بعد حصولها على جائزة لجنة التحكيم في أوسكار المبدعين العرب الشاعرة والأديبة السورية مجد غسان حبيب في حوار خاص

بعد حصولها على جائزة لجنة التحكيم في أوسكار المبدعين العرب الشاعرة والأديبة السورية مجد غسان حبيب في حوار خاص

 

– فوزي بجائزة لجنة التحكيم في أوسكار المبدعين العرب هو بمثابة شرف لي مقدم من مصر الحضارة .
– لم أجد أي صعوبة في كتابة الرواية نظرا لما امتلكه من مخزون لغوي كبير .

لم يكن حصول الشاعرة والأديبة السورية مجد غسان حبيب على جائزة لجنة التحكيم في أوسكار المبدعين العرب عن روايتها انشطار مغفرة من بين آلاف الروايات من كافة الدول العربية محض مصادفة فلقد استطاعت تلك الأديبة الموهوبة بأسلوبها الراقي الذي يجمع بين عمق الفكرة ورقة المشاعر والحبكة الدرامية الرائعة أن تعرض نفسها كأديبة موهوبة على اختيارات لجنة النقاد الذين رشحوها لتلك الجائزة ، وفي خضم تألقها اللافت للنظر على الساحة الأدبية كان لنا معها هذا الحوار :-

​1- ماذا يمثل فوزك بجائزة لجنة التحكيم في أوسكار المبدعين العرب عن رواية انشطار مغفرة؟ وهل تعد تلك الجائزة نقطة انطلاق جديدة في مسيرتك الأدبية ؟ وما هي القضية التي عالجتيها في تلك الرواية؟ وعلى أي أساس منحتك لجنة التحكيم تلك الجائزة ؟
بالنسبة لفوزي بجائزة لجنة التحكيم في أوسكار المبدعين العرب هو بمثابة وسام شرف لي مقدّم من مصر الحضارة والعراقة.
فوز رواية “انشطار مغفرة” من بين آلاف الروايات من كافة الدول العربية هو تتويج أفتخر به، وحافز كبير لي كي أعطي أفضل ما لدي، وإنها بالطبع نقطة مهمة في تطوير مسيرتي الأدبية.
أما بخصوص القضية التي تعالجها الرواية فهي قضية متفرعة إلى عدة قضايا، فهي رواية اجتماعية وجدانية عاطفية تحمل أبعاداَ نفسية، تحتوي على شخصيات أساسية وثانوية، تجري أحداثها في دمشق قبل الأزمة السورية ، و تمتد الى السنوات الأولى للأزمة، تتناول تغيرات الأقدار وتقلباتها، و تلقي الضوء على ملاحقة الخطيئة للإنسان، واقتصاص الله حتى بعد مضي سنوات طويلة، وأنه لا بد أن يدفع ثمن ما اقترفته يداه، تحكي عن الرجولة في أسمى معانيها، وعن الوفاء والخيانة و اختلاف رؤية كل شخص لمفهوم الغفران.
وأعتقد أنّ لجنة الأوسكار وجدت فيها رواية مكتملة العناصر، قوية السرد والحبكة، و يبرز فيها عنصر التشويق، إلى جانب اعتنائي بسلامة لغتها .

​2- بدأتي رحلتك الأدبية بصدور ديوانين في الشعر والنثر تحت عنوان ذاكرة الأيام ودهر صامت ، فما هي الأسباب التي دفعتك للتحول من كتابة الشعر والنثر إلى كتابة الرواية ؟
بالفعل بدأت مسيرتي الكتابية بإصدار كتابين في النثر عام ٢٠١٦ و ٢٠١٧ ” ذاكرة الأيام”، “حكايات دهر صامت” وهما حصيلة محاولاتي الكتابية في عمر صغير، حيث بدأت الكتابة ولمّا أتجاوز المرحلة الثانوية، كنت أكتفي بنشرها في الجرائد المحلية، حتى أصبح في رصيدي الكثير من المقطوعات النثرية، فوجدت أنه من الأنسب جمعها في كتابين للحفظ، وتحولي إلى كتابة الرواية ليس تحولاً فورياً ولا هو قرار مفاجئ، إنما كان لديّ محاولات عديدة سابقة لما أمتلكه من خيال واسع وأفكار كثيرة بحاجة للتسخير في أعمال أدبية تشكل لوحات فنية أدبية.
وشعرت أن الرواية تعطي الكاتب مساحة أوسع وفضاء أرحب للتعبير، ولإيصال أفكاره دون قيود، فهي تؤثر في النفوس ، و تتآلف مع العواطف بحيث أن بعض القراء يتقبلون فهم قضاياها لأنها جاءت بهيئة جمالية، تحاكي مشاعرهم، بخلاف المقالات والخطابات الجافة.

