إيران… دوران في دائرة المراوغة
كتب مصطفى عماره
اعاد التلفزيون الرسمي الايراني بث التصريحات التي ادلى بها ابراهيم رئيسي خلال الاجتماع الأول للمجلس الأعلى للرخاء والضمان الاجتماعي الذي انعقد في 24 فبراير الماضي، والتي اعتبرت مناقشة القضاء على الفقر المدقع من الواجبات، وتضمنت تشديدات على ان لا ينام احد “الليلة وليس ليلة الغد” دون عشاء.
اكد الوزراء يومها بأنهم أعدوا الخطط لتنفيذ الأوامر، وتعهدوا بالقضاء على أي أثر للفقر في اقرب وقت، لكن معدل “الفقر المطلق” ارتفع من 27٪ إلى 37٪ خلال العام ونصف العام التي قضاها رئيسي في الرئاسة.
لم تكن اعادة بث التصريحات من باب الاستهزاء برئيسي وفضح ألاعيبه ووعوده الجوفاء، فمن المعروف ان اجهزة دعاية النظام خاضعة لاوامر الولي الفقيه، وبالتالي لا يبقى غير تفسير واحد وهو محاولة صب الماء على النار من خلال الايحاء للناس بان النظام لم ينس فقرهم، لا سيما وان هناك 80٪ من الايرانيين يعيشون تحت خط الفقر و 40 ٪ يواجهون صعوبة في الوصول الى الكفاف للبقاء على قيد الحياة.
ترجح هذا التفسير تصريحات الملا محمد محمدي كلبايكاني رئيس مكتب الولي الفقيه في مقابلة اجرتها معه وكالة انباء الحرس، قدم خلالها شرحا عن حياة خامنئي البسيطة ـ ابناءه المستأجرين، عدم امتلاكه ممتلكات دنيوية، وانفاقه من عطايا وهبات المريدين والمقلدين ـ ليصل الى حزن خامنئي على الناس واوامره للمسؤولين بالاهتمام بهم وبسبل عيشهم.
عندما نضع تصريحات كلبايكاني بجانب البرنامج التلفزيوني، يمكننا ان ندرك تركيز خامنئي على الاحتفاظ بحكمه المهتز، خوفه من انفجار اجتماعي، تلقيه تحذيرات من تبعات استمرار الانتفاضة، لم تكن اخرها توقعات حسين راغفر باندلاع أزمات أعمق وأوسع مما حدث في النصف الثاني من عام 1401 الإيراني، وترجيحاته بتفاقم الاوضاع خلال الشهرين الثالث والرابع من العام الإيراني الجديد 1402، إذا لم يتوفر التصميم السياسي الجاد على الإصلاحات الاقتصادية.
وترى المقاومة الإيرانية أن سبب الأزمة الاقتصادية يكمن في الفساد والنهب الحكومي.
اللافت للنظر ان جريدة “جمهوري اسلامي” الرسمية قدمت اجابة واضحة على فرضيات الجدية والتصميم، باشارتها الى ان تصريحات المسؤولين في الاسبوعين الاولين من العام الجديد تؤكد على انهم لا يعتزمون التخلي عن سياساتهم الفاشلة، فيما شددت صحيفة شرق الحكومية على انعدام الأفق الواضح لحل المشاكل الاقتصادية أو إصلاح الأمور.
لا يجد نظام الملالي غير الدوران في دائرة مراوغة الايرانيين، واعادة انتاج الاوهام بعد استهلاكها، في الوقت الذي يؤكد خبراءه الاقتصاديون على قرب الانفجار، والفشل في تدارك الموقف في حال خروج الجياع الى الميادين والشوارع، اذا لم يستطع الولي الفقيه التخلي عن سياساته الفاشلة، ووضع تصورات للاصلاح.
إرسال التعليق