عودة أجواء يناير

عودة أجواء يناير


​قبل اندلاع ثورة يناير بفترة من زمن شهدت مصر تزايد الإحتجاجات الفئوية تمثل طبقات معيشية من تردي الأوضاع الاقتصادية والفساد الاقتصادي والسياسي بعد أن سيطرت طبقة من رجال الأعمال يقودها جمال مبارك واحمد عز وغيرهم من رجال الأعمال في ظل غياب الرئيس مبارك بفعل تردي أوضاعه الصحية والنفسية بعد وفاة حفيده الذي شكل وفاته ضربة قاسمة على صحة الرئيس الجسمانية والنفسية ، وقد عبر الشعب المصري عن نقمته على تلك الأوضاع عندما انتخب 88 عضوا من جماعة الإخوان المسلمين في البرلمان المصري ورغم أن الشعب المصري شعب متدين بطبعه إلا أنه لم ينحاز في أي وقت لتيار او جماعة دينية ولكنه كان تصويته لصالح جماعة الإخوان نكاية في نظام مبارك وكانت تلك النتيجة مؤشرها دم لرموز النظام فعملوا على تزوير الانتخابات التالية لعدم تمثيل المعارضة ومحاولة حجب الرأي الآخر للتستر على عورات النظام الفاسدة وكانت تلك الإنتخابات المزورة هي القشة التي قسمت ظهر البعير فلم تمضي أشهر قليلة حتى اندلعت ثورة يناير التي أسقطت مبارك والنظام كله وقبل فترة وجيزة من اندلاع تلك الثورة سألني أحد الأصدقاء باعتباري مطلع على الشأن السياسي عن توقعاتي للأوضاع في مصر فقلت له أن كل المؤشرات تدل على أن هناك ثورة قادمة وبالفعل حدث ما توقعت ولعل من اسباب فشل تلك الثورة أن الذين قاموا بها لم يكن لهم هدف سوى إسقاط مبارك ونظامه ولم تكن لهم رؤية للمستقبل القادم أو شخصية يلتفون حولها لقيادتهم نحو تحقيق آمالهم وأهدافهم وكان من نتيجة ذلك أن أنسحب الذين قاموا بالثورة بعد تحقيق هذا الهدف وتركوا الساحة لصراع القوى السياسية والجيش والذي استطاع في النهاية أن يحسم الصراع لصالحه لأنه كان يمتلك قوة السلاح ولأن الشعب المصري لم ينتمي لتيار معين فلقد وضع آماله في قواته المسلحة والتي قادها الفريق السيسي املأ في التغيير المرتقب ولكن مع مرور الوقت تبددت تلك الآمال مع زيادة تردي الأوضاع الاقتصادية والتي تمثلت في زيادة الأسعار بصورة لا مثيل لها وتبديد ثروات الدولة في مشروعات لن يستفيد منها إلا الطبقة الثرية بدلا من توظيفها في بناء مصانع ومشروعات يستفيد منها الشباب والطبقة الكادحة وبدلا من ذلك فلقد تم بيع المصانع التي تم بنائها من قوت الشعب وشكلت ثروته الحقيقية لبناء مستقبله كمصنع الحديد والصلب والكوك وغيرها من المشروعات العملاقة ولم يقتصر الأمر على ذلك بل تهاون النظام في التعامل مع قضية سد النهضة وهو الأمر الذي مكن أثيوبيا من الإنتهاء من المرحلة الأولى والثانية والثالثة من السد دون أن تحرك مصر وهو الأمر الذي يشكل تهديدا خطيرا لثروة مصر المائية والتي سوف تؤدي إلى بوار آلاف الافدنة وندرة المياه وهو ما دفع النظام إلى إقامة مشروعات تكلفت مليارات الدولارات لتوفير بدائل لمياه النيل ، ومع تردي الأوضاع الاقتصادية تفاقمت الديون الداخلية والخارجية حتى وصل الدين الداخلي إلى أكثر من 3 تريليون جنيه والدين الخارجي إلى 157 مليار دولار وهو ما وضع الدولة على مشارف الإفلاس ، وفي ظل تلك الأزمة الخانقة التي لم تشهد مصر مثيلاتها لجأت مصر إلى المؤسسات الدولية وعلى رأسها صندوق النقد الدولي والذي يعد مشروعا استعماريا تستخدمه الدول الاستعمارية وعلى رأسها الولايات المتحدة لفرض شروطها على الدول المدنية كما لجأت مصر إلى بيع أصول ومشروعات استراتيجية للبيع والذي يمكن أن تستخدمه دول بما فيها دول عربية لسيطرة إسرائيل من الباب الخلفي على الاقتصاد المصري وبالتالي السيطرة على القرار السياسي وهو الأمر الذي يعيدنا إلى الأجواء التي أدت إلى احتلال مصر من قبل بريطانيا والذي بدء بسيطرة الدول الغربية على الاقتصاد لسداد ديون بناء قناة السويس وإن كان الاحتلال تلك المرة سوف يكون احتلالا اقتصاديا للسيطرة على القرار السياسي ، وفي ظل تلك الأوضاع التي تنذر بأخطر الأوضاع بدأت الإحتجاجات تتسع فشهدت الفترة الماضية مظاهرات للنقابات ضد الفاتورة الإلكترونية كما عبرت فئات من الشعب عن احتجاجها على الأوضاع الحالية وهو الأمر الذي أعاد إلى الأجواء ذكريات ثورة يناير والتي سوف تكون أخطر من الثورة الماضية لأنها ستكون ثورة جياع تأكل الأخضر واليابس والتي سوف تعرض حاضر مصر ومستقبلها لافدح المخاطر خاصة في ظل تربص الدول المعادية التي تنتظر الفرصة للانقضاض على مصر لتنفيذ مخطط الشرق الأوسط الجديد ، فهل يدرك النظام وابواق النفاق التي تلتف حوله خطورة الوضع ويجري تصحيحه قبل أن تنفجر الأوضاع وعندئذ لن ينفع الندم ولن تجدي الدموع .

​ مصطفى عمارة

إرسال التعليق