​3- وهل وجدتي صعوبة في هذا التحول ؟
لم أجد أية صعوبة في كتابة الرواية، قد يكون بسبب ما أمتلكه من مخزون لغوي كبير أستجمعه من سنوات طويلة في القراءة، فأنا قارئة ممتازة، و أمتلك خيالاً واسعاً هو العامل الأساسي في عقلية القاص أو الروائي.

​4- بمن تأثرتي في مجال الكتابة ؟
قرأت لمعظم الكتّاب، وأطلعت على الآداب العالمية والعربية، تعمقت ببعضها، وبعضها لم يترك أثراً في نفسي ، حاولت اجتناب الكثير من الأشياء التي كانت تزعجني كقارئة، وتعلمت من البعض العناصر التي تعمل على إنجاح العمل الروائي، لم تتأثر كتاباتي وتنتهج أسلوب أي أديب، فالتقليد يفقد الكاتب تميزه، ولكل أديب أسلوبه الخاص ونكهة حروفه التي لا تشبه غيرها، أما أكثر الأدباء الذين قرأت لهم بمتعة وحب فكثيرون ، وبالدرجة الأولى الكاتب والناقد اميل زولا ،و ديستويفسكي، وتشيخوف ،ونجيب محفوظ ،وعبده الخال.

​5- يقال أن الكتابة الأدبية هي نتاج تجربة ، فهل كانت كتاباتك الأدبية نتاج تجربة معينة أثرت في حياتك ؟
الكتابة الأدبية نتاج فكر خصب، قادر على استخلاص الأفكار والقضايا والحلول من تجارب الأديب التي يعيشها أو يسمع بها، فالتجارب الإنسانية والأحداث الكثيرة تختزن في باطن عقل الكاتب لتجد عملاً فنياً مناسباً لطرحها.

​6- وكيف أثرت دراستك للفلسفة على أسلوبك الأدبي ؟
الفلسفة أم العلوم والرواية جزئية تتبع الأدب، وكما نعلم أن النفس الإنسانية بحر الفلسفة والفلسفة لغة العقل والروح.
ومن وجهة نظري الروايات الأكثر تأثيراً تلك التي تحمل بعداً فلسفياً والتي تحاول إخضاع العمل الروائي المشوب بنفحات الخيال في خدمة رؤية فلسفية ذات فائدة عظيمة.

​7- يلاحظ أن الكثير من رواياتك يحمل نبرة الحزن أو الغموض أو الحنين إلى الماضي ، فما أسباب ذلك ؟
أحاول جاهدة أن أواري نبرة الحزن من صفحات رواياتي لكن دون جدوى، فالمواطن العريي مهما كانت صفته فقد جُبل على الحزن لما تتعرض له أوطانه من مؤامرات ونوايا خبيثة لدفن حضاراته، وإخماد كل جمال فيه، يحزننا أن نُسلب أمجادنا، ويُطمس تاريخنا وتراثنا الحضاري، يُبكينا أن نرى أبناء عروبتنا يتضورون فقراً و تعباً و فقداً .
حاولت كثيرا أن أجعل حروفي تضحك، لكن القارئ أذكى بكثير من أن تخدعه برسم ضحكة تخفي وراءها أوجاعاً كثيرة.

​8- في ظل الظروف الدقيقة التي تعيشها سوريا كيف كان لتلك الظروف تأثير على كتاباتك الأدبية ؟
الأزمة التي مرت بها بلدي لها وقع أليم في نفسي كأي مواطن عربي سوري، ولا يخفى في أغلب أعمالي الروائية الاستنكار و الصراخ والتوجع لما آلت إليه مصائرنا.

​9- مع انتشار استعمال وسائل التواصل الاجتماعي والاتجاه الي الإنترنت هل كان انتشار تلك الوسائل تأثير سلبي على القراءة ؟ وهل تراجع دور الكتاب ؟
أنا شخصيا أؤيد انتشار المواقع الإلكترونية لعدة أسباب، بالرغم من أنني أحبذ قراءة الكتاب الورقي، لكن من أهم الأسباب التي أراها إيجابية في الانترنت هو الدعاية والإعلان والانتشار الواسع للكتاب في ظل أزمة اقتصادية جعلت من العسير اقتناء الكتب الورقية ،بالإضافة إلى ندرة توفرها.
فلم يعد هناك صعوبة بقراءة أي كتاب من المواقع الإلكترونية الأدبية.

​10- في النهاية ما هي مشروعاتك واحلامك في المرحلة القادمة ؟
مشروعاتي أن استمر وألا أتقاعس عن الكتابة، وأن أصبح أكثر شمولية وإلماماً بالقضايا الهادفة التي تخدم البشرية، فالأدب كان ولا زال هو فن لتحسين العالم، أما عن أحلامي فقد تلخصت بعودة أوطاننا لسلامها و أمانها واستقلالها، و قدرتنا في المراحل القادمة على إعادة تطويرها والمشاركة بإنمائها.”

حاورها/ مصطفى عمارة

إرسال التعليق