرى والمعتقلين، لكن من المهم أن نجسد وحدتنا، وأن يكون الحراك النضالي جماعياً، كما هو فعلنا الآن، وأن يبدأ الإضراب ببضع مئات تمثل كافة الفصائل الوطنية والإسلامية، في سجون عدة، ويتدحرج تدريجياً إلى أن يصل للإضراب الشامل مع حلول ذكرى يوم الأسير الفلسطيني.
إن الحراك الجماعي النضالي داخل السجون يشكل أساساً مهماً ومناسباً لاستمرار العمل المقاوم خلف القضبان، وأن التفاعل الخارجي مع ملفات الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين المتعددة يمكن أن يُبنى عليه ليشكل حاضنة سياسية وحقوقية وقانونية وجماهيرية وإعلامية للإضراب المفتوح عن الطعام كفعل مقاوم إن قرر الأسرى اللجوء إليه خلال الفترة المقبلة.