قضية فلسطين والخيانة العربي
كتب مصطفى عماره
على الرغم من تواطئ القوى الكبرى وعلى رأسها بريطانيا بعد منحها وعد بلفور بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين فكان وعد من لا يملك لم لا يستحق فإن هزيمة العصابات الصهيونية على الرغم من دعم الدول الكبرى لها بالمال والسلاح كان أمرا ممكنا لولا خيانة الحكام العرب بدء من الملك عبدالله ملك الأردن الذي باع اللد والرملة لإسرائيل فضلا عن وجود شبهات حول قيام الملك فاروق بإعطاء الجيش المصري الأسلحة الفاسدة والذي كان قاب قوسين أو أدنى من الاستيلاء على تل أبيب ، وعقب ثورة يوليو وتولي الزعيم الراحل عبد الناصر بدأت مصر تعيد تنظيم صفوفها بإقامة قاعدة صناعية وإقامة جيش وطني قوي استعدادا للمعركة الفاصلة مع إسرائيل لتحرير فلسطين إلا أن عدم كفائة قيادات الجيش وخيانة النظام البعثي في دمشق والذي أثبتت الوثائق أنه باع هضبة الجولان لإسرائيل فضلا عن رفضه ضرب المطارات الإسرائيلية أثناء اغارتها على المطارات المصرية ساهم في حدوث تلك النكسة التي لا نزال نعاني منها حتى الآن ورغم ذلك فلقد رفض عبد الناصر الاستسلام وقرر إعادة بناء الجيش لإزالة آثار العدوان ورفض الدخول في حل منفرد مع إسرائيل مؤكدا أن الضفة الغربية قبل سيناء والجولان قبل سيناء لادراكه أن أحد أهداف إسرائيل من وراء هذه الحرب هو سلخ مصر عن الجسم العربي والانفراد بكل دولة عربية على حدة مع وضع مصر كهدف أساسي لأنها تدرك أن إسقاط مصر ونهايتها هو نهاية كل العرب وقد تأكد هذا في حرب أكتوبر التي خاضتها مصر وسوريا بتضامن عربي لم يتحقق عبر عهود بعيدة وكان يمكن للسادات ان يستغل هذا النصر ببناء عالم عربي واحد يستطيع أن يشكل تكتل في مواجهة إسرائيل ومن هم وراء إسرائيل إلا أن ضيق أفق السادات وسعيه نحو تحقيق نصر شخصي دفعه إلى تحقيق صلح منفرد مع إسرائيل بعد أن تعرض لخديعة الولايات المتحدة والتي أغرقت عليه المليارات لعقد هذا الصلح إلا أن تلك المليارات لم تغير حياة المصريين التي ازدادت فقرا لأن تلك المعونات ذهب معظمها كعمولات للخبراء ومشروعات خدمية في مقابل ذلك تخلت مصر عن قاعدتها الإنتاجية التي بناها عبد الناصر من خلال خصخصة القطاع العام لمجموعة من رجال الأعمال التي نهبت ثورة مصر وبعد أن حقق السادات الأهداف التي سعت أمريكا وإسرائيل إلى تحقيقها تخلصت منه عبر مؤامرة مشبوهة كان ظاهره الجماعة الإسلامية ولكن كان يقف ورائها المخابرات الأمريكية لأن أمريكا عادة ما تتخلص من عملائها بعد أن يحققوا أهدافها كما حدث مع شاه إيران وهو ما أكده د. مصطفى الفقي المستشار السياسي السابق للرئيس مبارك عندما أكد أن مصر لن يحكمها بعد كامب ديفيد إلا شخصية ترضى عنها أمريكا وإسرائيل وهو الأمر الذي تحقق فيما بعد ليس فقط في مصر بل في العالم العربي كله فلم تستطيع مصر أن تتخذ موقفا حازما تجاه القضايا التي تهدد أمنها القومي خوفا من الغضب الأمريكي الذي كبل الاقتصاد المصري بالقروض والمعونات التي اثقلت كاهل مصر والمصريين حتى أصبحت مصر على حافة الإفلاس وأصبح معظم الشعب المصري تحت خط الفقر مع استشراء الفساد والمحسوبية وكما قال الشيخ الشعراوي رحمه الله أن من لا يملك قوته لا يملك حريته فلقد تقاعست مصر عن الدفاع عن أمنها القومي كما حدث في قضية سد النهضة ولم تتحرك للدفاع عن قضية فلسطين تاركة إسرائيل تعربد في الأراضي الفلسطينية تقتل الأبرياء وتنتهك المقدسات كما وقفت موقف المتفرج والدول العربية تطبع علاقاتها الواحدة تلو الأخرى مع إسرائيل وكان آخرها السودان رغم ما يشكله ذلك من تهديد خطير للأمن القومي المصري ولم تتحرك الولايات المتحدة او الدول الخليجية المطبعة لإنقاذ مصر من تلك الكارثة التي تواجهها ، وفي النهاية وكما حدث مع الرئيس السادات فسوف يواجه الحكام العرب المطبعين نفس مصير السادات لذا فإن الحكام العرب يجب أن يتعلموا من دروس التاريخ ويدركوا أن الأمان الحقيقي لهم في الرهان على الشعوب وهذا لن يتحقق سوى بالعدل وتقوى الله ولتكن لنا عبرة في الخليفة العادل عمر بن الخطاب عندما جاءه رسول الله ووجده نائما تحت الشجرة فقال مقولته الشهيرة حكمت فعدلت فأمنت فنمت يا عمر
إرسال التعليق